
وقفت عقارب الساعة في اليمن، وهناك بالطبع من يريد لها أن تتوقف حتى حين. الحديث هنا يدور عن قلة منتفعة ارتهنت البلد ومستقبله لخدمة مصالحها، وهى الآن تعمل جاهدة على النفخ في صورة الرئيس على صالح، الذى لا أحد يعلم حتى الآن حقيقة وضعه الصحى، في حين أجمع الشعب الثائر على جعل ملف هذا الرجل وراءه.
لكن السؤال هو ماذا تبقى من هذا النظام إذا كان رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيسا مجلسى النواب والشورى، والعديد من وزراء ومستشارى ومسئولى النظام على فراش المرض، إن لم يكن الموت. ثم يتبجحون بالحديث عن دولة المؤسسات في غياب أى فاعليات رسمية لنقل الصلاحيات وتفويض المهام على أى مستوى. فمن يحكم البلد إذن؟
إن بقاء الأمور كما هى عليه رغم كل هذه المعطيات لا يمكن أن يحدث إلا في اليمن، والسبب ببساطة أن المواطن اليمنى اعتاد طوال الحقبة الماضية على العيش بمعزل عن الدولة والنظام، فهو يعتقد جازما أن هؤلاء المسئولين لا محل لهم سوى شاشات التلفاز وقاعات المهرجانات والاحتفالات، في حين يتفرغ هو لتوفير متطلبات حياته والقيام بالوظائف التى هى في الأصل من واجبات الدولة كتوفير الماء والكهرباء ورصف الشارع في حيه ومنطقته وغيرها الكثير. وهو مقتنع بأن لهؤلاء المسئولين كل التبجيل والتوقير فهم أولياء النعم والأمر، وليسوا موظفين وجدوا لخدمته، بينما واجب المواطن الانحناء والإهانة والمذلة. هذه هى الصورة التى تعمل كل وسائل الإعلام الرسمية وأبواق النظام على ترسيخها طوال العقود الثلاثة الماضية، لذا فإن غاب المسئولون أو وجدوا ستبقى الأوضاع كما هى عليه.
لكن إذا كان كل هذا مفهوما قبل ثورة فبراير لا يمكن أن يكون مقبولا اليوم، فالشعب قد ثار على كل هذه الأوضاع المزرية ورفضها، ولا يمكن أن يقبل بقلة منتفعة تعبث بالبلاد وتحكم السيطرة عليها بواسطة الأجهزة الأمنية التى ورثتها دون وجه حق. وكيف لنا أن نتفهم أن تأتى القوى الدولية الكبرى تتوسل هذه الفئة لتقبل بتسليم الصلاحيات لنائب الرئيس، وكأن البلاد ملكهم ورثوها بما فيها، ولهم الحق وحدهم في تقرير مصيرها.
الصورة الحقيقية للأوضاع في اليمن اليوم أن هناك قلة منتفعة اختطفت البلاد والعباد رهائن حتى تحقيق مطالبها بترك حكم البلاد لها مدى الحياة، بينما الشعب يوجه نداءات الاستغاثة لكل المنظمات المعنية لحمايته من الأوضاع المأساوية التى يعانيها مع استمرار انقطاع التيار الكهربائى ونقص المياه والإمدادات الغذائية وانتشار عصابات القتل والبلطجة والقناصة في كل مكان. وما من مجيب.





