أزمة سياسية.. ثورة شعبية!

ما حدث في تونس ومصر وليبيا هي ثورات شعبية ضد القمع والاستبداد والديكتاتورية التي حكمت تلك البلدان فصادرت الحريات وكممت الأفواه وزورت إرادة الجماهير.

أما في اليمن فإن ما يجري هي أزمة سياسية نتج عنها ثورة شعبية . وهذه الأزمة السياسية بدأت في وقت مبكر منذ اللحظة التي تأسس فيها تحالف أحزاب اللقاء المشترك إدراكاً منهم أن مواجهة الحزب الحاكم بشكل انفرادي أمر لا جدوى منه.

وليس ببعيد عنا الحوارات التي كانت تجري حول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وقانون الانتخابات وغيرها من الأفكار والمقترحات من أجل تطوير العمل السياسي في اليمن ومروراً باتفاق فبراير وتفاهم 17 يوليو وما تلاه فإن الحزب الحاكم والمشترك لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق والذي تكلل بإجراءات انفرادية من قبل الحزب الحاكم في نهاية العام الماضي من تشكيل اللجنة العليا للانتخابات ومحاولة خوض الانتخابات بشكل أحادي حتى بدون مشاركة المعارضة . ولكن الثورات العربية في تونس ومصر ألهبت الحماس في اليمن والذي كان متقداً بفعل الأزمة السياسية وخطة التصعيد التي كانت قد بدأت بها المعارضة في شكل وقفات احتجاجية في مختلف المحافظات اليمنية.

وعليه فإن ما يجري في اليمن هي أزمة سياسية تطورت إلى ثورة شعبية نتيجة لعدم الجدية في التوصل لحلول من خلال جولات الحوار المكوكية التي فشلت فشلاً ذريعاً . وأثناء تفجر الاحتجاجات في اليمن أعلن الرئيس عن مبادرات وتنازلات وتعهدات طيبة جداً وممتازة ولكن انعدام الثقة كان كفيلاً بالقضاء على أي فرصة في إجراء حوار ولو من باب جس النبض واختبار النوايا لأن الجميع كان يراهن على عامل الوقت واقتناص اللحظة التاريخية والسياسية المواتية إقليمياً ودولياً لتحقيق فوزاً سياسياً بالضربة الثورية القاضية بعيداً عن النقاط التي قد تحصد من خلال جولات الحوار الطويلة والمضنية والتي قد لا تحقق الحد الأدنى من الطموحات.

ومن خلال ما سبق نحن نعيش ثورة شعبية في ساحات التغيير والحرية وأزمة سياسية في أروقة الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة . وحتى تهدأ الثورة الشعبية لا بد من حل أهم أسبابها وهو انعدام الثقة بين الحاكم والمعارضة في جدوى الحوار وذلك من خلال تقديم تنازلات فورية وعاجلة وبضمانات مكتوبة من الحزب الحاكم للمعارضة تبدأ بإجراءات نقل السلطة في إطار الحزب الحاكم وفقاً للمبادرة الخليجية وبيان مجلس الأمن ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية تدشن حواراً وطنياً واسع الطيف تحت سقف الثوابت الوطنية وهي الوحدة والنظام الجمهوري التعددي . ومن ثم الإعداد للاستفتاء والانتخابات.

في الختام لا يهمنا توصيف ما يحدث هل هي ثورة أم أزمة ولكن ما يهمنا هو النتائج التي ستؤدي إليها ؟ والأهم من ذلك أن يكون الوطن اليمني هو المستفيد من ذلك وليس الأحزاب أو القبائل و الأفراد.

حفظ الله اليمن.