
ليس من باب المبالغة ولا التجني أن الشخصية الشيعية تعيش وتعاني من انفصام شديد واضطراب كبير في حياتها ومعتقداتها وما تؤمن به، حيث نجد إن الغالب عليهم والسائد فيهم أن ما يعلنون عنه وما يظهرونه من أقوال وأفعال تختلف بصورة جذرية عما تؤمن وتعتقده وتدين به، ويظهر هذا الانفصام والتناقض في الجوانب الدينية والعقائدية بنفس الوضوح والذي يبرز في الجوانب السياسية والاجتماعية وكل ما يرتبط بالعلاقة مع الأخر والتعامل مع المخالف.
والذي يهمنا في هذه السطور هو التصرفات السياسية والمواقف العملية التي يمارسها الشيعة عموماً وإيران وحزب الله على وجه الخصوص، فأنت ترى وتسمع وسائل الإعلام الإيرانية والقيادات والزعامات الشيعية وهم يهاجمون الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، حتى يظن ويعتقد المتابع أن هناك عداءا حقيقيا واستراتيجيا بين الطرفين، بينما الواقع والوقائع والأحداث والحقائق تؤكد عكس ذلك، فهناك تحالف وثيق وتعاون كبير بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية (الشيعية) الإيرانية في الكثير من القضايا والعديد من الملفات والمواقف ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر التعاون والتحالف أثناء وبعد غزو واحتلال أفغانستان والعراق والجميع يعرف ويعلم الدور الكبير والهام والمحوري الذي قامت به إيران لمساعدة أمريكا باحتلال وتدمير هذين البلدين المسلمين.
وقد صرح محمد علي أبطحي مساعد رئيس الجمهورية الإيرانية السابق في إحدى الندوات قائلاً: لولا إيران لما استطاعت أمريكا احتلال أفغانستان والعراق، وأكثر من ذلك فقد ذكر الحاكم الأمريكي السابق للعراق (بليمر) في مذكراته أن المرجع الشيعي علي السيستاني تعاون مع الاحتلال الأمريكي لدرجة كبيرة وبصورة تدعو للاستغراب والتعجب وأكد الحاكم السابق للعراق أن أمريكا دفعت للسيستاني مبلغاً وقدره 200 مليون دولار مقابل سكوته عن الاحتلال وتبريره للوجود الأمريكي في العراق، وفي مقابل هذه المواقف الواضحة والممارسات الفاضحة، فإن تصريحات وأحاديث مكتب (السيد) السيستاني والقادة الإيرانيين ووسائل الإعلام الشيعية تذهب إلى النقيض من تلك الأفعال والممارسات، حيث تسمع التصريحات النارية والأحاديث العنترية لرفض الاحتلال الأمريكي والدعوات المتكررة لخروج المحتل وطرد القوات الأمريكية والتصدي للشيطان (الأكبر)!!
وإذا ما تركنا المواقف السابقة والتناقضات الماضية وتوقفنا عند الموقف من الثورات العربية سنجد انفصام الشخصية وازدواجية التعامل واضطراب الموازين في أبشع صورها وأسوأ مظاهرها، والمتابع للإعلام الإيراني والشيعي هذه الأيام وطوال الشهور الماضية يصاب بالغثيان والاشمئزاز من الخطاب المتناقض وازدواجية المعايير فهذه الوسائل الإعلامية وخاصة قناة العالم والمنار وإذاعة طهران تتحدث عن الثورات العربية تحت مسمى نهضة الشعوب الإسلامية وأنها حركات مباركة مستلهمة من الثورة (الإسلامية) في إيران وقامت ضد الأنظمة الاستبدادية والقمعية والعميلة لأمريكا والكيان الصهيوني..
ويتعمد الإعلام الشيعي والإيراني الإثارة والتحريض في تناوله لما يحدث في المنطقة والمبالغة في الدعوة لإسقاط الأنظمة وإحداث حالة من الفوضى والاضطراب في الدول العربية ويبرز الانفصام بوضوح ويظهر التناقض من مصر وتونس وليبيا واليمن إلى سوريا!!
عندها تتغير الأقنعة وتتبدل الأقوال وتنقلب المواقف رأساً على عقب بحيث تصبح الثورة السورية المباركة في نظر الزعماء الشيعة والإعلام الفارسي مؤامرة أمريكية ويصبح الشعب السوري الحر والثائر إلى عصابات إرهابية ومجاميع مسلحة تهدف إلى إسقاط دولة (المقاومة) ومنبع (الممانعة) والغريب –وما غريب إلا الشيطان الصغير- أن الثورات العربية الأخرى قامت ضد الهيمنة الأمريكية والأنظمة الاستبدادية بينما تتحول الثورة السورية إلى مؤامرة أمريكية وفي خضم هذا الخطاب السياسي والإعلامي المتناقض والمضطرب والمأزوم والطائفي لابد من إقحام المملكة العربية السعودية والتعريض بها والإساءة إليها بصورة مقيتة وطريقة خبيثة واتهامات باطلة وأحكام زائفة.
وهذا ما يفعله ويمارسه إعلام حزب الله واتباع نصر الله في لبنان، الوقوف مع النظام الدموي والقمعي والاستبدادي الحاكم في سوريا وضد الشعب السوري الحر والأبي، بل ويشارك (سيد المقاومة) في قمع وقتل الشعب السوري عبر فرق الموت والمقاتلين الذين يرسلهم نصر الله إلى المدن والمناطق السورية وبالتعاون مع الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية والمليشيات الشيعية القادمة من الأراضي العراقية.. أنها الطائفية المقيتة والعصبية المقيتة والنفسية المريضة.




