عرقلة الانتخابات.. جريمة سياسية وليس نضالاً

نسمع عن قوى سياسية وجماعات تنوي عرقلة سير الانتخابات الرئاسية وهذا في حقيقة الأمر يسيء إليهم كثيراً ويفقدهم المصداقية في تبني الديمقراطية وتشجيعها وتنميتها بل و يضعهم في نسق واحد مع الأنظمة الديكتاتوية المستبدة التي تبني كياناتها على مصادرة حرية الآخرين وتمنعهم من التعبير عن أرائهم بحرية وشفافية.

أي شخص أو جهة تمنع الانتخابات فهي تعبر عن سلوك إقصائي ديكتاتوري شمولي لأنها تفرض رأيها على حساب حرية الآخرين وآرائهم ولأنها تعرقل عملية ديمقراطية راقية وسلوك حضاري في التعبير عن الرأي واختيار من يحكم البلاد ويدير شؤونها السياسية والاقتصادية والأمنية.

من حقهم أن يقاطعوا الانتخابات ويتحفظون عليها ولكن ليس من حقهم منع أي شخص آخر من المشاركة والانتخاب بغض النظر عن الملاحظات القانونية و الدستورية و السياسية التي يسوقونها لأن الظرف الحالي استثنائي بامتياز وليس طبيعياً والدستور لم يعد المرجعية الوحيدة أمام القوى السياسية . الانتخابات لها مرجعية محلية وإقليمية ودولية وهي المبادرة الخليجية وآليتها وقرار مجلس الأمن والأهم هو توافق القوى السياسية بمعنى أنها تتمتع بشرعية التوافق الوطني ومادام هناك أي مخرج سيساهم في تجاوز الأزمة فلا بد أن نمنحه الشرعية المطلوبة لأن بقاء اليمن مستقراً موحداً أهم من أي مكسب آخر.

لكن يجب عليهم أن يعوا أن الانتخابات الرئاسية توافقية وبمرشح وحيد بمعنى أن المرشح فائز بالمنصب مقدماً بالتزكية والعملية الانتخابية والتصويت لا يعدو عن كونه إجراء ضروري لمنح الشرعية للرئيس القادم وتفويضه شعبياً لأداء مهمته وعمله.

فمن يمنع الانتخابات بالقوة و التهديد والعنف لن يستطيع أن يحقق أي هدف أو غرض سياسي يريده . فلو منع الحراك بالقوة والإكراه كل أبناء المحافظات الجنوبية عن المشاركة في الانتخابات وهو غير قادر على ذلك فلن يعني ذلك شيئاً على الإطلاق والعالم يعرف الظروف الراهنة وهذا لا يدل إلا على شيء واحد وهو أن الحراك يمارس دوراً مشيناً إجرامياً وليس دوراً لتيار سياسي مناضل من أجل الحرية والعدالة والمساواة . ولن يقدم أو يؤخر شيئاً فيما يسمى بالقضية الجنوبية وغيرها من القضايا والمطالب و سنعتبر جميعاً عرقلة الانتخابات عملية إرهابية سياسية مدانة في الداخل والخارج.

والأفضل لأي حركة سياسية أن تشارك في العملية السياسية وتشجع أنصارها على ذلك وتعزز من قيم الحرية والديمقراطية والقبول بالآخر ولا تمارس أنشطة العصابات وقطاع الطرق , المشاركة في الانتخابات أفضل من المقاطعة والعرقلة . لأن أحداً لن يفرض أي خيار بالقوة على الآخرين ولكن يمكن تفهم وجهة نظره حول طاولة الحوار الوطني الشامل.

الرئيس القادم لديه مشروع لحوار وطني شامل لا يستثني أحداً ولا يضع أي خطوط حمراء وحتى يكون الحوار الذي سيرعاه بناءاً ومثمراً وجاداً وشرعياً لا بد أن يتمتع بتأييد شعبي عريض يدعم ذلك والانتخابات بصيغة الاستفتاء هي السبيل الوحيد لذلك والتي ستجعل من نتائج ذلك الحوار ذات مصداقية وشرعية.

فمن يريد حواراً وطنياً قوياً وشرعياً فليدعم المرجعية التي سترعاه شعبياً وانتخابياً . ومن يريد الانتهاز والابتزاز لتحقيق هدف سياسي فهو خاسر لأن شعبنا اكتسب خبرة طويلة ونادرة في الممانعة والرفض لأي ضغوطات أو ابتزازات أو أزمات سياسية فما با لكم إن كانت تلك التهديدات تستهدف نسيجه الوطني أو نظامه السياسي بلا شك أنه سيتصدى لها بكل حزم ومسؤولية واقتدار . وحفظ الله اليمن.