ما يبعث على التفاؤل بولادة يمن جديد أكثر أمنًا وأمانًا ونموًا وازدهارًا عبر الانتخابات الرئاسية المبكرة التي يشهدها اليوم التفاف الأطراف المتنازعة حول المبادرة الخليجية التي تتمسك بخيار التداول السلمي للسلطة عبر تلك الانتخابات التي تجرى في الوقت الذي حددته لها تلك المبادرة وفي إطار آليتها التنفيذية التي حددت عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية مرشحًا توافقيًا للجميع ضمن مشهد أكد على إحساس تلك الأطراف بالمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها، والمتمثلة في إنقاذ اليمن من مصير مجهول لو استمر في الخوض في مستنقع الدم والفرقة والانقسام.
نجاح الانتخابات هو تحدٍّ جديد لإرادة الشعب اليمني بكل أطيافه وتكتلاته بعد أن مل الحروب الأهلية والنزاعات القبلية وحالة الاضطراب والفوضى التي تضافرت معها عوامل الفقر وإرهاب تنظيم القاعدة وتدني الخدمات وبات يتطلع إلى مستقبل أكثر ازدهارًا يليق به وبطموحاته، مستقبل تتحقق فيه آماله وأهدافه الوطنية.
اليمن الجديد بهذه المواصفات يعني انتهاء عهد الانقلابات العسكرية وانتزاع الحكم بالقوة، والانفراد بالسلطة، وانعدام الشفافية والمساءلة والمحاسبة، ويعني تشجيع ثقافة التسامح والحوار كبديل لثقافة العنف والانتقام، وللغة التشدد والاقتتال، ويعني أيضًا تعزيز قيم الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، وهو ما يتطلب من كافة أبناء الشعب اليمني توحيد الكلمة ورص الصفوف وتعبئة الجهود المخلصة لمواجهة كافة التحديات التي تواجهه، والعمل على تنفيذ كافة بنود المبادرة الخليجية التي تسير حتى الآن ولله الحمد في مسارها الصحيح لا سيما في ظل الدعم الإقليمي والدولي الذي تلقته.
الانتخابات بهذا المعنى تعتبر الوسيلة الوحيدة للحفاظ على اليمن ضد عوامل التفكك، والخطوة الصحيحة في اتجاه خروج هذا البلد العربي الشقيق من الأزمة التي كادت أن تعصف به وبآماله وأهدافه الوطنية.
مقاطعة الحوثيين والحراك الجنوبي لتلك الانتخابات والتفجيرات التي شهدتها بعض المناطق أمس من قبل أعداء اليمن ممن يتربصون به الشر، لن يؤثر بأي حال على العملية الانتخابية بعد أن عاهد الشعب اليمني نفسه أن يسلك طريق العقل والسلامة لبلوغ أهدافه وتحقيق آماله بعيدًا عن مستنقعات الفتنة وجحور الإرهاب وأوكار دعاة الانفصال.