عرفته مذ طفولتي يلاعب النجوم
يخربش الصباح
وينقش الأقاح
ويصفح الجراح
و يرفض السموم
و كان يمشي كالكبار
يفتش المحار
ويمتطي النهار
ويقطع البحار في اليوم مرتين
خيلاً بها يسابق الهموم
فمرةً يرسو بها على المدار
و مرةً ينمو على حد السيوف جلنار
و مرةً يمضي كما يمضي الجليد في لفح نار
و مرةً إذا بدى على فؤاده الضنى
يرتاح عند فئ نخلةٍ
ليشرب المدى و يطعم التخوم
يبلسم العيون و الحلوم
يعتق الكروم
وآخر النهار يمسي بسمةً تنام في الوجوم
وجيبه سماؤه تخبئ النجوم
عرفته في جيله صلابة الحديد
يبخر المنى في نشوةٍ سعيد
عيدٌ أتى يضج بالسنا
وأي عيد !
مرايا فرحةٍ رنت توشوش البعيد
وفي الرموش قلبه يسبح المجيد
وفي الحسان رحله
وعيره تميد
وقهوةً صباحها في وجه من يريد
وفي الحروف رحلةً من شرفة النشيد
يسافر القرى
يعطر الثرى
ليمدح الشهيد
يسير في تاريخه يفتش الجروح
ليطلق الخيول
ويرسل السيول
لتغسل الصديد
ويفرش الورود فرحةً
في الأعين الوساع ليفسح الرنا
مساحة السنا
في ضيقة الوصيد
والآن في خمسينه أحزانه تزيد
أمست على أنحائها جهنمٌ تقيد
وفي الوريد من حنينه تفجر الوريد
ذاك الوطن
ياصحبة الفطن
وتسألون من ؟
لا تسألوا !
تفوقت سوءآتنا في رحلة الإحن
تكسرت ألحانكم والطير قد سجن
ذروا الخراب
والجنون
والفتن
ورددوا مع النخيل حلمه
ولتلحقوا
فالتمر ذاب من زمن
ولترحلوا مع الحمام غنوةً
وشدوا عوداً إن تغن
ولتغسلوا أحداقكم في بردة النبي
فلتحفظوا ماساتكم..
لا تحرقوا السفن
لا تكسروا الماس الذي يتوج الوطن
لا تقتلوا اليمن