"أصحاب الوجوه البائخة والعيون الزرقاء"

استوقفتني الكلمات الخمس أعلاه بقوة، وأردت أن أجعلها عنوانا لمنشوري هذا، وهذه الكلمات مؤخوذة من كلام عميق، ذكيٌّ، وجميل، قاله الشاعر جبران خليل جبران، قبل أكثر من ثمانين سنة، ولربما كان الحال آنذاك يوحي بما كان سيؤول إليه-وقد تحقق- حال الأمة العربية والإسلامية من ضعف، وتشرذم، وضياع!!

توفي جبران عام 1931م، وقد كانت فلسطين حينها ذات أقلية يهودية محكومة، واليوم هي أقلية حاكمة ومغتصِبة، والعالَم المضلَّل يشعر إزاءها بالشفقة والخوف من الذئات التي تحدق بها!!

لم يكن جبران يستنطق الغيب؛ فقد كانت العجلة تدور؛ وهو يشاهد بعينيه ذلك الدوران الغريب، فيما عمِي أو تعامى آخرون وهم مبصرون، لكنها، لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدرور، ولا شك أنها -هنا- قلوب الحكام.

تعالوا معي ننظر في واقعنا اليوم، ونتخيل مشهد غدٍ، من خلال الفقرة التالية، التي نصح بها -هذا الرجل- مَن قبلنا، وأجدر بنا -كذلك- أن نعيها وعيا حقيقيا.

قال جبران (1883-1931):

"خذوها يا مسلمون؛ كلمةً من مسيحي، أسكَن يسوعَ في شطر من حشاشته،ومحمدا في الشطر الثاني: إنْ لم يقُم فيكم من ينصر الإسلام على عدوه الداخلي؛ فلا ينقضي هذا الجيل، إلا والشرق في قبضة ذوي الوجوه البائخة، والعيون الزرقاء"!!

وقد صدق!! ومازلنا نهرول بعيدا.

..............

كم مبصرٍ لا يرى، وأعمى --- يرى ويدري الذي يكونْ

يا ويح من لا يرون شيئا --- إلا إذا فتحوا الجفونْ

(الشاعر اللبناني المِهجري: نَسيب عُريضة)