دمشق تغسل وجهها

"الاهداء إلى دمشق و إلى اخي طلال جامل في القسطنطنية" .. من هنا خرج فتى قريش يزيد قائدا لجيش المسلمين إلى القسطنطينية غازيا على فرسه ، ومن هنا وصلت التعليمات من معاوية رضى الله عنه إلى جيش المسلمين المحاصر لارض الثلج ان اصبروا وصابروا، عندما كان فتى قريش يصول ويجول حول مملكة الروم محاصرا لها كانت السماء مفتوحة لابتهالات الحسن سيد شباب الجنة رضى الله عنه يدعو بالنصر لجيش الاسلام بعد ان اصلح الله به بين المؤمنيين في عام الجماعة واستقرت نفسه بعد كانت في قلق دائم خوفا على بيضة الاسلام من الضياع. عندما كان يزيدا هناك كان جد بني عثمان التاسع عشر مازال يحلب فرسه ويمارس حياة الشظف في البوادي القريبة من جبال آلطاي، ولم يكن يعلم ان حفيده محمد الفاتح سيفتح القسطنطينية يوما ما. من دمشق تحرك العالم 90 عاما ذاهبا ايبا بين ايد الامويين وهم يفتحون الدنيا لهذا الدين من عاصمة الحضارات والانبياء التي توجت بالاسلام فكانت سيدة الدنيا وفاتحة العالم وعز الاسلام والمسلمين.

بحسب مظفر النواب : " إنها دمشق، امرأة بسبعة مستحيلات، وخمسة أسماء وعشرة ألقاب، مثوى ألف ولي، ومدرسة عشرين نبياً، وفكرة خمسة عشر إلهاً خرافياً لحضارات شنقت نفسها على أبوابها. إنها دمشق الأقدم والأيتم، ملتقى الحلم ونهايته، بداية الفتح وقوافله، شرود القصيدة ومصيدة الشعراء، من على شرفتها أطل هشام ليغازل غيمة أموية عابرة، (أنى تهطلي خيرك لي) بعد أن فرغ من إرواء غوطتها بالدم، ومنها طار صقر قريش حالماً، ليدفن تحت بلاطه في جبال البرينيه".

اليوم دمشق تبحر من جديد لتقتلع اخر نباتات فارس من على وجهها الاخضر ، ولتعيد لجبل قاسيون توهجه ، وتعود كصانعة حضارة ممتدة لاكثر من خمسة الاف عام . موجوعة نعم ،لكن الوجع ليس بقادر على ان يميت عاصمة معاوية ولا ان يقطع شعرته التي اسست اول دولة مؤسسية منظمة للعرب والبدو الرحل والمهاجرين والانصار الذين اجتاحت عاصمتهم النبوية فلول الغدر والكيد من كل حدب وصوب، من يهود وبنو انو شروان ومنافقي الوديان البعيدة، وعندما كادت تنكسر شوكتهم اعادتهم دمشق للواجهة بشكل مختلف مع رتوش لم تناسب البعض لكنها داوت وساوس الروم ويهود صنعاء وبقايا انو شروان الهزيلة.

يكاد التاريخ يعيد نفسه وتعود للعرب دمشقهم فمن لهم الا هي عاصمة قوتهم ومجد ابيهم معاوية. نعم يا اخي طلال سياتي اليوم الذي بشرت به لتوك وسنحتفل معا بقدومه وفيه فقط سننسى ما قلته لي اليوم: "جميعا ننتظرك يادمشق تماما كمتفرجي مبارة كرة قدم.. ظواهر صوتية لا نشعر بوخز الرصاص على جسدك الطاهر ولا صرخات ابنائك بين يديك.. نحن العرب العاربة والمستعربة لا تخافي سوف نغني لك الاف الاغاني على صمودك وهم يغتصبونك .. سيأتي ذلك اليوم الذ ي تغسلي وجهك بصفائح بردى ،ولن تري بعدها من جاؤواخلسة وقالوا لك كما قالولنا انهم مقاومة". لم يكونوا مقاومة يا طلال فما هم الا اتباع رستم انتقموا على طريقتهم وفعلوا كلما بوسعهم، لكن ربعي ابن عامر انتصر في النهاية .