
أَعِدْ حُرِّيَّتي إنْ كُنتَ حُرَّا
ولا تَملأ فَمي ذَهَباً و دُرَّا
أَعِدْ وَطَني الذي ضَيَّعتَ يا مَن
أبَحتَ جَلالَهُ بَحرَاً و بَرَّا
أَعِدْ وطني، أعِدْ شَعبي، أَعِدنِي
فَقَد أنْهَكْتَنِي كَرَّاً و فَرَّا
لِماذا كُلمَّا عانَقتُ رُوحِي
تَرَبَّصَ بي سَرابُكَ و اكْفَهَرَّا ؟
أَأَنتَ خَلَقتَني لأكونَ عَبْداً
تُسَيِّرُ أَمْرَهُ خَيراً و شَرَّا !
أأنتَ دَحَوْتَ هذي الأرض حتى
تَكُونَ الواحدَ الفَردَ الأَبَرَّا !
أأنتَ مَلَكْتَهَا مِن قَبلِ عادٍ
لِتُنذِرَ بالهَلاكِ لِمَن تَجَرَّا !
وهل أَنْجَبتَ فِيها الشَّعبَ حَتى
يُراعِي فِيكَ إِحساناً و بِرَّا ؟
ألا يا ابْنَ التي أَكَلَتْ بَنِيهَا
سَفَكتَ دَمَ الأسودِ و كُنتَ هِرَّا
وأَتقَنتَ الصَّهِيلَ و كُنتَ (تَيْساً)
و أَبدَيتَ الوَقارَ وكُنتَ غِرَّا
و أَخفَيتَ البَياضَ و أنتَ كَهلٌ
يُعانِدُ مَوتَهُ .. بالمَوتِ سِرَّا
و عَلَّقتَ البلادَ على شَفيرٍ
و أوثَقتَ العَلِيقَةَ أنْ تُسَرَّا
و عُدْتَ مُرَقَّعاً مِن كُلِّ وَجهٍ
تُواجِهُ بالتَّحَرِّي مَن تَحَرَّى !
و أَمَّا بَعدُ : يا هَذا الذي إنْ
سَئمْنَا وَجهَهُ فِينا .. تَعَرَّى
ويا هذا الذي شَطَرَ المُصَلَّى
و كالرِّيحِ الخَبيثَةِ فيهِ مَرَّا
و يا مَن للرَّمادِ على جِراحِ ال
سَّعيدةِ مَدَّ سَاعِدَهُ و ذَرَّا
و يا مَن يَزرَعُ الأحقادَ فينا
ليَقتُلَ بالذي أَغوى و غَرَّا
و يا هذا الذي أَفْنَى و أَقْنَى
و أبكى و استَبى .. و هَلُمَّ جَرَّا
لماذا كلمَا قُلنا انْتَهَينا
من الدَّربِ الطَّويلِ بِكَ اسْتَمَرَّا ؟
أتُدرِكُ ما الذي يَعنيهِ شَعبٌ
على نَزعِ الكَرامَةِ قَد أَصَرَّا
أتَسمَعُ صَرخَةَ الأيتام ؟ قُل لي
أَمَا أَصغَى فُؤادُكَ و اقْشَعَرَّا !
أمَا رَقَّت شِغافُكَ للثَّكالى
و قَد أقفَلنَ للعَودِ المَمَرَّا
أمَا أطرَقتَ مِن خَجَلٍ لشَعبٍ
مِن الوَجهِ المُصَفَّحِ قَد تَبَرَّا
مَلايينُ الوُجوهِ هنا استَقَرَّت
و كالحَرباءِ وَجهُكَ ما استَقَرَّا !
أيا هذا الذي أحصَى الضَّحايا
فما ارتَجَفَت يَدَاهُ و لا أقَرَّا
أتطمَعُ أنْ تَذوقَ الشَّعبَ حُلواً
و قد أشبَعتَهُ بالقَمعِ مُرَّا
و قد قَابَلتَ وَردَتَهُ بنارٍ
وكُنتَ عليهِ في السَّرَّاءِ ضَرَّا
و قد أَمطَرتَ بالبَارُودِ فِيمَن
يُؤمِّلُ أنْ يَرى مَاءً و بُرَّا
لقد فاتَ القِطارُعليك .. إني
بقَولِي (فَاتَ) لا أُخفِيكَ سِرَّا
و قد جَفَّت ضُروعُ الصَّبرِ فَاسأل
جُحودَكَ كم عَليهِ الشَّعبُ دَرَّا
و رِفقَاً بي , و بالأشعارِ يا مَن
أَكَلتَ الشِّينَ ثُمَّ العَينَ و الرَّا




