رسالة إلى الزعيم (قصيدة)

أَعِدْ حُرِّيَّتي إنْ كُنتَ حُرَّا

ولا تَملأ فَمي ذَهَباً و دُرَّا

أَعِدْ وَطَني الذي ضَيَّعتَ يا مَن

أبَحتَ جَلالَهُ بَحرَاً و بَرَّا

أَعِدْ وطني، أعِدْ شَعبي، أَعِدنِي

فَقَد أنْهَكْتَنِي كَرَّاً و فَرَّا

لِماذا كُلمَّا عانَقتُ رُوحِي

تَرَبَّصَ بي سَرابُكَ و اكْفَهَرَّا ؟

أَأَنتَ خَلَقتَني لأكونَ عَبْداً

تُسَيِّرُ أَمْرَهُ خَيراً و شَرَّا !

أأنتَ دَحَوْتَ هذي الأرض حتى

تَكُونَ الواحدَ الفَردَ الأَبَرَّا !

أأنتَ مَلَكْتَهَا مِن قَبلِ عادٍ

لِتُنذِرَ بالهَلاكِ لِمَن تَجَرَّا !

وهل أَنْجَبتَ فِيها الشَّعبَ حَتى

يُراعِي فِيكَ إِحساناً و بِرَّا ؟

ألا يا ابْنَ التي أَكَلَتْ بَنِيهَا

سَفَكتَ دَمَ الأسودِ و كُنتَ هِرَّا

وأَتقَنتَ الصَّهِيلَ و كُنتَ (تَيْساً)

و أَبدَيتَ الوَقارَ وكُنتَ غِرَّا

و أَخفَيتَ البَياضَ و أنتَ كَهلٌ

يُعانِدُ مَوتَهُ .. بالمَوتِ سِرَّا

و عَلَّقتَ البلادَ على شَفيرٍ

و أوثَقتَ العَلِيقَةَ أنْ تُسَرَّا

و عُدْتَ مُرَقَّعاً مِن كُلِّ وَجهٍ

تُواجِهُ بالتَّحَرِّي مَن تَحَرَّى !

و أَمَّا بَعدُ : يا هَذا الذي إنْ

سَئمْنَا وَجهَهُ فِينا .. تَعَرَّى

ويا هذا الذي شَطَرَ المُصَلَّى

و كالرِّيحِ الخَبيثَةِ فيهِ مَرَّا

و يا مَن للرَّمادِ على جِراحِ ال

سَّعيدةِ مَدَّ سَاعِدَهُ و ذَرَّا

و يا مَن يَزرَعُ الأحقادَ فينا

ليَقتُلَ بالذي أَغوى و غَرَّا

و يا هذا الذي أَفْنَى و أَقْنَى

و أبكى و استَبى .. و هَلُمَّ جَرَّا

لماذا كلمَا قُلنا انْتَهَينا

من الدَّربِ الطَّويلِ بِكَ اسْتَمَرَّا ؟

أتُدرِكُ ما الذي يَعنيهِ شَعبٌ

على نَزعِ الكَرامَةِ قَد أَصَرَّا

أتَسمَعُ صَرخَةَ الأيتام ؟ قُل لي

أَمَا أَصغَى فُؤادُكَ و اقْشَعَرَّا !

أمَا رَقَّت شِغافُكَ للثَّكالى

و قَد أقفَلنَ للعَودِ المَمَرَّا

أمَا أطرَقتَ مِن خَجَلٍ لشَعبٍ

مِن الوَجهِ المُصَفَّحِ قَد تَبَرَّا

مَلايينُ الوُجوهِ هنا استَقَرَّت

و كالحَرباءِ وَجهُكَ ما استَقَرَّا !

أيا هذا الذي أحصَى الضَّحايا

فما ارتَجَفَت يَدَاهُ و لا أقَرَّا

أتطمَعُ أنْ تَذوقَ الشَّعبَ حُلواً

و قد أشبَعتَهُ بالقَمعِ مُرَّا

و قد قَابَلتَ وَردَتَهُ بنارٍ

وكُنتَ عليهِ في السَّرَّاءِ ضَرَّا

و قد أَمطَرتَ بالبَارُودِ فِيمَن

يُؤمِّلُ أنْ يَرى مَاءً و بُرَّا

لقد فاتَ القِطارُعليك .. إني

بقَولِي (فَاتَ) لا أُخفِيكَ سِرَّا

و قد جَفَّت ضُروعُ الصَّبرِ فَاسأل

جُحودَكَ كم عَليهِ الشَّعبُ دَرَّا

و رِفقَاً بي , و بالأشعارِ يا مَن

أَكَلتَ الشِّينَ ثُمَّ العَينَ و الرَّا