
كانَ المَكَانُ مَلامِحِي يَتَهَجَّأُ
و أنا بظلِّ قَصِيدتي أتَوَكَّأُ
أمشي كما يمشي الذي أشواقُهُ
تَطوِي الطَّريقَ و سَاقُهُ تَتَلَكَّأُ
و كأنني في الناسِ أوَّلُ عابرٍ
دَرباً, و آخرُ هالِكٍ يَتَهَيَّأُ
قَلِقٌ كأنَّ الأرضَ تَسحَبُ ثَوبَهَا
خَلفِي, و قُدَّامِي صِرَاطٌ مُطفَأُ
لا صَوتَ إلَّا لِلرَّصِيفِ.. و لا يَدٌ
إلّا لِوَثبَةِ طارئٍ لا يَطرَأُ
و بَدَأتُ أَلتَمِسُ الحَرِيقَ.. أنا الذي
رُوحِي بغيرِ الجَمرِ لا تَتَوَضَّأُ
قَدَرِي سُبَاعِيُّ الجِهَاتِ, و مَوطِنِي
جَسَدٌ أُجَزِّئُهُ فَلا يَتَجَزَّأُ
نَادَيتُ حتى لم أجِد لِتَلَهُّفِي
دَرباً يُصِيخُ و لا جِدَارَاً يَعبَأُ
و سَكَتُّ و الزَّمَنُ المُعَلَّقُ فِي دَمِي
يُبدِي بِدَمعِي ما التَّصَنُّعُ يَخبَأُ
عَينَايَ تَختَصِرَانِ ما سَأَقُولُهُ
و الحُبُّ يُسمَعُ بالعيونِ و يُقرَأُ
قالت: و ماذا بَعدُ؟ قُلتُ: مَوَاجِعٌ
إنَّ المُحِبَّ جِرَاحُهُ لا تَبرَأُ
ما حِيلَةُ المَجرُوحِ إن كانَ الهَوَى
بُعدٌ يُجَرِّحُهُ, و وَصلٌ يَنكَأُ
قالت كَأنَّكَ.. قُلتُ لا.. لكنني
مِن غُصَّةٍ فِي القَلبِ لا أتَجَرَّأُ
ظَمَئِي إليكِ اشتَدَّ حتى لَم يَعُد
حِبرِي يُضِيءُ, و لا رَمَادِي يُطفَأُ
الشِّعرُ كانَ إذا رَحَلتِ يَضُمُّنِي
ضَمَّ اليَتِيمِ إذا نَفَاهُ المَلجَأُ
و اليَومَ أطرُقُ بابَهُ مُتَوَسِّلاً
فَيَصُدُّنِي, و كأنَّهُ يَتَبَرَّأُ
و تَبَسَّمَت حَتَّى شَعَرتُ بِدَمعَةٍ
بينِي و بَينَ فؤادِهَا تَتَلَألَاُ
و كَشُعلَةٍ هَطَلَت بِسُمرَتِهَا عَلى
قَلبٍ لِغَيرِ هُطُولِهَا لا يَظمَأُ
نَظَرَاتُهَا جُمَلٌ تَطِيرُ, و عِطرُهَا
قَلِقٌ, و ثَورَةُ صَدرِهَا لا تَهدَأُ
كانَ اسمُهَا (يَرْنَا) و كُنتُ أقُولُ يا
يَرْنَا أُحِبُّكِ , و المَحَبَّةُ مَبدَأُ
و أنا الذي اسْتَمرَأتُ حُبَّكِ ظَنَّةً
مِنِّي بأنَّ الهَجرَ لا يُستَمرَأُ
لِي مَوعِدٌ فِي الغَيبِ سَوفَ أنَالُهُ
مَن ذَا سِوَاكِ بمَوعِدِي يَتَنَبَّأُ
قالت: و ماذا بَعدُ؟ قلتُ و إنَّني
مَا زِلتُ أختِمُ بالحَنِينِ و أبدَأ
2 / 5 /2013




