هُطُول (شعر)

كانَ المَكَانُ مَلامِحِي يَتَهَجَّأُ

و أنا بظلِّ قَصِيدتي أتَوَكَّأُ

أمشي كما يمشي الذي أشواقُهُ

تَطوِي الطَّريقَ و سَاقُهُ تَتَلَكَّأُ

و كأنني في الناسِ أوَّلُ عابرٍ

دَرباً, و آخرُ هالِكٍ يَتَهَيَّأُ

قَلِقٌ كأنَّ الأرضَ تَسحَبُ ثَوبَهَا

خَلفِي, و قُدَّامِي صِرَاطٌ مُطفَأُ

لا صَوتَ إلَّا لِلرَّصِيفِ.. و لا يَدٌ

إلّا لِوَثبَةِ طارئٍ لا يَطرَأُ

و بَدَأتُ أَلتَمِسُ الحَرِيقَ.. أنا الذي

رُوحِي بغيرِ الجَمرِ لا تَتَوَضَّأُ

قَدَرِي سُبَاعِيُّ الجِهَاتِ, و مَوطِنِي

جَسَدٌ أُجَزِّئُهُ فَلا يَتَجَزَّأُ

نَادَيتُ حتى لم أجِد لِتَلَهُّفِي

دَرباً يُصِيخُ و لا جِدَارَاً يَعبَأُ

و سَكَتُّ و الزَّمَنُ المُعَلَّقُ فِي دَمِي

يُبدِي بِدَمعِي ما التَّصَنُّعُ يَخبَأُ

عَينَايَ تَختَصِرَانِ ما سَأَقُولُهُ

و الحُبُّ يُسمَعُ بالعيونِ و يُقرَأُ

قالت: و ماذا بَعدُ؟ قُلتُ: مَوَاجِعٌ

إنَّ المُحِبَّ جِرَاحُهُ لا تَبرَأُ

ما حِيلَةُ المَجرُوحِ إن كانَ الهَوَى

بُعدٌ يُجَرِّحُهُ, و وَصلٌ يَنكَأُ

قالت كَأنَّكَ.. قُلتُ لا.. لكنني

مِن غُصَّةٍ فِي القَلبِ لا أتَجَرَّأُ

ظَمَئِي إليكِ اشتَدَّ حتى لَم يَعُد

حِبرِي يُضِيءُ, و لا رَمَادِي يُطفَأُ

الشِّعرُ كانَ إذا رَحَلتِ يَضُمُّنِي

ضَمَّ اليَتِيمِ إذا نَفَاهُ المَلجَأُ

و اليَومَ أطرُقُ بابَهُ مُتَوَسِّلاً

فَيَصُدُّنِي, و كأنَّهُ يَتَبَرَّأُ

و تَبَسَّمَت حَتَّى شَعَرتُ بِدَمعَةٍ

بينِي و بَينَ فؤادِهَا تَتَلَألَاُ

و كَشُعلَةٍ هَطَلَت بِسُمرَتِهَا عَلى

قَلبٍ لِغَيرِ هُطُولِهَا لا يَظمَأُ

نَظَرَاتُهَا جُمَلٌ تَطِيرُ, و عِطرُهَا

قَلِقٌ, و ثَورَةُ صَدرِهَا لا تَهدَأُ

كانَ اسمُهَا (يَرْنَا) و كُنتُ أقُولُ يا

يَرْنَا أُحِبُّكِ , و المَحَبَّةُ مَبدَأُ

و أنا الذي اسْتَمرَأتُ حُبَّكِ ظَنَّةً

مِنِّي بأنَّ الهَجرَ لا يُستَمرَأُ

لِي مَوعِدٌ فِي الغَيبِ سَوفَ أنَالُهُ

مَن ذَا سِوَاكِ بمَوعِدِي يَتَنَبَّأُ

قالت: و ماذا بَعدُ؟ قلتُ و إنَّني

مَا زِلتُ أختِمُ بالحَنِينِ و أبدَأ

2 / 5 /2013