
لقد كان القاضي عبدالله الحجري رمزاً يمنياً عظيماً فهذا الشخص كان رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة، عرفته سفيرا بالكويت، وكان يشارك الناس ويحضر مجالسهم والمساجد، وبيته والسفارة مفتوح للمواطن اليمني وغيره، أحبه أهل الكويت وقيادة الكويت وكان له دور كبير في توطيد علاقة اليمن بالكويت وكان الرجل بنزاهته وإخلاصه لامته والتزامه بالأخلاق التي تعلمها من خلال المبادئ الإسلامية، لذا كان له مكانة وتقدير وقبول لدى الجميع.
وعندما استشهد محمد علي عثمان غدرا على يد الشيوعيين في تعز تم انتخاب القاضي عبدالله الحجري ضمن قائمة مرشحين في مجلس الشورى وفاز بالأغلبية بعملية ديمقراطية بمجلس منتخب، وكان له دور ناجح وأضاف خبرة وتجربة للمجلس الجمهوري الذي كان برئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني، وعندما تغيرت الحكومة برئاسة محسن العيني، تم تكليف القاضي عبدالله الحجري رئيسا للوزراء، واستطاع هذا الرجل أن يدير الحكومة بحنكة وحارب الفساد وأصلح الأخطاء وطبق القانون وهيبة الدولة وسيادتها وتعامل مع الوزراء كطاقم عمل بغض النظر عن وجهات نظرهم، فالرجل كان ينظر لمصلحة البلاد قبل كل شيء، وكان واقعيا ولم يكن انفعاليا أو صاحب ردود أفعال، بالاضافة إلى انه كان لا يؤمن بالمحسوبية والمجاملات فذلك لا مكان له عنده وكان بسيطاً في حياته ونموذجاً للشخص الذي تحتاجه اليمن.
وخلال توليه توطدت العلاقات مع دول الخليج وكسب احترام دول الجوار وكل الدول وحظي باحترامهم لما عرفوا من صدق الرجل وإخلاصه وحبه لامته، فوصلت العلاقات اليمنية مع دول المنطقة إلى أعلى مستواها. ولكن هناك تحدي واجهة القاضي الحجري وهو الأمن من التخريب والجماعات المسلحة التي تفجر وتقتل الأبرياء وتسفك الدماء وتثير الرعب في نفوس الناس. وعجزت الدولة عن مواجهتها وحتى الآبار لم تسلم من السموم وتعكير الناس من شرب الماء من قبل أناس لا قلوب لهم ينفذون أجندة تريد إسقاط الحكم لضم اليمن للمجموعة الشيوعية وسيطرة الجبهة القومية تحت مسمى الجبهة الوطنية التي كانت تتدرب في عدن حتى أن "شوان لاي" رئيس وزراء الصين، قال له نحن شيوعيون وما يجري في بلادكم نوع آخر من الشيوعية فنحن لا نؤمم القهاوي والبقالات وقوارب الصيد وغيرها.. لذا رأى القاضي الحجري انه مسؤول امام الله عن امن الناس فأحال هؤلاء للقضاء والعدل المدني الشرعي. وعندها من ثبت عليه القتل يتم الاقتصاص منه وفق الشرع في حد الحرابة. وهنا ظهرت هيبة الدولة فالرجل كان يعتبر سيادة الدولة وهيبتها وأمن واستقرار الناس والحفاظ على أرواحهم أمراً لا نقاش فيه وخطاً احمر لا مجاملة فيه.
وعندما بدأت المحاكم بأعمالها وباستقلال القضاء وحياديته، تراجعت أعمال القتل والإرهاب التي وصلت إلى حد أن يتم استخدم الحيوان كالحمير في تفجيرها بالأسواق وعاد الأمن والاستقرار وقالت يومها الحكومة الشيوعية إن القاضي الحجري أعاد الدور الشيوعي في اليمن خمسين سنة إلى الخلف. وحارب الفساد والمنكرات وهذا ما لم يعجب خصومه وتحرك هؤلاء ضده على الرغم من انه بوجاهته وصدقة كسب شيوخ القبائل والفئات الوطنية وحل الكثير من المشاكل من خلال التمسك بالقيم والانضباط للشرعية وللقانون وفق الدستور وإعطاء القضاء دوره في الخارجين وهو ما نحتاجه اليوم وهو الحل لمشاكل اليمن.
وظل اليسار والشوعيون يترصدون القاضي الحجري الذي أعاق مشروعهم ودخل في خلاف مع من كانوا يجاملون في هذا المجال. وعندما غادر الإرياني البلاد بعد خلافة مع المشايخ جاء الحكم العسكري لابراهيم الحمدي وفق انقلاب ذكي أرادته جهات كان لها هدف اكبر لليمن. وعين القاضي في القضاء وهمش دورة حسب رغبة القوى الشيوعية واليسارية وعندما تمت لقاءات الحوار بين الحمدي والنظام الشيوعي بعدن بدأت هذه القوى جميعا تخطط لقتل الحجري والانتقام منه وإبعاده من الساحة. ولذا كان هناك تنسيق بين الجبهة القومية والحمدي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تركت تحرير فلسطين للتآمر على الشعب العربي لصالح الشيوعية. فقد تم استغلال فترة وجود القاضي الحجري بلندن وتم اغتياله على يد شخص فلسطيني من الجبهة الشعبية وبدعم ومعلومات من عدن وصنعاء وتورط عدة جهات، وقتل الرجل في هايدبارك هو وزوجته والحمامي بطريقة بشعة وخسرت اليمن احد عظمائها وقادتها الكبار رحمة الله.
ولكن ظل الإعلام اليمني الذي يهيمن علية اليسار في حجب الحقائق من الجهات التي تورطت في قتل الرجل، وسبحان الله أن قاتله قتل في قضية اختطاف طائرة لوفتهانزا في الصومال ولكن السؤال الذي نريد له جواباً: لماذا الضجيج في مقتل الحمدي ولماذا الصمت في مقتل الحجري لماذا التجاهل لهذا القائد الأب المخلص وكان على هؤلاء ان يتقوا الله ولا يكيلوا بمكيالين، وهناك شهداء كسلطان القرشي ومن قبلهم الأستاذ الزبيري وغيرهم ورموز تحتاج إلى سؤال عمن ورائهم، وهناك ملفات تفتح إذا أصررتم على فتح ملف الحمدي فإما فتح ملفات الجميع أو تركها لعدالة الله عند ربهم يحكم بينهم، ولا نكرر قضية الشيعة عن الحسين وثارات الماضي ولننظر للمستقبل.




