سِيرَةُ أَيلُول

في لَيلةٍ مِن عُمْرِ هذا الثّرَى

طالَ الأسَى فِيها, و طالَ الكَرَى

.

فِي لَيلةٍ و الشعبُ مُسْتَعْبَدٌ

ما قال (لا) لِلظُّلمِ و اسْتَنْكَرَا

.

جَهْلٌ يَرَى الأوطَانَ مِن حَولِهِ

بَحرًا, و ذُلٌّ لَم يُفِق كي يَرى

.

دَاءٌ.. و هل فِي الأرضِ مِن عِلَّةٍ

تَسْطُو كَدَاءِ العَقْلِ إنْ سَيْطَرَا

.

فَقرٌ.. و عَارُ الفَقْرِ مَن يَنحَنِي

مُقَبِّلًا أقدَامَ مَن أفْقَرَا

.

مُرٌّ هُوَ الثَّالُوثُ.. مَهمَا ادَّعَى

قَدَاسَةَ الأديانِ أو بَرَّرَا

.

مُرٌّ.. و لاحَت ثَورَةٌ لَم تَزَل

حَبيسَةً مَا بَينَ مِيمٍ و رَا..

***********

و فِي الصَّبَاحِ البِكرِ قِيل انْطَفَت

شَمْسٌ.. و لِلأوجَاعِ أنْ تَسْهَرَا

.

هذا (جَمَالٌ بِنْ جَمِيلِ) ارْتَمَى

مُضَرَّجًا, و (الوَرْتَلَانِيْ) سَرَى

.

و ازْدَادَ بَطْشُ الليلِ و اسَّاقَطَت

أروَاحُ مَن نَادَى و مَن بَشَّرَا

.

و ارْتَدَّ مَجْرَى النَّهرِ مُسْتَحْلِفًا

كُلَّ القُلُوبِ الخُضْرِ أنْ تَحْذَرَا

.

و الشَّعبُ مَا زَالَ انتِظَارًا, و مَا

أقسَى انتِظَارَ الشَّعبِ إنْ شَمَّرَا

***********

حتَّى أَطَلَّ الفَجْرُ مُسْتَجْمِعًا

أنوَارَهُ الظَّمْأَى لِكَي يَثأَرَا

.

و اسْتَجْمَعَ (النُّعْمَانُ) أشوَاقَهُ

مِن كُلِّ دَارٍ, و (الزُّبَيْرِيْ) انْبَرَى

.

مُرٌّ هُوَ الإقْدَامُ.. لكنما

خَوفُ التَّحَاشِي لَم يَكُن سُكَّرَا

.

مُرٌّ.. و لاحَتْ ثَورَةٌ صُبْحُهَا

باقٍ بَقَاءَ الدَّهْرِ, لَن يُقْبَرَا

***********

ماذا جَرى يا صُبْحَ أحلامِنَا

ماذا جَرَى باللهِ.. ماذا جَرَى

.

ما الأمرُ يا صنعاءُ؟! بي جُملَةٌ

لَو قالَهَا الشيطانُ لَاستَغفَرَا

.

ما الأمرُ يا صَنعاءُ؟! بي غُصَّةٌ

سِبتَمبرٌ يَغتالُ سبتمبرا !

.

يا صُبحَنَا الوَضَّاح لَوِّحْ لنا

إنَّ الأمامَ اليَومَ صارَ الوَرَا

.

العَيبُ فِينا نَحنُ, لا فِيكَ يا

مَن حَطَّمَ الأغلالَ مُذْ جَمْهَرَا

.

ها نَحنُ عُدْنَا اليَومَ مِن ثَورَةٍ

تَقتَادُ مِنَّا الشَّعبَ كَي يُشْطَرَا

.

أيلُولُ ماذا عَنكَ؟ هَل تَكتَفِي

بالصَّمْتِ إنْ فَارَقْتَ أُكتُوبَرَا؟!

.

أيلُولُ يا أيلُولُ مَن ذا الذي

يَسطُو على ذِكرَاكَ كَي يَنخَرا

.

مَن يَقطعُ التَّيَّارَ عَن لَيلِنا

يا صُبحَنَا, مَن يَقتُلُ العَسكَرا؟

.

مَن يا دَمَ الأجدَادِ.. يَا حُلْمَهُم

مَن زَوَّرَ الآمالَ و استَهتَرَا

.

مِن أينَ نَحنُ اليَومَ؟ إنَّا مِن ال

أرضِ التي أَلْقَى.. رَمَى.. فَجَّرَا

.

مِن مَوطِنٍ يُلقِي بأخطارِهِ

عَن ظَهرِهِ كَي يَحمِلَ الأخطَرَا

.

مِن مَوطِنٍ يَسطُو على نَفسِهِ

مُدَمِّرًا ما كانَ قَد عَمَّرَا

.

.

.

يا عِيدُ قُل لِلمُظلِمِينَ انتَهَى

عَهدٌ يَعَافُ اللّحنَ و الدَّفتَرَا

.

لا تَسحَبُوا التّاريخَ مِن ذَيلِهِ

أَنَّى لَهُ أن يَرجِعَ القَهقَرَى