ما يجري في اليمن أخطر مما يتصوره الذين ينظروا إليه على أنه صراع سلطة أو خلافات أو غير ذلك، ولكن الوضع ليس بهذه البساطة، إن ما يجري هي حرب ذات أبعاد مختلفة، أخطرها العملية العقائدية والفكرية حيث بدأت حرب طائفية للقضاء على السنة، حيث يتم ذلك على مراحل منطرد السنة في دماج ثم تدمير مدارس تحفيظ القرآن، والقضاء على المساجد السنية، ومنع صلاة التراويح واضطهاد علماء السنة ومحاربة الكتب السنية ونشر الفكر الشيعي وفرضه بالقوة وإذلال المناطق السنية على شكل فتح وانها أرض خراج واستباحة حرماتها والاعتداء على النساء والأطفال بما في ذلك الذين يمارسون العقيدة السنية في حجة وعمران وهمدان وصنعاء وذمار من أبناء المناطق الزيدية لإجبارهم على ترك هذا المنهج بالترهيب وإغراء لعدد من الناس للسفر إلى قم لدراسة المذهب الشيعي بهدف جعل اليمن منطقة شيعية وجعلها قلعة لتصدير هذا الفكر تمهيداً للإمبراطورية الصفوية الشيعية في المنطقة.
هذه الحرب في بلاد كان الناس لا يعرفون فيها هذا الصراع ولا يعيشونه بل هم اخوة ولكن تقسيم المنطقة بهذا النهج يهدد المنطقة ويشعل نارا في اليمن وغيرها، إن ما يجري سيثير السنة وسيجعل الصراع مذهبيا وسوف يتسبب في ظهور جماعات عنف وفرض أمر واقع.
كذلك الحرب العسكرية من خلال الاستيلاء بالقوة واستغلال الطائفية في الجيش وتقسيم الجيش بهذا الأسلوب مع شراء العناصر اليسارية والشيوعية من خلال تحالف لممارسة الإرهاب والقمع كما جرى في إب والحديدة وغيرها وما يخطط لمأرب ويشعر الإنسان بالخوف الشديد إلى ما سيؤول إليه الوضع من حروب وأحقاد، وبداية جماعات إرهابية مختلفة يصعب السيطرة عليها، وما تقوم به إيران وعملائها من الجماعات الطائفية من المجلس الشيعي وفرعه مليشيات الحوثي ومشاركة مسؤولين في السلطة والنظام السابق من لعبة لاسترضاء الغرب بحجة وشعار محاربة الجماعات الإرهابية في رداع والعدين. وهذه الحرب التي قد تمتد إلى أبين ولودر وستتمدد وهي تحت هذا المسمى تضرب العشائر والقبائل تمهيداً للقضاء عليها لجعل اليمن نظام كبغداد أو ولاية إيرانية.
ما يجري يجب عدم الاستهانة به وهناك أجندة خفية للجنوب يجب عدم تجاهلها، والموضوع أخطر وأكبر من قضية حرب داخلية أو انفصال شمال وجنوب بهذه البساطة والقصور في التحليل.
كما أن الوضع الاقتصادي وتدمير البلاد ولجهراء وانتشار الجوع وإغراء هؤلاء الفقراء والنازحين من الداخل والنازحين من القرن الإفريقي لتجنيدهم للأعمال الإرهابية والتجارة المحرمة، أمر ينبغي عدم الاستهانة به.
إن ما يجري يتم بدقة على مراحل منذ ثلاثين عاما والناس في صمت وذهول.
ها هو الإصلاح يدفع الثمن من ضرب مقراته وقتل وإغتيال عناصره، وهناك قائمة في ذلك ستأخذ وقتها وستظهر على مراحل. والمشايخ والقادة العسكريون سيتم ذلك بالتدريج وبعد ذلك المسألة واضحة جعل اليمن مركز لتصدير الإرهاب واستنزاف دول الجوار وجر المنطقة إلى حروب، وهذا ما يسيل له لعاب شركات الأسلحة والشركات الأمنية، والأجهزة الغربية وإسرائيل، وذلك من خلال اللوبي الإيراني الذي يتحرك في الغرب مع الشركات وأعضاء الكونجرس ومراكز الضغط في أمريكا والدول الغربية وتقديم الإغراءات والإغراء بالصفقات على حساب جوع وفقر ودماء وجماجم الناس. المسؤولية كبيرة والخطر جسيم والاستهانة به غير معقولة.
وهناك صفقة دولية إيرانية أمريكية إسرائيلية، وستحققه إيران تحت مسمى أمن البحر الأحمر ودخول السفن الحربية إلى تلك المنطقة له ما بعده، يجب عدم التجاهل لما يجري، وللأسف أن الدول العربية لا زالت تتعامل مع هذا الحدث ببساطة دون النظر إلى هذه الأبعاد لعدم قراءة الخطر الإيراني من جوانب عقائدية وفكرية وأمنية حيث إن إيران تراهن على الخلافات والصراعات العربية، وضعف مؤسسات الجامعة العربية التي هي في النزع الأخير وتنتظر إعلان وفاتها وهذا يصب في مصلحة المشروع الإيراني التوسعي.
إن ما يقوم به الحرس الثوري وفيلق القدس وإدارتهم مع حزب الله للمعارك في اليمن ودور الملالي في الحرب العقائدية والفكرية يجب أن لا يستهان به في جر المنطقة لحروب قبل 1400 سنة تحت مسميات ولافتات مختلفة، ولذا فإن تحويل اليمن وجرها إلى منطقة ساخنة والدفع بالأوضاع إلى الأسوأ، وذلك لجعل اليمن ولاية إيرانية ليس على المستوى السياسي، وإنما القضاء على السنة بالتهجير وفرض المليشيات الشيعية وجر السنة إلى الجماعات الإرهابية وأنصار الشريعة حتى تحسب أي مقاومة لرفض احتلال المليشيات التابعة لإيران المسماة بالحوثيين وغيرهم بأن هذه القبائل هم دواعش وجماعات إرهابية يجب القضاء عليها، ودفع السنة للهجرة للمناطق الجنوبية واحتلال مناطق البترول والمناطق التي تشمل الشريط الحدودي مع دول الجوار تحت سيطرة أنصار الله وأنصار الشريعة لتحقيق المخطط الجهنمي الحاقد الإيراني.
يجب تدارك الأوضاع ومعرفة المعركة والحرب من كل جوانبها السياسية والعقائدية والفكرية، ويجب أن يدرك الجميع أن الجنوب سيكون منطقة صراع وحرب تعد لها إيران مع مليشياتها بفرعيها أنصار الله وأنصار الشريعة، وغير ذلك هناك أجندة في المناطق الجنوبية، فالنار يجب أن تشتعل كما تريدها إيران ومن ورائها ، ولذا لابد من تحرك لدول مجلس التعاون بدراسة متعمقة لما يجري في اليمن وتحمي المناطق السنية والمقاومة الشعبية للقبائل لصد العدوان، وأن تسعى لاستصدار قرارات حاسمة ضد إيران من خلال قطع العلاقات وسحب السفارات، فلم يعد للعلاقة معنى واتخاذ قرارات اقتصادية جماعية وحظر جوي في المناطق التي تقع في حدود الدول العربية ودعم سنة إيران والأهم من ذلك تماسك دول مجلس التعاون والدول العربية وإصلاح أوضاعها من خلال المصالحة الوطنية وانقاذ اليمن قبل سقوطه نهائيا، ويصبح سبحة ضاعت حباتها في زحمة، وسيكون الوضع أصعب وشبه مستحيل، فلذا لابد من جمع القبائل والقوى الوطنية في لقاء وطني وتوحيد الجهود في أي دولة خليجية لدعمهم في صد هذا العدوان، ومهما حاول العرب مع إيران في تخفي وتمارس العدوان، ولا يجب الانخداع بالابتسامات والمناورات الإيرانية، فهي ذر للرماد في العيون.