نشوان بن سعيد الحميري: رجل سابق للتاريخ
غائب حواس يكتب نشوان بن سعيد الحميري: رجل سابق للتاريخ
أوضح مفاهيم ثورة سبتمبر تمثلت وتجلّت في وعي وفهم نشوان بن سعيد الحميري .
كان نشوان كبير النفس ملتهب الغيرة والحمية ، ونفسه الكبيرة تلك هي التي مثلت وقوداً لماكينة عقله الفقهي والفكري والشعري وجعلته يثب ويتخطى حواجز قرون من الإستكانة للمسَلّمات العنصرية المتلبّسة باللاهوت والباهوت فجاء فكره وفقهه بحجم نفسه الكبيرة العالية ونضج فكره ورؤيته قبل غيره من الأقران بما يقارب الألف عاما.
لا شيء جديد يزعم أحدٌ أنه أضافه كزيادةٍ على ما جاء به نشوان ، بل لا أحد اليوم استطاع أن يجيء بما جاء به ولا حتى بعد ألف عام من سبق نشوان إليه ..
لقد أمسك بالسيف وكتب به فقه الحرية المؤمنة وأثبت أن الفقيه يمكن أن يكون حرّاً والمجتهد يمكن أن يكون مجاهداً والشاعر الأديب المؤرخ اللغوي الموسوعي يمكن أن يجمع بين الفقه والعلم واللغة والفروسية ووفائه لقومه واعتزازه بتاريخه .. لقد حطم أوثانهم من داخل النظرية الفقهية ، وأثبت بالسيف والقلم أن الله ودينه لا ينحاز لفخذٍ من قبيلةٍ على آخر .
إذا كان الملايين اليوم على كثرتهم ومؤازرة بعضهم بعضا وامتلاكهم لتقنيات العصر - لم يمتلكوا يقين نشوان الذي صدح به وحده من خلف ظلام القرون ومجاهل الأرجاء ، ولم يحوزوا شجاعته وثقته النفسية والمعنوية بما لديه رغم الظلام الظالم المطبق على الآفاق من حوله .. إن شيئاً يسيراً من كل هذا يجعلك تقف مشدوهاً أمام ظاهرةٍ لها تعريف الأسطورةٍ ولكن لها وجود الحقيقة .
إنه رجلٌ سابقٌ للتاريخ ، وظاهرة تاريخية متغلّبةٌ على كل شروط التاريخ المتحكمة في إنتاج ظواهره وأساطيره .