احتدام معركة العيسي ضد معين عبدالملك: حرب بلا هوادة إلى أين؟ (تقرير خاص)
حول احتدام معركة العيسي ضد معين عبدالملك: حرب بلا هوادة إلى أين؟ (تقرير خاص)
تعيش الساحة السياسية في اليمن معالم أزمة كبيرة، بين كلٍ من رئيس الحكومة معين عبدالملك ورجل الأعمال النافذ الذي يشغل نائباً لمدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد العيسي والذي دشن معركة إعلامية وسياسية بهدف إطاحة الأول من منصبه، في أعقاب القرارات التي اتخذها للحد من احتكاره استيراد المشتقات النفطية أواخر العام الماضي.
وأكدت لـ"نشوان نيوز"، مصادر سياسية متطابقة أن العيسي والمعروف بقربه من الرئيس عبدربه منصور هادي كثف من جهوده الهادفة إلى تحريض الرئيس وطاقمه ضد رئيس الحكومة، مثلما يعمل في السياق ذاته على تمويل العديد من المواقع والحملات الإعلامية التي تسعى في مجملها إلى تأليب الرأي العام ضد معين عبدالملك، وصولاً إلى حشد اصطفافات سياسية مؤيدة للتوجه الذي يقوده.
ووفقاً للمصادر، فإن العيسي لم يدخر جهداً في معركته التي يراها اختباراً لنفوذه السياسي والاقتصادي وعمل على شراء ولاءات مسؤولين ضد الحكومة، ووصفت البيان المنسوب إلى 12 وزيراً، والذي نفاه أعضاء بالحكومة وأكده وزير الداخلية أحمد الميسري، يندرج في هذا الإطار، وذلك في أعقاب الإجراءات التي اتخذها عبدالملك ضد وزير النقل صالح الجبواني.
وحسب المصادر، فإن العيسي وبعد أن كان يعتقد أن رسالة الوزراء يمكن أن تتكفل بإطاحة رئيس الحكومة، يعمل حالياً على التحرك في اتجاه ثالث، يتمثل في شراء ولاءات داخل البرلمان، أملاً في أن يصدر عنها مواقف ضد رئيس الحكومة، كما أنه يوظف في المعركة ذاتها أصواتاً إعلامية وسياسية معروفة بمواقفها المناوئة لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية وبالتماهي مع قطر، وهي تلك التي تتصدر نشر البيانات والشائعات الموجهة ضد عبدالملك.
ولا تنحصر المعركة، التي كانت أيضاً حديث الأوساط السياسية داخل الشرعية، على الجانبين السياسي والإعلامي مؤخراً، بل إن سياسيين تحدثوا لـ"نشوان نيوز" شريطة عدم كشف هويتهم، عن أن العديد من الملفات الخدمية بما في ذلك في عدن، تأثرت بدرجة أو بأخرى بوجود تيار نافذ ومقرب من شخصيات في الرئاسة يعمل ضد رئيس الحكومة منذ اتخاذها قراراً بإلغاء احتكار استيراد المشتقات النفطية على امبراطور النفط العيسي، الأمر الذي وصفه سياسيون حينها، بأنه خطوة جريئة، بالنظر لما هو معروف عن الأخير، من نفوذ سياسي واقتصادي.
وتكشف مصادر مطلعة عن نقاشات حكومية، عن أن التباينات التي برزت منذ أسبوع على الأقل، في اجتماعات الحكومة لم تكن بعيدة عن هذه الأزمة إذ يسعى العيسي وفريقه إلى إحداث شرخ باستغلال التباينات الحاصلة وتعمل مواقع إخبارية ووسائل إعلامية مدعومة منه، على توجيه أي أزمة نحو شخص معين عبدالملك، وتكيل له مختلف الاتهامات.
وفي المقابل، تداول نشطاء وإعلاميون في الأسابيع الأخيرة، معلومات بشأن قضايا فساد يتهم فيها العيسي، حيث نشر الصحفي جلال الشرعبي العديد من الوثائق، تكشف كيف ان رجل الأعمال النافذ استفاد مبالغ مالية كبيرة بعمليات تجارية جاءت على حساب عائدات كان من المفترض أن تذهب إلى خزينة الدولة.
ثمن السياسة المتوازنة
أما عن الأسباب التي استدعت العيسي لحشد مختلف أوراق نفوذه وإنفاقه مبالغ لحملات إعلامية وشراء ولاءات، تتمحور في كون أن معين عبدالملك اتخذ سياسات واقعية في أكثر الملفات حساسية، وعلى رأسها الحرص على على حالة من التوافق والاتفاق مع الرئيس هادي، وكذلك العلاقة غير الصدامية مع عموم القوى والأحزاب المؤيدة للشرعية من جهة، فضلاً عن الدعم الذي يتمتع به من الداعم الأول للشرعية، ممثلاً بالجانب السعودي. وفي المقابل لم يتخذ عبدالملك مواقف صدامية مع المجلس الانتقالي الجنوبي والدولة الثانية في التحالف وهي الإمارات العربية المتحدة، وعلى نحوٍ سعى معه لتجنب الوقوع فيما وقع فيه رئيس الوزراء الأسبق خالد بحاح ورئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، ومع ذلك فقد وجد نفسه هدفاً لحملة بلا هوادة ممن يكيلون له تهماً لا تقف عند حد.
الوزراء واتفاق الرياض
وكان لافتاً، أن المعركة في أطر الحكومة الشرعية، تأتي في ظل الاستحقاق الذي تأجل، بتشكيل حكومة بناءً على اتفاق الرياض بين الحكومة والانتقالي، وقبل ذلك فإن من أبرز العقبات التي واجهت معين عبدالملك، كانت بقاء أغلب أعضاء حكومته من تشكيلات وتعيينات سابقة، وتعثرت جهود إجراء تعديلات وزارية كان من الممكن أن تدفع بالأداء الحكومي إلى الأمام.
اقرأ أيضاً: استقالة الجبواني والفقيه من الحكومة: تقرير خاص حول أبرز التعليقات
وفي السياق، لا يبتعد التوجه الذي يقوده العيسي عن محاولات تسعى للتأثير على الخيار المرجح ببقاء معين عبدالملك في رأس أي تشكيل حكومي مقبل، بعدما نجح خلال أكثر من عام، بتجاوز عقبات خطيرة تقف أمام أي رئيس وزراء، وفي المقدمة منها العلاقة مع الانتقالي - الطرف الثاني في اتفاق الرياض.
ماذا بعد؟
في ضوء الأزمة التي كانت ملامحها واضحة للكثير من المتابعين، على مدى الأسابيع الأخيرة، وحتى في شهور سابقة بين رئيس الحكومة وتيار نافذ، يقف على رأسه رجل، يُوصف بأنه الأكثر نفوذاً في العديد من المشاريع الاقتصادية وحتى التعيينات في الحكومة، خلال السنوات الأخيرة.
وبعدما وصلت الأزمة إلى تسريبات وأرقام واتهامات متداولة الأسابيع الماضية، يرى مراقبون أن مجمل المستجدات، يمكن أن تكون بمثابة الملابسات التي تسبق الاستحقاق السياسي المرحلي، والمتمثل بكون أن هناك اتفاقاً على تشكيل حكومة جديدة ضمن جملة من البنود، يفترض أن تنزع فتيل الأزمة في عدن ومحيطها بين الشرعية والانتقالي، وتصحيح مسار بوصلة معركة الشرعية المفترضة صوب الحوثيين، الذين يعتمد بقاء سيطرتهم وما حققوه من اختراقات في نهم بأطراف صنعاء وحتى الجوف وصولاً إلى محاولة التقدم نحو مأرب، على الخلافات الحاصلة في إطار الشرعية.
من جانب آخر، وبالنظر إلى جملة من المعطيات من غير المستبعد أن تقود الأزمة بعد ان وصلت ما وصلت إليه مؤخراً، إلى تدخل من قبل الرئيس بوصفه رئيساً للسلطة التنفيذية وباعتبار أن الوضع الحالي غير لائق، وبات عملياً لا يضر معين عبدالملك بقدر ما يضر الرئيس هادي والشرعية عموماً، في حين أن الرئيس بات بحاجة أكثر من أي وقت مضى، لإثبات أن لا علاقة له بمجموعات الضغط الاقتصادية المحيطة به.
عناوين ذات صلة: