آراء

جرائم الهادويين باليمن: عبدالله بن حمزة

حارث عبدالحميد الشوكاني يكتب: جرائم الهادويين باليمن: المجرم عبدالله بن حمزة


الإمام عبدالله بن حمزة هو أكبر مجرم في تاريخ اليمن وفي الإسلام على الإطلاق،
فلم يسفك أحد مثلما سفك من الدماء، ولا أقام أحد مذبحة جماعية كالتي أقامها، ولم يستخدم أحد قاعدة التكفير بالتأويل كما استخدمها في تكفير السنة، رغم أن علاقته كانت إيجابية بالإسماعيلية وتزوج منهم، وكان يحاول جاهدا نفي كونهم إسماعيلية.

وهو من قام بسن الضرائب، وفرض الأعشار الخراجية (التي تؤخذ من أراضي الكفار التي يفتحها المسلمون) من المناطق الشافعية في اليمن، وهو صاحب مذبحة المطرفية الشهيرة حيث قتل منهم مائة الف كما تحكي الروايات، وهو أكبر عنصري في تاريخ اليمن.. كان يرى نسبه وسلالته فوق البشر وأن جزاء من طلب الخلافة أو الإمامة من المسلمين الصالحين لها من غير الآل، قطع اللسان والقتل!! وكان جبارا سفاكا للدماء، ظلوما غشوما، لا رحمه الله..

ومع كل ذلك يعتبره علماء المذهب أحد أكبر العلماء من الأئمة في تاريخ حكمهم (وبئس العلم الذي لا يحجز عن الظلم والجرائم)، فليس أحد من أئمة الزيدية أكثر علما منه واطلاعا على المذهب، كما شهد له الزيدية أنفسهم، وهذا أمر لافت للنظر، فإننا نجد في أهل السنة أن الحكام كلما كان له حظ من العلم أقوى كلما كان أعدل وأحسن وأخوف لله، بينما في أهل البدع العكس تماما، فكلما كان الشخص أكثر علما كلما كان أكثر جبروتا وتعصبا وقتلا وسفكا إذا تولى الحكم أو ساس الرعية، الموافق منهم والمخالف..

إذا قارنّا الحجاج بن يوسف الثقفي بعبدالله بن حمزة فإننا نظلم الحجاج كثيرا، وإن ذكرنا جرائمه بجوار جرائم القرامطة في الجزيرة والحرم المكي في النصف الأول من القرن الهجري الرابع فإننا نرى فعلهم أخف من فعله.

لا تعجبوا مما تقرأون، ولكن انظروا إلى الشواهد والنقولات الآتية.

من هو الإمام عبدالله بن حمزة

هو عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن أبي هاشم، أعلن دعوته من الجوف سنة 583ه، وكانت دعوة احتساب وليست إمامة، والفرق بينهما أن دعوة الاحتساب تكون ممن لم تكتمل فيه شروط الإمامة، ولا يوجد إمام. ثم أعلن دعوته بالإمامة في صعدة سنة 593ه، وتَسمى الإمام المنصور، توفي في كوكبان سنة 614ه، وكانت في أيامه دولة الأيوبيين الذين أرسلهم صلاح الدين الأيوبي لليمن لإقامة دولة للسنة والقضاء على دول الشيعة، فكان ينكمش حكمه إلى كوكبان وشبام وما إليهما، وإلى حصن ظفار أحيانا، ويمتد حتى يصل صنعاء أحيانا أخرى ومناطق أخرى مجاورة كثيرة.

التكفير عند عبدالله بن حمزة

كان من أشد التكفيريين في تاريخ الزيدية، وكان يرى التكفير بالإلزام، وقد تعامل بهذا الأصل الفاسد مع المطرفية لأنهم قالوا بجواز الإمامة والولاية العامة في اليمنيين.

ثم كفّر علماء الزيدية والشافعية الذين لاموه وخطّأوه على فعله الإجرامي ذاك. (انظر كتاب الفضائل لأحمد بن عبدالله الوزير).

ثم أنه كان يكفر الأيوبيين الشافعية الموجودين حينذاك في اليمن، ولذلك سبى بناتهم وقتل جنودهم في صنعاء.

وكان يكفر عموم سنة اليمن، بحجة الكفر بالتأويل، فكان يعتبر أي أرض يفتحها من أرضهم أرضا خراجية عشرية، فيجبي منها العُشر وليس الزكاة كما في مناطق الشيعة.

قال يحيى بن الحسين في إنباء الزمن: غير أنه (يعني محمد بن نشوان الحميري) أنكر على الإمام أمورا كثيرة، منها مسألة الأعشار التي زادها الإمام في بلاد الظاهر. ا.ه

وكتب الإمام عبدالله بن حمزة بخطه (كما أورد يحيى بن الحسين في الكتاب المذكور) التالي: لما استفتحنا المصانع (يقصد مخلاف المصانع في محافظة المحويت حاليا وأهله سنة) بالسيف جعلنا أموالها بأيدي أهلها شركا، (شراكة بلا مبرر شرعيا)، لأنها قد صارت بحكم الله ملكا للمسلمين، وجعلنا لهم القيام بذلك. ا.ه

قال الفقيه الإمام حميد بن أحمد (المحلي) تعليقا على هذا الكلام: هذا صحيح فالمصانع كلها خراجية، وكل بلد يستفتحها الإمام فهي خراجية. ا.ه

تعصبه وضلاله المذهبي

كان في العقيدة على مذهب أبي هاشم السائد لدى الزيدية المخترعة. ا.ه من كلام يحيى بن الحسين في إنباء الزمن.

بلغ من تعصبه أنه قال: إننا نهاب نصوص الهادي كما نهاب نصوص القرآن. انظر الإرشاد للإمام القاسم بن محمد.

رغم شدته وفرط قسوته وظلمه للسنة في اليمن إلا أنه كان ناعما رقيقا محبا للشيعة الإسماعيلية، وهذا أمر غريب، وربما تختفي بعض الغرابة إذا عرفنا أن الهوى هو الذي هوى به إلى هذه الدركة السفلى، فقد تزوج من الإسماعيلية وبالذات من بيت بني حاتم سلاطين صنعاء قبله الذين جاءوا به إلى الجوف وبايعوه أول مرة، فصار يدافع عنهم ويرثي موتاهم.

وقد نقل يحيى بن الحسين عن الهادي بن إبراهيم الوزير أن الإمام عبدالله بن حمزة أول من سن الضرائب والقبالات، وقال: وكان بينه وبين السلاطين من بني حاتم اختلاط ومصاحبة ومصالحة حين صاهرهم وتزوج منهم، وله مراثي فيمن مات منهم في أيامه، مع أنهم من العبيدية الإسماعيلية الباطنية..

إحياؤه كتب الفرق المبتدعة في اليمن وفي العالم

إضافة لضلال هذا الرجل في العقيدة، وكونه معتزليا متعصبا أعمى، من معطِّلة الصفات أصحاب العدل والتوحيد، وكان يسمي أهل السنة الجبرية والمشبهة، ويكفرهم، إضافة إلى ذلك فقد كان سببا لإحضار كتب المعتزلة إلى اليمن وحفظها بعد أن أتلفها المسلمون في كل مكان وقامت دول المسلمين المختلفة وعلماؤهم بحرقها وإتلافها في العراق والشام ومصر وكل مكان..

قال المؤرخ إسماعيل الأكوع في "هجر العلم ومعاقله" الجزء الثالث: وكان (يعني الإمام عبدالله بن حمزة) يبعث إلى العراق من يقتني له الكتب النادرة شراء أو استنساخا، ولا سيما كتب المعتزلة التي كانت له اليد الكبيرة في حفظها وبقائها في اليمن حتى اليوم، بعد أن أبيدت في سائر أنحاء العالم الإسلامي في أعقاب زوال سلطان الاعتزال. ا.ه

مذبحة المطرفية الكبرى

أعظم مذبحة في تاريخ اليمن، أباد فيها هذا المجرم قرابة المائة ألف إنسان أكثرهم أبرياء وغير مسلحين، بحجة الكفر بالإلزام.
ومن أبرز سمات مذهب المطرفية تجويز الإمامة في غير آل البيت وقد أغاظ موقفهم هذا الإمام عبدالله بن حمزة وأتباعه من الزيدية وكان سببا رئيسا في المذبحة الهمجية التي قام بها، وقد دخل معهم في نقاشات طويلة حتى من قبل أن يكون إماما، وقد كان يكرههم، وكتب قبل إمامته على جدار أحد المساجد التي كان يدرس فيها (في سناع) بيت شعر:

أقسمت حلفة صادق برٍّ وفي
لا يدخلنّك -ماحييت- مُطرَّفي

فلما رأى البيت أحد المطرفية كتب تحته:

أوَ ما علمت بأن كل مطرَّفي
عما عمرت من الكنائس مكتفي

أنتم ومسجدكم ومذهبكم معا
كذبالة في وسط مصباح طفي

فأرسلت المطرفية مجموعة كبيرة من علمائهم وزعمائهم ليناظروه ويناقشوه حتى يسحبوا فتيل الخلاف، وكانوا يريدون مناظرته في منطقة "ثلا" فأرسل لهم الإمام عبدالله بن حمزة يعتذر عن الحضور بحجة أنه منشغل بتجهيز جيش للجوف، فعادوا إلى منطقة "قاعة" فأرسل لهم الإمام المجرم عبدالله بن حمزة أخاه يحيى بن حمزة بجيش كبير وأمره بقتلهم جميعا حيث كفرهم بالإلزام لقولهم بجواز الإمامة في غير أولاد الحسين (وهو مذهب أهل السنة والجماعة). قائلا شعرا:

لست ابن حمزة إن تركت جماعة
متجمعين ب"قاعة" للمنكرِ

ولأتركنهمُ كمثل عجائز
يبكين حول جنازة لم تقبرِ

ولأروينَّ البيض من أعناقهم
وسنابك الخيل الجياد الضمّرِ

فقتلهم جميعا، وهم لم يخرجوا لحرب ولا لضرب.

ثم أرسل أخاه وجيشه لقتل كل من يعرف من المطرفية وتخريب قراهم وإحراق مزارعهم، فقتل عشرات الآلاف من الناس، وأحرقت عشرات القرى، وخربت آلاف البيوت، في مذبحة تاريخية موجودة في كل كتب تاريخ الزيدية والسنة.

ذكر الخزرجي في "العسجد المسبوك" الواقعة التالية: فلما كان شهر ربيع الآخر سنة 612ه خرج الإمام عبدالله بن حمزة من صنعاء إلى كوكبان هو وجميع أصحابه، وكان ذلك يوم الأحد الثاني عشر من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة، بعد أن أخرب بعض بيوت أهل صنعاء والدار السلطانية، فتعطلت صنعاء، ثم رجع بعض أهلها إليها فأغار عليهم أخوه الأمير يحيى بن حمزة فدخلها، وفيها جماعة من العرب والغز، وسبى جميع من فيها من النساء والأولاد من العرب والعجم، وذلك يوم الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة.

عنصرية عبدالله بن حمزة

كان هذا الرجل من كبار العنصريين الذين مروا على اليمن. والزيدية بشكل عام مذهب مبني على العنصرية مثل بقية المذاهب الشيعية، التي ترفع عنصر آل البيت على بقية الناس، وتحتكر فيهم الولاية والوصية والأفضلية والعصمة، ومن أسوأ العنصريين في الشيعة آل البيت منهم، فهم يصدقون مذاهبهم فيرون أنهم فوق الناس وأن الدين خاص بهم، ونزل من أجلهم قبل أي أحد آخر، فمثلهم كمثل بني إسرائيل لما قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه.

وهذا عبدالله بن حمزة واحد منهم، وتتضح عنصريته لما قام أحد الزيدية المعاصرين له فأعلن نفسه إماما واتبعته بعض القبائل ولم يكن زيديا، وذلك خلاف المذهب، فاستشاط هذا الإمام، وأنشأ قصيدة طويلة يبين أن الدين إنما جاء لآل البيت قبل غيرهم، وأن من طلب الحكم والولاية غيرهم فهو ضال مضل، جزاؤه قطع اللسان والقتل، وأن من دعا إلى مساواة الناس بآل البيت كمن يدعي مساواة الكلب بالأسد، وغيرها من الترهات التي قالها من واقع تربيته الرديئة ومذهبه العنصري.

وهذه هي قصيدته المشهورة التي بيّن فيها حكم من يدعي الإمامة من أهل اليمن ولا ينتسب النسب العلوي:

ما قولكم في مؤمن قوّامِ
موحد مجتهد صوّامِ

حَبر بكل غامض علامِ
وذكره قد شاع في الأنامِ

لم يبق فنٌّ من فنون العلمِ
إلا وقد أمسى له ذا فهمِ

وهو إلى الدين الحنيف ينتمي
محكم الرأي صحيح الجسمِ

وهو من أرفع بيت في اليمنْ
قد استوى السر لديه والعلنْ

وماله أصل إلى آل الحسنْ
ولا إلى آل الحسين المؤتمنْ

ثم انبرى يدعو إلى الإمامة
لنفسه المؤمنة القوامة

ما حكمه عند ثقاة الفضلِ
لما تناءى أصله عن أصلي

ولم يكن من معشري وأهلي
أهل الكسا موضع علم الرسلِ

أما الذي عند جدودي فيهِ
فيقطعون لِسنه من فيهِ

وييتمون جهرة بنيهِ
إذ صار حق الغير يدعيهِ

ياقوم ليس الدرُّ قدراً كالبعَرْ
ولا النظار الأبرزي كالحجرْ

كلا ولا الجوهر مثلٌ للمدرْ
فحاذروا في قولكم مسّ سقرْ ْ

حمدا لمن أيّدنا بعصمته
واختصنا بفضله ورحمته

وصيّر الأمر لنا برمته
من كل من أظهر من بريته

صرنا بحكم الواحد المنانِ
نملك أعناق ذوي الإيمانِ

العلم في آل النبي من الصغرْ
نص عليه جدهم خير البشرْ

وغيرهم ليس بِمُغنيه الكبرْ
ان طال شعر رأسه أو انتثرْ

هذه قصيدة هذا المجرم عبدالله بن حمزة التي أنشدها بعد ان سبح في بحيرة من دماء مائة الف من أبناء اليمن لانهم قالوا بجواز الامامة والولاية في اليمنيين فكان رده بأن الولاية والعلم خاص بالنسب العلوي وان من يدعي الإمامة وفيه كل صفاتها ولو كان من ارفع بيت يمني، فحكمه القتل. ثم علل ذلك بأن أدعياء النسب الهاشمي خلقوا من در وذهب وجوهر وأبناء اليمن أرباب الحضارات سبأ ومعين وحميَر، خلقوا من بعر ومدر وحجر قاتله الله.

ولاشك ان ابليس احمر وجهه خجلا من نزعة هذا الدجال الامامي لأن ابليس كان عنده شبهة عندما قال "انا خير منه" لأن آدم خلق من طين وابليس خلق من نار، أما عبدالله بن حمزة فلا شبهة تستدعي أن يقول (أنا خير منه) وأنه خلق من در وجوهر واليمنيين خلقوا من بعر ومدر، لأن الجميع خلقوا من طين. عندها غادر الشيطان اليمن وقال في نفسه لقد تركت في اليمن شياطين الإمامة فهم أشد مني خبثا ومكرا.

*باحث ومفكر يمني.

زر الذهاب إلى الأعلى