تقارير ووثائق

عدن وسط تدهور صحي وبيئي: كورونا إلى المكرفس وأوبئة أخرى

تقرير صفية مهدي حول وضع عدن وسط تدهور صحي وبيئي: كورونا إلى المكرفس وأوبئة أخرى


في حرب مع البعوض والذباب، تعيش أسرة اليمني هشام عبدالله المؤلفة من خمسة أفراد في مدينة عدن، قرب إحدى المساحات الفارغة، التي تتجمع فيها آثار مياه الأمطار وتتضرر من حين إلى آخر بطفح مياه الصرف الصحي، في المدينة التي سجلت العدد الأعلى من الإصابات المؤكدة بفايروس كورونا في اليمن.

مدينة عدن الجنوبية تعيش مأساة مركبة مع ارتفاع درجات الحرارة ومع تفاقم أضرار السيول التي حصلت مؤخراً ومع ضعف الخدمات، ما جعلها ساحة لأكثر من وباء من كورونا إلى المكرفس وأوبئة أخرى.

يقول عبدالله ل”درج ” أن الوضع يصبح كل يومٍ أسوأ، ومنذ أسابيع، لا تزال بقع كثيرة غارقة بالمياه من آثار المنخفض الجوي الذي تعرضت له المدينة في 21 نيسان/ أبريل المنصرم، ورافق ذلك انتشار أعداد كبيرة من البعوض والذباب. ويضيف، “نستنشق السم (مبيد الحشرات)، بصورة يومية، بسبب انتشار الذباب الناتج عن آثار المياه والمجاري وتكدس القمامة في المنطقة”.

أوبئة متعددة وخدمات متدهورة

تحولت الكارثة الصحية والبيئية التي تعيشها عدن إلى عنوان متكرر في وسائل الإعلام، مع توارد أنباء عن انتشار أوبئة وأمراض متعددة، إذ تضم المدينة العدد الأكبر من الإصابات المؤكدة ب”كورونا”، فضلاً عن انتشار مرض يُعرف محلياً ب”المكرفس”، ويسمى علمياً “حمى الشيكونغونيا”. وأشارت مصادر محلية إلى أن عشرات الحالات سُجلت في المدينة في الفترة الأخيرة.

ويضيف عبدالله أنه وأسرته التي تضم زوجته وأطفاله الثلاث، يعيشون في أجواء “غير صحية على الإطلاق”، ففي ظل درجات الحرارة المرتفعة وانتشار الأوبئة، “كل ما حولك يرفع المخاوف”، فحتى الإجراءات الوقائية من “كورونا”، ضعيفة للغاية خصوصاً في شهر رمضان، على رغم فرض حظر التجوال ليلاً.

ويشير إلى أن انقطاع الكهرباء المتكرر يمثل الفصل الآخر من المأساة التي يعانيها مختلف السكان، وسط صيف حار، إذ تعود الكهرباء بمتوسط ثلاث ساعات وتغيب مثلها تقريباً، ما يؤثر في قدرة السكان على البقاء في المنازل أو توفير التهوئة اللازمة للحد من الأمراض.
مركز انتشار “كورونا” يمنياً

اليمن كان من آخر البلدان التي أعلنت عن حالات إصابة مؤكدة ب”كورونا”، إلا أنه دخل النفق بشكل مأساوي، وعدن الآن تتصدر المدن التي ينتشر فيها الوباء، إذ سجل فيها أكثر من نصف الحالات التي سجلت رسمياً على مستوى البلاد.

وأظهرت مقاطع فيديو متداولة جانباً من الكارثة التي تعيشها المدينة، إذ رفضت مستشفيات تعاني أصلاً من تدهور صحيّ، استقبال حالات مشتبه بإصابتها بكوفيد-19، في ظل تحذيرات من أن العدد الفعلي للمصابين، قد يكون أكبر بكثير، لكنهم لم يصلوا إلى المستشفيات لإجراء الفحوص المناسبة.

في 6 أيار/ مايو 2020، وجه 200 طبيب في المدينة دعوة في بيان مشترك، إلى فرض حالة الطوارئ في المدينة لمواجهة الفايروس، في ظل الوضع الصحي المتدهور في المدينة.

كارثة السيول والصرف الصحي
خلفت الأمطار التي هطلت بغزارة جراء منخفض جوي في عدن في نيسان، الكثير من الوفيات وتسببت بأضرار واسعة على عشرات المساكن والمرافق العامة والخاصة والبنية التحية، وعلى رغم انطلاق الدعوات إلى إغاثة المدينة، وصرف الحكومة مبالغ مالية لمعالجة أضرار السيول، لا تزال الآثار مستمرة حتى اليوم.

وما زاد المأساة، بحسب، سالم محمد، وهو موظف في السلطة المحلية في عدن، “طفح مياه الصرف الصحي واختلاطها مع السيول، في أحياء في المدينة، تعاني أزمة مع “الصرف الصحي” منذ سنوات، إذ تصب مجاري بعض التجمعات في مساحات غير بعيدة من الأحياء”.

وتقول الإعلامية والناشطة الحقوقية أندى حسين ل”درج”، إن “الوضع الصحي في عدن يزداد سوءاً بعد هطول الأمطار وتراكم السيول، والتي أثرت بشكل سيئ جداً في صحة المواطنين بانتشار الحشرات والبعوض وكثرة الحميات من ملاريا وحمى الضنك والمكرفس وأمراض أخرى لم يعرف نوعها، البعض يرجح أنها وباء كورونا”.

وتقول إنه “مع الوضع المزري في المستشفيات وعدم استقبالها بعص الحالات، يلجأ المواطن المريض إلى الذهاب إلى الصيدليات لأخذ بعض الدربيات والمضادات التي قد تخفف من معاناتهم ولكن للأسف قد يؤثر ذلك سلباً في حياة المرضى”.

وتردف حسين أن “عدم الالتزام بالحجر الصحي يزيد المخاوف”، إذ “تنتشر معظم الحالات المصابة في المناطق الشعبية والعشوائية التي تأثرت بشكل كبير مع الأمطار واختلاطها بمياه المجاري والقمامة، حيث أغلب الاحياء تفتقر إلى بنية تحتية للصرف صحي ما يفاقم الوضع الصحي للسكان”.

وفيات بالعشرات

أظهرت إحصاءات مسربة، نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيل عشرات الوفيات يومياً، تقول مصادر غير رسمية إن جزءاً كبيراً منها، جراء الحميات الفايروسية، إذ تم تسجيل 73 حالة وفاة في يوم واحد، بحسب مصلحة الأحوال المدنية، لكن الجهات الصحية الرسمية لم تقدم معلومات بشأن الأسباب.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى