تقارير ووثائق

نجيب السعدي: السعودية قدَّمت الكثير لليمن، والحوثيون يفرغون المحافظات من كلِّ من يخالفهم.. حوار

رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، نجيب السعدي يقول في حوار صحفي مع مجلة المنبر اليمني إن السعودية قدَّمت الكثير لليمن، والحوثيون يفرغون المحافظات من كلِّ من يخالفهم


لقد أحدثت الجائحة الحوثية نزوحًا جماعيًا للشعب اليمني لم يشهد له التاريخ مثيلًا حتى في عصر انهيار سد مأرب الشهير في العصور الغابرة. فقد اكتفى السد بإغراق ما حوله من القرى والمدن، ونجت كل مناطق اليمن حينها من الجائحة، لكن الكارثة الحوثية أغرقت اليمن كلها، وتسبب في موجة نزوح داخلي وخارجي بلغ تعدادها الملايين.
الأستاذ نجيب السعدي، رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، التي أنشئت في عام ٢٠٠٩ لتتولى عملية استيعاب النازحين، والعناية بهم، وتقديم الخدمات لهم، وتنسيق جهود العمل الإنساني الذي يستهدفهم. أوضح من خلال هذا اللقاء جانبًا من مشكلة النزوح، ودور الوحدة التنفيذية في تخفيف المعاناة عمن شرّدهم الحوثيون من مناطقهم ومنازلهم، وكثيراً من القضايا الوطنية المتصلة بالمعركة اليمنية ضد المشروع الإيراني وأدواته الحوثية.
- أستاذ نجيب، يسعدني أن أجري معك حوارًا لمجلة المنبر اليمني، مرحبًا بك في هذا اللقاء الصحفي.
• مرحبًا بك وبمجلة المنبر اليمني.
- كيف تقرأ المنهجية الحوثي في تهجير اليمنيين؟
• ميليشيا الحوثي جماعة مسلحة تنتهج العنف وسيلة لفرض معتقداتها وآرائها من أجل الوصول إلى الحكم؛ وهذا يجعلها تخوض حروبًا دائمة في كلِّ اتجاه، ما يجعل أبناء المناطق التي تتعرّض لحرب من قبل الحوثي عرضة للنزوح. كذلك تقوم بمضايقة المخالفين لها ومن ليس معها، ونتيجة لذلك يهاجرون خوفًا من بطش هذه الجماعة. فمنهجها هو التطهير لكل مخالف لها ولمن ليس معها.

- هل هناك تحرك ما باتجاه تحميل قادة الحوثي المسؤولية الجنائية والقانونية عن كارثة التشريد الداخلي والخارجي لليمنيين؟ يعني رفع قضايا في المحاكم الدولية كجرائم حرب.. إضافة لوقائع القصف الحوثي على مخيمات النازحين كلِّ مرة.
• من المؤكد أن الانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحق المدنيين جرائم لا تسقط بالتقادم؛ لذلك لن يفلت مرتكبوها من العقاب، وجهود تحريك الانتهاكات وتحميل قادة الحوثي مسؤوليتها هذه ليست من مهامنا كوحدة تنفيذية، وهي من مهام جهات أخرى، مثل: وزارة حقوق الإنسان والنيابة، وأعتقد أن هناك جهودًا طيبة من قبل هذه الجهات في هذا الجانب.

- هل هناك تجريم دولي واضح للحوثي الذي تسبب في النزوح وقيامه بقصف مخيماتهم؟
• رغم أن هذا السؤال يندرج تحت إجابه السؤال السابق، لكني سوف أجيب عنه من وجهة نظرنا. نعم هناك تجريم دولي لجميع الانتهاكات؛ وإن لم تكن بحجم الجرائم والانتهاكات التي يقوم بها الحوثي، فنجد أن المنظمات والجهات الدولية أخف لهجة في الانتهاكات التي يرتكبها الحوثي، وهذا يعود لأسباب عدة، منها: عدم قدرة الجهات التابعة للشرعية المعنية بالانتهاكات على تقديم الانتهاكات بشكل جيد للمنظمات وفق المعايير الدولية عبر الآليات المتبعة لمثل هذه الحالات، وهذا بسبب الافتقار إلى الكوادر المؤهلة، وافتقار الكادر الموجود للمعرفة بآليات العمل الدولية، واقتصار العمل في جانب الانتهاكات على العمل الإعلامي فقط، كذلك من الأسباب عدم تبنّي عمل استراتيجي بعيد المدى فيما يخصُّ الانتهاكات، وتجريم ما يقوم به الحوثي، وجميع الأعمال تكون فقط ردود أفعال لا أكثر، بسبب عدم إدراك الكثيرين أهمية المعركة الحقوقية، مع أن المعركة الحقوقية هي من يعطي المبرر الأخلاقي للمعركة العسكرية، أو ينزع منها هذا المبرر، كذلك الحوثي يعمل على تضليل كثير من المنظمات عن طريق المنظمات والناشطين التابعين له، وقد أصبح لديهم خبرات كبيرة ومتراكمة بدأت من تسعينيات القرن الماضي.

- سعت السعودية إلى عقد مؤتمرٍ لدعم اليمن، وتعدُّ أكبر الدول عطاءً ودعمًا لليمن... ما آثار هذا الدعم على الوضع في اليمن؟

• السعودية قدَّمت الكثير للشعب اليمني، سواء في المجال الإنساني أم الاقتصادي، بشكل مباشر أم غير مباشر. فهي تقدّم دعمًا إنسانيًا مباشرًا عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ودعم المركز معروف، حيث نجده متواجدًا في كلِّ مكان، ومبادرًا لتقديم الدعم، كما أن المملكة تقدم دعمًا للمنظمات الدولية التي تعمل في الجانب الإنساني في اليمن، فالسعودية تموّل نصف خطة الاستجابة الإنسانية، وقدمت الوديعة للبنك المركزي، وكل هذا يؤثر إيجابيا في استمرار الخدمات للمواطنين، وتحقيق استقرار نسبي لسعر الريال.

- هناك حديث عن أن المنظمات الأممية تستهلك نصف الدعم المقدَّم لليمن في الجانب الإداري والتنظيمي، ما حقيقة ذلك؟
• لم يعد خافٍ على أحد أن كثيرًا من أموال خطة الاستجابة الإنسانية تذهب لتغطية مصاريف تشغيلية ومرتبات خبراء أجانب ومصاريف سفر وإجازات؛ وهذا يستهلك قرابة 25% من قيمة المشروع أو التمويل، وفوق هذا تأخذ المنظمات نسبة 7% أخرى من قيمة التمويل لتغطية مصاريف المنظمة في بلدها الأم، ورغم هذه المصاريف فإننا نجد المنظمة لا تنفذ العمل عبرها مباشرة، وإنما يتم عن طريق منظمة محلية (شريك محلي)، ومصاريف جديدة لنفس البنود والوظائف السابقة، وتصل نسبة مصاريف الشريك المحلي بين 12إلى 17 % من قيمة المنحة، وهذا لا شك تبديد للأموال التي كان بالإمكان أن يتم ترشيد الصرف وتوجيهه الوجهة الصحيحة.

- هناك حديث عن مشاريع المنظمات الدولية وأنها لا تلبي احتياجات المحتاجين، وتذهب في أعمال لا فائدة منها، فما تعليقكم على ذلك؟
• نعم هناك سوء استخدام للموارد المتوفّرة للمنظمات، وتسخير هذا الدعم في أنشطة لا تلامس الاحتياج الحقيقي للناس، مثل: أنشطة التوعية، والملصقات، وتعليم كيفية غسل الأيادي (ما قيمة أن تعلّمه كيف يغسل يديه، وفي اليوم التالي يذهب لينبش في القمامة لكي يأكل منها). كذلك المشاريع لا تتصف بالاستمرارية، وجميعها أنشطة وقتية، وهذا يعدُّ تبديدًا للموارد، فبالإمكان أن يتم عمل المنظمات من خلال المؤسسات الحكومية القائمة، فبدلًا من إنشاء عيادة مؤقتة يتم إصلاح المركز الطبي.

- ما أوجه الدعم المقدمة للنازحين؟
• يتم تقديم الدعم للنازحين في مختلف القطاعات؛ الصحية، والتعليم، والغذاء، والحماية، والإيواء، ويتم تقديم خيام وفراشات، إضافة إلى سلال غذائية، والصحة، والتعليم للأطفال.

- كيف يتم تأمين مصادر الدعم؟
• الوحدة التنفيذية جهة رصد، وهي جهة وسيطة لا تستلم في حسابها أي دعم؛ لا من الحكومة ولا من أي جهة أخرى، لا دعم المصاريف التشغيلية، ولا غيرها، وليس دورها استلام الدعم أو توزيعه. دورنا العمل على تحديد الاحتياجات ورصدها، ومن ثم التواصل مع المنظمات لتلبية هذه الاحتياجات.
- أكبر الدول الداعمة؟
• بالتأكيد المملكة العربية السعودية.

- تعاني اليمن من تفشي وباء كورونا، وفي ظلِّ التعاطي الحوثي مع الوباء الذي أدَّى إلى مضاعفة انتشاره، كيف ترى الوضع الصحي للنازحين واليمنيين عمومًا، خاصة في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون؟

• الوضع الصحي في اليمن متردٍّ بشكل عام، وأوضاع النازحين أكثر ترديًا، وهم أكثر عرضة لانتشار فيروس كورونا لعدد من الأسباب، أولًا: أن مخيمات النازحين مفتوحة، ويسهل انتقال الفيروس. ثانيًا: ازدحام المخيمات. ثالثًا: عدم وجود أدوات نظافة وتعقيم كافية. رابعًا: أغلب النازحين مضطرون للخروج بشكل يومي لكسب العيش. كل هذا يجعل من الأهمية إيلاء مخيمات النازحين عناية خاصة حتى لا تصبح بؤرة لانتشار فيروس كوفيد١٩.

- كيف تقيّم موقف الأمم المتحدة من التمرّد الحوثي على الشرعية في اليمن؟
• من الأخطاء الشائعة أننا ننتظر حلًا من الأمم المتحدة، أو ننتظر موقفًا من الأمم المتحدة مما يفعله الحوثي. لن يكون هناك موقف للأمم المتحدة من الحوثي أو أي عصابة أخرى. الأمم المتحدة تتعامل مع من هو على الأرض، علينا أن نحسم أمرنا على الأرض، وسيأتي الجميع يطلب ودنا ورضانا.
- لماذا برأيك موقف المبعوث الأممي غريفيت متراخٍ؛ فهو إلى اليوم لم يضغط على ميليشيا الحوثي بإطلاق المختطفين رغم تفشي وباء كورونا في السجون، وإطلاق نداءات استغاثة عديدة من منظمات محلية وأممية؟
• المبعوث الأممي يتعامل في عمله في اليمن من منطلق كونه موظفًا أو تاجرًا يهمّه كسب رضى جميع العملاء لديه، سواء كان حوثيًا أم غيره؛ فهو لا يريد إغضاب الحوثي حتى يستمر في مقابلة قيادة الحوثي؛ ليوهم العالم عبر إحاطاته لمجلس الأمن أن عملية السلام في تقدّم. المبعوث الأممي أبسط ما يمكن أن نقول فيه: أنّه أحد أسباب معاناة الشعب اليمني، وأنه يرفع تقارير مضلله وغير حقيقية.

- الحوثي شرَّد الجميع، فلماذا لا يتَّحد الجميع ضده؟
• إلى الآن للأسف الكثيرون لازالوا يجهلون خطورة مشروع الحوثي؛ لذلك لم يتّحدوا ضده.

- كلمات توجهها، ما هي؟ ولمن؟
• للتحالف أقول: الحزم والحسم هما عنوان تدخل التحالف في اليمن، ونحن أحوج ما نكون لهما الآن.
• لممولي خطة الاستجابة الإنسانية أقول: ستظل اليمن ثقبًا أسود يلتهم كلَّ الدعم دون فائدة ما لم يتم العمل عن طريق مؤسسات الدولة، ويتم إعادة تفعيل هذه المؤسسات.
• للمنظمات الدولية أقول: المنظمات تأتي لمساعدة الدول للقيام بمهامها في تقديم الخدمات، ولا يمكن أن تكون بديلًا عن الدول.

إبرازات
- الحوثي يعمل على تضليل كثير من المنظمات عن طريق المنظمات والناشطين التابعين له
- المنظمات الدولية تستهلك 49% من قيمة تمويل خطة الاستجابة الإنسانية، منها 25% لتغطية مصاريف تشغيلية ومرتبات خبراء ومصاريف سفر وإجازات، و7% لتغطية مصاريف المنظمة في بلدها الأم، ويأخذ الشريك المحلي بين 12إلى 17 % من قيمة المنحة.
- علينا أن نحسم أمرنا على الأرض، وسيأتي الجميع يطلب ودنا ورضانا
- الوضع الصحي في اليمن متردٍ بشكل عام، وأوضاع النازحين أكثر ترديًا، وهم أكثر عرضة لانتشار فيروس كورونا
- المبعوث الأممي يتعامل في عمله في اليمن من منطلق كونه موظفًا أو تاجرًا يهمّه كسب رضى جميع العملاء لديه، سواء كانوا حوثيين أم غيرهم.
- هناك سوء استخدام للموارد المتوفرة للمنظمات، وتسخير تلك الموارد والدعم في أنشطة لا تلامس الاحتياج الحقيقي للناس

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى