تدليس إمامي لا ينتبه له كثير من الكتاب
د. عبدالله الشماحي يكتب: تدليس إمامي لا ينتبه له كثير من الكتاب
هناك مسألة مهمة لا ينتبه كثير من الكتاب المتأخرين إليها، وهي أن أتباع الأئمّة عبر تأريخ اليمن، وكتّاب سيرهم، دوماً يصوّرون وجود إمام عبر تأريخ اليمن وبتواصل. ولو اطلعت على بعض كتاباتهم المتأخرة، عن اليمن في الفترة الجمهورية، منذ سبتمبر 1962، حتى قبيل ظهور الحوثي، فستجد أنهم يتحدثون عن إمام قائم في أوساطهم.
ولو سبق أن دخل أحدنا إلى مكتبة الإمام زيد بصنعاء، وفي أحداث حروب صعدة أيام الرئيس علي عبدالله صالح، فسيجد صورة كبيرة في واحدة من القاعات، لمجد الدين المؤيدي، ومكتوباً تحتها "إمام العترة"!
لذا فمؤرّخو الأئمّة في اليمن، مشهورون بالتدليس للتأريخ. ولو اطلعنا على ما كتبه عدد من حاشية الأئمة في فترة بيت حميد الدين مثلاً، فسنجد ذلك التدليس جليّا، فهم يبرزون أئمّتهم بأنهم القائمون في اليمن عبر تأريخ اليمن الإسلامي، ويذكرون الحكام الحقيقيين والدول القائمة، بكلمة "عارض"؛ فيقولون "وقد عارض الإمام عليه السلام في أيامه .."، ولذا فطائفة منهم تعتبر أن مجد الدين المؤيدي مثلاً، كان الإمام في اليمن، وقد عارضه علي عبدالله صالح، وهكذا هم يدلّسون التأريخ.
وهناك ملاحظة مهمة أن الكثير من هؤلاء الذين أطلق كتاب الكهنوت عليهم "أئمّة" عبر تأريخ اليمن، لم يكن وضعهم أكثر من وضع فَقِيه في إحدى الهِجَر في أوساط القبائل، أو في أكثر تقدير في مستوى شيخ في القبيلة، إلّا أنهم يتأفّفون عن إطلاق شيخ قبلي عليه، فيصفونه بالإمام.
وختاماً نقول؛ إن الكهنوت الإمامي السُّلالي عبر تأريخ اليمن الإسلامي، أثبت أنه عبارة عن جرثومة خبيثة تبث الصراع في الداخل اليمني وتتسبب في سفك دماء اليمنيين، بين حين وآخر، ولكن الكهنوت الإمامي هذا لم يتمكن من حكم اليمن عبر تأريخه، إلّا لفترات محدودة ومتقطعة، لأن اليمني كان دوماً رافضاً للقبول بحكم الكهنوت، وهذا عكس مايطرحه اليوم السُّلاليون في الأوساط داخلياً وعربياً ودوليّا، بأنّهم هم حكام اليمن طوال أكثر من ألف عام.
د. عبدالله الشماحي
. صفحة الكاتب