آراء

سيكولوجيا النظرية الإمامية

ثابت الأحمدي يكتب: سيكولوجيا النظرية الإمامية


باستقراء التاريخ الاجتماعي للجماعة الإمامية منذ تواجدت على أرض اليمن، وبتتبع البنية التضاريسية لها نستطيع القول أنهم جماعة في مجتمع، لا جماعة من المجتمع، وفرق بين الاثنين؛ إذ لا يزالون متحوصلين على ذواتهم، منطوين على معتقدات وأفكار خاصّة ومغايرة لثقافة المجتمع اليمني عبر تاريخه الحضاري العريق.

إنهم كيان ذو نزعة استعلائية، قائمة على الوهم والتمجُّد، وعلى ادعاء ما ليس لهم، ليكسبوا ما ليس من حقهم أن يكسبوه من امتيازات مادية ومعنوية، مستغلين حالة الجهل في كثير من المناطق؛ بل ساعين بقوة إلى تجهيل الشعب، وصرفه إلى شؤون الحياة الضرورية اليومية من مأكل وملبس، فيما التعليم والتثاقف والترقي الاجتماعي والسياسي حكرا عليهم وحدهم. وأدبياتهم الدينية والتاريخية طافحة بهذه العُقد التي جرت الويلات على شعبنا اليمني العظيم.

الكيان الإمامي البغيض وهو التسمية الأنسب لهم يستبطن العداء والازدراء لليمن منذ قرون غبرت؛ لذا دمر تراثه المادي واللامادي، وسام الناس سوء العذاب بالبطش والتنكيل، وجهل شبابه عن عمد، ليسهل له قياد العامة من الناس، لأن قيادة القطيع سهلة، ويسهل خداعهم بأقل الإمكانيات، ذلك أنه يفتقر للشرعية والمشروعية في حكمه، ولذا فالأفضل له أن يبقوا على قدر عالٍ من الجهالة والتخلف، وإلى هذا المعنى أشار الشاعر عبدالله حمران مخاطبا الإمامة في قوله:

وهبناكم الحكم إذ كنتمُ تهيمون في بقعٍ خاليةْ
وقلنا يمانون أهل لنا ولا عاشت القيمُ البالية
وصرنا لكم في المُلمَّات جندا وصرتم بنا قممًا عاليةْ
مزجنا خلال السنين الطوال دمانا بكم حرة غاليةْ
ولكنكم رغم مر السنين بقيتم على أرضنا جاليةْ!

سيكولوجيًا، يشعر الإماميون أنهم في حرب مستمرة مع الشعب من حولهم، يستخطرون كل من عداهم، وخاصة من لم يؤمن بفكرهم الكهنوتي البغيض، فهو عدو، يجب التخلص منه والقضاء عليه. وحين يرون لهيب الغضب يتسعر من قبل الناس تجاههم سرعان ما يلجأون إلى محاولة خلق عدو وهمي للأمة، وهنا يصبح من الميسور إصدار مختلف أنواع الإشاعات بشكل مهوّل، ومبالغ فيه وفي أي وقت، وهذا أسلوب يستخدمه الديكتاتوريون والطغاة وكل الأئمة طغاة في الغالب؛ إذ يختلقون أمام الشعب عدوًا وهميًا وخطيرًا ليواروا سوءاتهم الشنيعة، وبين يدينا على سبيل المثال إيران اليوم، منذ أول يوم للثورة الخمينية جعلت من أمريكا "الشيطان الأكبر" حد تعبيرها، فقمعت الشعب باسم محاربة الشيطان الأكبر، كما فعل الطغاة من الأئمة في اليمن، ولطالما قمع الإمام يحيى ومن بعده نجله أحمد كل ثائر أو معارض لهما بحجة أن هؤلاء الناس عملاء الإنجليز..!

إن هذا التحوصل والتقوقع على الذات الذي يتخذه الكيان الإمامي ثقافة؛ بل وعقيدة له جزء من الشعور بالارتهان للأصل الذي تورد منه، ولم يستطع الاندماج مع القوم في المجتمع الجديد، و"من يتَتَبَّع أغوار وفجاج هَذِه النَّظَريَّة الجديدة والطارئة لا على اليَمنِ فحسب؛ بل على المنطقة العَربيَّةِ كلها، يلمح أمشَاجَها الثَّقَافيَّة الأولى قد تَسربتْ من خَارج حُدود المنطقة إبَّان الانفتاح الحضَاري الجَديد الذي حصل بين الثقافتين الإسْلاميَّة والفارسية، في إطار التأثر والتأثير بين المجتمعات؛ لاسِيَّما المجتمعات المتجاورة جغرافيًا، كما هو الشَّأن بين العَربِ والفُرس".

يقول معروف الرصافي في "الشخصية المحمدية" وهو بصدد الحديث عن إسلام الفرس وتعاملهم مع الدين الجديد، بعد القادسية: ".. إن الفُرسَ المغلوبين على مُلكهم كانت نفوسهم في صدر الإسلام تتقدُ غيظا، وقلوبهم تضطرم حقدا على العرب الذين كانوا هم الرافعين لواء تلك النهضة العربيَّة الإسلاميَّة، والذين اكتسحوا بجيوشهم الجرارة بلادَ فارس من أدناها إلى أقصاها. ثم إنهم دخلوا في الإسلام كرها، وأخذوا يعملون على إعادة ملك الأكاسرة من طريق الدين، فتظاهروا بحب علي وأولاده من أبناء الحسين، النازلين من صُلب ابنه علي زين العابدين الذي يمتُّ بنسبه من جهة أمه إلى الأكاسرة، ملوك الفرس..".

مضيفا: "هذا هو أساس فكرة التشيع، ثم اتسعت هذه الفكرة، وتشعَّبتْ بمرور الزمان، فافترق لها المسلمون إلى فرق وطوائف شتى، كلهم متعادون محتربون".

إن تقييم النظرية الإمامية سيكولوجياً، يستدعي أولا تقييم المنظِّر نفسه، لمعرفة الحقيقة من جميع جوانبها الثقافية والاجتماعية والسياسية. فلقد عاش الإمَامُ الهَادي منذ طفولته المبكرة وضعًا نفسيًا استثنائيًا وحرجًا، بحكم تضاريس البيئة السِّيَاسِيَّة المتصارعة التي عاش فيها في جبل الرَّس وما حوله. فحين تفتق وعيُه صَغيرًا كان أول ما نمى وتنامى إلى مَسامعِه قَضايا الصِّرَاع السِّيَاسِي والظلم والعسف الذي لاقته أسرتُه من بني عمهم، العباسيين، بسبب خروج العلويين على الدولة، فاتخذ العباسيون، ومن قبلهم الأمويون مواقف صارمة، وخاصة الأمويين الذين تعاطوا معهم بحديّة، وهي حديّة لا بد منها، إذا ما نظرنا إليها من زاوية رجل الدولة؛ ذلك أن العلويين حين فشلوا في الوصول إلى السلطة بالتغلب، وهي الشرعية القائمة والممكنة حينها، لجأوا إلى الادعاء الخرافي بأن لهم حقا مكتوبا في السماء، فكان الأمر موضع سخرية، إلى حد السخرية من الفرع الهاشمي كاملا، كما يؤثر عن يزيد بن أبي سفيان قوله:

لعبت هاشم بالملك فلا
خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل

فيزيد هنا ينظر إلى حقيقة الصراع على أنه هاشمي أموي، وليس دينيا سماويا. وهكذا حسم أمره معهم، كما فعل ذلك أبناؤه وأحفاده من بعده.

وعلى أية حال.. شكلت هذه الحديّة في التعامل نوعا من الكبت لدى العلويين الهاشميين أهل الرفادة والسقاية قبل الإسلام، وذهبت أمية بالمجد، ومن بعدها بنو العباس دون هؤلاء، فتشكلت نفسية حاقدة متأزمة منتقمة من جميع من حولها إلى حد قول يحيى بن عبدالله بن الحسن في رسالة إلى هارون الرشيد: ".. حتى لوددت أن أجد السَّبيل إلى الاستعانة بالسِّباع عليكم، فضْلا عن الناس".

هذا النص لا يعكس فقط خصومة سياسية، ولا عداء شخصيا فحسب؛ بقدر ما يعكس نفسية متأزمة حاقدة، وعقلية انتقامية جريئة وانفعالية مندفعة، هي النفسية العلوية منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم.

وقد يقول قائل: من غير المعقول أن تظل النفسية ذاتها أو العقلية التفكيرية رغم طول المدة الزمنية، فنقول: ما دامت الفكرة التي يحملها الأحفاد ممتدة من ذلك الزمان إلى اليوم فمن الطبيعي أن تكون النفسية بذات المستوى الحاقد المتأزم وأكثر. إنهم ينشؤون تنشئة خاطئة بأن الآخرين ذئاب ووحوش سلبوهم حقوقهم الممنوحة لهم من السماء، فمن الطبيعي إذن أن يكونوا بهذه النفسية المتأزمة التي جعلتهم في حالة حرب وغليان نفسي على الدوام حتى في السلم، وفي الرخاء، فإن مراجل الحقد تغلي داخل صدورهم، ولن يهدأ أوارها حتى يكونوا هم على رأس السلطة، ولو منحت العلوي ملك قارون وجبروت فرعون ما هنأ له عيش إلا أن يكون على رأس الحكم.

وما لم يكن العلوي على رأس الحكم فإن حربه مفتوحة على الجميع بلا استثناء، فكل الناس عنده يزيد، وكلهم معاوية، وكلهم كفرة مارقون عن الملة، سلبوا آل البيت حقوقهم..! حتى يتنازل الناس أجمع عن حقوقهم وينصبوه إماما عليهم، ومن بعدها يقدمونه عليهم، ويعطوه الخمس وما خف وزنه وغلا ثمنه؛ وحينها وفي غمضة عين، سيتحول هؤلاء الناس إلى سلمان الفارسي والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر، كما سيصبحون مؤمنين موحدين..!

إن شخصية هذا الكيان فصامية، تعيش المتناقضات الداخلية، قوانين الكون ودساتير الحياة مرتهنة بموقف الناس من علي بن أبي طالب وفاطمة (رضي الله عنهما)، بل إن حياة الناس الدنيوية والأخروية مرتبطة بعلي وفاطمة..! علي هو محور الكون..!

لهذا هم غير أسوياء، وهم فصاميون، وهم مغتربون عن الحياة، يعيشون وسواسا قهريا في محيطهم النفسي الذي عزلوا أنفسهم به، يكادون يتميزون غيظا، في وجوههم اللهب، وفي أعينهم الشرر حتى يكونوا هم الأئمة والولاة، ولو كانت إمامتهم على بيضة، لهذا كثر الصراع والاحتراب ليس مع الآخرين فحسب؛ بل فيما بينهم البين. ولو قُدّر للبشرية جميعا أن تفنى في لحظة واحدة على كوكب الأرض وبقي على وجهها علويان اثنان فقط، لتقاتلا بالسيف على الإمامة..!

الأزمة نفسية، سيكولوجية، أسرتهم "البارانويا" الزائفة. وما الاحتراب والقتل والتدمير وحرب الشائعات إلا جزء من تجلياتها، ومن الصعب إذن إصلاح القوم بالدين أو الثقافة قبل إصلاح النفسية المتأزمة، وإعادة تأهيلها من جديد، لتصبح مشاركة وفاعلة إيجابيا على مسرح الحياة العامة بصورة طبيعية مع الآخرين.

ولنتوقف هنا أمام نص من نصوص يحيى حسين الرسي، المؤسس الأول، لنفككه ونستغور مضامينه ودخائله النفسية، لنستشف حجم البراكين الحاقدة التي تتفاعل داخل هذه النفسية من خلال مسامات هذا النص الشعري، يقول الرسي:

الطعن أحلى عندنا من سلوة
كر الجوامس حين طال ظماها

والروس تُحصد بالسيوف ألذ
من بيضاء ناعمة تجر رداها

والسائلات من الدماء فواغرا
عظمت فقسط الزيت لا يملاها

أشهى وأعجب من صبوح مدامة
في القلب يظهر غيَّها ورداها

وجماجم القتلى لأرجل خيلنا
في الكر تقرع فوقها وتطاها

والرُّمح في كفي كأن سنانه
نجم المجرة لاح في أعلاها

مثل هذا النص لم نجده عند جماعة داعش المتطرفة الإرهابية على جنونها؛ لكننا وجدناه عند يحيى حسين الرسي. وللقارئ أن يتخيل طبيعة التعامل مع الآخرين من قبل هذه النفسية المتوحشة، علما أن لبقية الأئمة من بعده نصوصا مشابهة لهذا، شعرا ونثرا، كما هو الشأن مع نص الإمام أحمد بن سليمان، في قوله:

فمتى كسوت السَّيف من هام العدى
علقا كساني هيبة وجلالا

والسَّيف يُغني المفلسين ويشبع ال...
غرثى ويروي العاطشين زلالا

والسَّيف ينفع في الصَّديق وفي الذي
عادى ويترك عزمه منهالا

والسَّيف يُسمع من به صمم إذا
حكمته ويعلم الجهالا

والسَّيف ينفي لي تحكُّمه الأذى
ولعزة ويُحصل الأموالا

والسَّيف يجمع لي إذا حكمته
قوما يفيد معونة ونوالا

فلأؤيمن نساء قوم منهم
ولأوتمن من العدا أطفالا

ولأطعمنَّ الطيرَ من أجسَادهم
ولأكثرنَّ لجنْدي الأثقالا

من هنا جاء القتل والإبادة.. من هنا كان التشريد والتنكيل.. من هنا كانت حرب الشائعات..

وهذا ما ظهر من العقل الواعي لوحده، فما بالك ما خفي من العقل الباطن "اللاشعور"؟ يقول الأستاذ محمد أحمد نعمان: "لقد قَدِمت طلائعُ الأئمَّة العَلويين إلى اليَمَنِ قبل أحد عَشر قرنا، تريد أن تنجو بنفسها من العذاب الشديد الذي كانت تلقاه في بغداد، وكانت القسوة في التعامل بين العبَّاسِيين والعَلويين قد بلغت حد رمي العَلويين أحياء في الآبار التي لا يجدون منها منفذا، أو بناء الجُدران عليهم أحيَاء، هم وأبناؤهم، فاتسمتْ نفسيَّاتُ من نجا منهم بالحقد المرير على الوجود، والقسْوة على كل من يقع في أيديهم ممن يعترض سَبيلهم"!

ويقول الدكتور علي الوردي: "من يدرسْ تاريخَ العَلويين يجدْهم ثوارًا من طراز عجيب. ولم يمر في تاريخ الإِسْلام جيلٌ دون أن يسمعَ النَّاسُ بخبر ثورة جَامحةٍ قَام بها رجلٌ من العلويين، أو ممن يَنتسب إليهم. ولا يخفى أنّ أول حرب داخليَّة نشبت بين المُسلِميْن كانت في عهد علي. وقَدْ اتُّهِم عليٌ بتهمة سَفك الدماء مرارًا، حتى أن ابن عمه ونصيره ابن عبَّاس اتهمه مرة بهذه التهمة الشنيعة. قيل أن ابن عبَّاس أخذ شيئا من بيت المال يوم كان عَاملا لعلي على البَصرة، ثم هرب به؛ فكتب إليه عليٌ يلومه ويهدده ويخوفه من الله. فأجَابه ابنُ عبَّاس: إنه يؤثر أن يلقى الله وفي ذمته شيء من أموالِ المُسلِميْن على أن يلقى الله وفي ذمته تلك الدماء التي سُفكت يوم الجمل، والتي سُفكت في صفين، والتي سُفكت في النهروان؛ فلما قرأ عليٌ هَذا الجواب اللاذع من ابن عمه، قَال متألما: وابن عباس لم يشاركنا في سَفك الدماء"؟!

مضيفا: "وقيل أيضا أن رجلا كان يتوضَّأ ذات يوم، فيصب على يديْه ماء كثيرا، فرآه عليٌ، وأخذ يلومُه على هَذا الإسْراف في صَب الماء، فرد عليه الرجل، قائلا: الإسْراف في صَب الماء خيرٌ من الإسْراف في سَفك دماء المسلمين".

وزد على قساوة النفسية الحاقدة التي يحملها الرسي، أيضا قساوة الطبيعة بتضاريسها، ناهيك عن تضاريس السياسة والفكرة، وربما صدق على هذه الحال قول الشاعر أبي العلاء المعري:

ألا إن أخلاقَ الفتى كزمانه
فمنهن بيضٌ في العيون وسودُ

تلك المواقف وما يستتبعها من احتقانات أخرى في اللاوعي جعلت الرسي وبنيه من بعده يتعاملون مع اليَمنيين بنفسية المنتقم، وأنانية المستعلي الذي ابتسم له الحظ في فترة من فترات التحول التَّاريْخي، خلال فترة حُكمهم، وإن لم يعلنوا ذلك صراحة؛ فكانت النَّظَرِيَّة ُالهَادَوِيَّة هِي الانعكاس النفسي المباشر بكل ما تحتقنُه النَّفسِيَّة المتأزمة من ثاراتٍ وحِقد وكبْت، حتى لقد اصْطبغت هَذِه النَّظَرِيَّةُ ذاتُها بالصِّبغة البُكائية عبر التاريخ، وما الجَلدُ واللطمُ يوم عَاشُوراء للمحتفلين به إلا واحدٌ من أشْكال هَذِه البُكائيَّة وتمظهراتها؛ بل إنَّ رهَان قَضيَّتِهم الذي يُناورون به هو المظلوميَّة التَّارِيْخِيَّة من لدُن الإمَام عَلي بن أبي طالب وحتى اليوم، وفيما بين يوم علي واليوم آلاف الخُروجَات والحروب والثَّارات التي تسببت بها هَذِه الجَماعة، ولا تزال.

إنها نفسيَّة المنتقم قديمًا وحديثًا.. منتقم ممن يرى أن الآخر سَلبه حقَّه الإلهِي في الحُكم..! ولا تزال إلى اليوم، وما يجري حاليًا هو عين ما جرى بالأمس، مع فارق أدوات الانتقام، على الرغم من كل المتغيرات والمستجدات.

إنها ذات النفسية والعقلية أيضا التي جعلت من عالم كبير وأديب فذ، هو العلامة أحمد بن محمد الشامي أن ينحو ذات المنحى، فيعلن هو من جهته في ملحمته الشهيرة: "دامغة الدوامغ" ما أسماه في عنوان جانبي: "يمين الثأر" قائلا:

وقائلةٍ وقد نفد اصطباري
وكدتُ أذوب بالذكرى حنينا

أبكّي من مضى من أهل ودي
وأستبكي ديار الناجعينا

وأرثي سادة سيقوا اعتباطاً
إلى ساح المنايا موثقينا

"ولم تُغسل جماجمهم بسدر
ولكن في الدماء مرمّلينا

"تظل الطير عاكفة عليهم
وتنتزع الحواجب والعيونا"

علام الدمع والحسرات هذي؟
فقلت: لكَم شفى دمعٌ حزينا

ستسلو، قلت: لا أسلو دياري
ستنسى، قلت: لن أنسى القطينا

عدمت الدمع إن لم أنتزفه
دما بعد اللواتي والذينا

وظلت تأكل الحسرات قلبي
إذا لم أرْع حقهم المصونا

ولا أبقتْ لي الأيامُ خلاً
إذا سالمتُ خصمَهم الخؤونا

سأطلبُ ثأرهم حتى أراها
بلاقع أو نعود محكمينا

ونشفي غلة ، ونميت ضغنًا
ونستقضي المغارم والديونا
*
سيعلم كل ختالٍ أثيم
بأنا رغم كل العالمينا

سنجعل من حصونهم قبورًا
ونبني من قبورهم حُصونا

وقد قال الإمام الشوكاني عن رافضة زمانه من الهادوية المتعصبة الذين خبِرهم وخبر التعامل معهم: ".. وهكذا من ألقى مقاليد أمره إلى رافضي وإن كان حقيرا، فإنه لا أمانة لرافضي قط على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفض؛ بل يستحل ماله ودمه عند أدنى فرصة تلوح له، لأنه عنده مباح الدم والمال، وكل ما يظهره من المودة فهو تقيَّة يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة. وقد جربنا هذا تجريبًا كثيرا، فلم نجد رافضيا يخلصُ المودة لغير رافضي، وإن آثره بجميع ما يملكه، وكان له بمنزلة الخوَل، وتودد إليه بكل ممكن. ولم نجد في مذهب من المذاهب المبتدعة ولا غيرها ما نجده عند هؤلاء من العداوة لمن خالفهم؛ ثم لم نجد عند أحد ما نجد عندهم من التجري على شتم الأعراض المحترمة، فإنه يلعن أقبح اللعن، ويسب أفظع السب، كل من تجري بينه وبينه أدنى خصومة وأحقر جدال وأقل اختلاف. ولعل سبب هذا والله أعلم أنه لما تجرأوا على سب السلف الصالح هان عليهم سب من عداهم، ولا جرم فكل شَديد ذنبٍ يهون ما دونه..". أدب الطلب، 119.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى