[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
تقارير ووثائق

حضانة المطلقات لأطفالهن بين الحق القانوني والعادات الاجتماعية

تقرير منيرة أحمد الطيار حول: حضانة المطلقات لأطفالهن بين الحق القانوني والعادات الاجتماعية


لا يختلف الأمر أكانت الأم المطلقة في الريف أو المدينة، ما تزال النظرة السائدة في أوساط المجتمع اليمني إلى المرأة المطلقة على أنها عبء على أهلها، وحالما تطلق فإنه يجب عليها أن تنصاع لأوامر عائلتها كيفما كانت وأنه ليس لها أي حق في مواصلة حياتها بشكل طبيعي.

ويصل الأمر إلى حرمانها في حقها بحضانة أطفالها من قبل أهلها أو أهل زوجها الذين يجعلوا الأطفال وسيلة جيدة لإذلاها وتحميلها سبب فشل الزواج الذي انتهى بالطلاق، حيث يلجأ أحيانا الطليق لحرمان طليقته من رؤية أطفالها كوسيلة ضغط لطليقته للرجوع له وأحيانا أخرى خوفا من المجتمع الذي يستنقص من أطفال تربيهم امرأة مطلقة أما أسرة المطلقة فيرون أن تربية وحضانة أبنتهم لأطفالها يقلل من فرص زواجها مرة أخر.

أماني محمد تحكي قصتها لـ"نشوان نيوز" وهي تذرف الدموع بأنه "بعد أن اتممت مخاضي وسط تعب والآلام ولكن مضاعف المي هو حينما أخبرت أمي أن تعطيني طفلي لأحتضنه ولكنها عبست في وجهي"، وقال لي والدي "قد مكنا أبوه ما تشتي به هو طلقش وأنتي تربي له وتجلسي طول حياتش (حياتك) معلقة وهو يتزوج ويرتاح ولا في حسه الولد خليه يتحمل به والله ما يدخل بيتنا".

وتضيف "لم أجد ردا لذلك فصمت وأصبت باكتئاب بعد الولادة، وكذلك حزن لحرماني من طفلي الذي لم أستطيع احتضانه ولو لمرة واحدة"، ووسط حالة من اليأس والإحباط "كنت أترجى عائلتي وطليقي ان يدعوني أرى ولدي ولكن لا أحد كان يتلفت لطلبي بل هددوني أن لا أتحدث عن هذا الأمر مرة أخرى ومنعوني من الخروج من المنزل تحت مبرر العيب واجبروني على الزواج مرة أخرى وكأني قطعة أثاث ليس لها أي مشاعر وأحاسيس".

بين العادات والقوانين
ليست أماني فحسب من تعاني من حرمانها من حقها في حضانة أطفالها بعد الطلاق بل يسبقها الآلاف من الحالات ووفقا لأحدث إحصائية من المحاكم القضائية اليمنية للعام 2019م ارتفعت حالات الطلاق في اليمن لأكثر من 61 ألف حالة مقارنة بالأعوام 2012م و2013م و2014م والتي كانت تتراوح بين 4500 و5 آلاف حالة.

وتجد نسبة غير قليلة من المطلقات اليمنيات سواء أكن في الريف أو المدينة داخل البلاد أو خارجها، أنفسهن في مأزق بين العادات التي تحرمهن من أطفالهن وبين القانون الذي يتيح لهن الحق بالحصول على حضانة أطفالهن ويجعله حقا من حقوقهن.

في المقابل، يأتي الواقع مغايرا تماما، فالمطلقة في العديد من الحالات سواء أكانت في مقتبل عمرها أو كبيرة في السن لا يكفيها وجعا نظرة المجتمع الدونية لها وكأنها ارتكبت جرماً بطلاقها حتى تُضاف إليها أوجاع أخرى بحرمانها من أطفالها وحقها في حق حضانتهم، حتى مع وجود قوانين تقف في صفهن، لكن بعض الأسر ترى بأن حضانة الأمهات المطلقات لأطفالهن تحميل للأم المطلقة عبء كبير ومسؤولية ليست من واجبها غير أبهين لمشاعرها هي وطفلها.

حالة مضطربة
الدكتورة منيرة النمر أخصائية نفسية بمستشفى الأمل تصف حالة الأم المطلقة المحرومة من حضانة أطفالها بالمضطربة والقلقة إضافة لإحساسها الدائم بالذنب وتأنيب الضمير بأن تكون هي سبب في ابتعاد طفلها عنها وحرمانها منه حيث تعاني من صعوبة كبيرة في تقبل غياب طفلها عنها وغالبا ما تصاب بالهلوسة وتدخل في حالة اكتئاب قد تتفاقم لتدفعها للانتحار.
ليست الأم فحسب من تصاب بأعراض نفسية سيئة بعد انفصال الزوجين، كذلك الأطفال يعانون الاضطرابات النفسية العضوية ويكونون أكثر عصبية وعدوانية مع زملائهم وأصدقائهم في المدرسة، كذلك يعانون من تدنى مستواهم التعليمي واهتزاز ثقتهم بأنفسهم وميلهم للوحدة وتعرضهم للكوابيس الليلية واضطرابات النوم والتبول اللاإرادي والخوف من الظلام والبكاء ومص وقضم الأصابع والسرقة والكذب والشرود الذهني.

مطالبة
تضع الأمهات المطلقات ايديهن في ايدي بعض ويصرخن بأعلى أصواتهن ضد مفارقة المجتمع وعقوبة عليهن بتفريقه عن أطفالهن ينادين المنظمات المحلية والدولية التدخل لرفع هذا التعسف الذي يصنف بأنه ظلم منسي .

ويرى الدين الإسلامي بهذا الشأن أحقية الأم المطلقة بحضانة أطفالها مع وجوب تكفل والدهم بمصاريف الحضانة، حيث أن فضيلة القاضي محمد بن إسماعيل العمراني يؤكد في إحدى فتاواه على أن الشرع الإسلامي كفل للأم المطلقة حق حضانة أطفالها بعد الطلاق وأن إرجاع أهل المطلقة الطفل لوالده ومنع الطفل من أمه يعد من المحرمات والآثام .

أولوية الأم
ليس فقط الدين الإسلامي من يعطي الحق والأولوية للأم المطلقة بحضانة أطفالها فالقانون اليمني كذلك يقف بجانب المرأة المطلقة ويعطيها حقها بحضانة أطفالها بعد الطلاق.

فهدى الأنسي محامية المساحات الأمنة باتحاد نساء اليمن توضح في تصريحها لـ"نشوان نيوز"، أن القانون اليمني كفل أحقية وأولوية المرأة المطلقة بحضانة أطفالها وفق المادة (141) من قانون الأحوال الشخصية لبند الحضانة محددا فترة الحضانة من الولادة حتى ينهي الولد الذكر تسع سنوات من عمره والبنت اثنتا عشرة سنة مع إمكانية أن يزيد أو ينقص القاضي وفقا لمصلحة الطفل المحضون وفق المادة (139).

وتضيف الأنسي أن هناك إشكالية في القانون اليمني بخصوص الحضانة كونه لا توجد مادة تعاقب المخل بأي بند من بنود الحضانة في نص صريح ويبقى هناك تهديد بالسجن فقط وتقرير القاضي لمصير الطفل حال وصلت القضية للمحكمة مما يجعل الأمهات المطلقات تحت سيادة المجتمع يحولن الانتصار لنيل حقهن في الحضانة .
حتى مع وجود الشرائع والقوانين التي تدعم حق الأم المطلقة بحضانة أطفالها الا أنها ما زالت تناضل للحصول على تطبيق تلك القوانين دون الخضوع لصراعات مع المجتمع فهل تنتصر بذلك أم أنها ستبقى حبيسة العادات والتقاليد؟

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى