الجمهورية (انتصرت) غدا
أمين الوائلي يكتب: الجمهورية (انتصرت) غدا
وعد العودة واستذكار واستحضار سيرة وقصة صديقنا، الشهيد رشيد الجبري رحمة الله عليه، يبقى يراودني باستمرار؛ وهو الذي حملني أمانة التخليد. بالأمس استعدنا ذكرى رشيد مع والده محمد عبدالله جبر ، في حضرة وحضور الأستاذ والزميل عادل الأحمدي.
تعرف وتسمع جديدا من أحوال رشيد، فتعرف أكثر وأوثق:
أن اليمن إلى خير، وأن الغد مقرون بالوعد، وأن النصر مقضي، وأن فاعلية جمهورية سبتمبر أيلول العظيم تعتمل وتعمل في الأمام؛ في جينات الأجيال الفتية المتأخرة، وفي القادمين -على دهشة الوقت والفاجعة- من ساحات مدارس "رددي" وتحية العلم الجمهوري إلى متاريس معركة مصير يرونها معركتهم الخاصة والشخصية.
تعرف هذا وأكثر عندما تعرف، مثلا؛ ن شابا مغمورا مثل رشيد الجبري ، إبن مخلاف صهبان؛ لم يطق البقاء في قاعة المحاضرات ودراسة هندسة الحاسبات بجامعة إب، وتملكه شعور بالمسؤولية الشخصية ملأ عليه كيانه وحياته تجاه اليمن الجمهوري كما لو كان وحده المسؤول والمعني.
حزم رشيد أمره وحسم خياره -وعرضنا في وقت سابق مختصرا بحكايته وبطولته- والتحق بجبهة مريس إلى جوار والده الضابط الجمهوري في اللواء 83، مقاتلا وخاض دورات تأهيل وتدريب بينما خاض الجبهة وجولاتها بشجاعة نادرة وإقدام فارس لطالما كان مأخوذا بأمانة وعهد أقيال وتبابعة كما دون في يومياته.
ومع أنه تسلل بالتهريب إلى الجبهة، قرر أن يأخذ معه بندقيته أيضا ليهربها هي الأخرى مرورا بنقاط الحوثيين من إب إلى مريس؛ حتى لا يحمل الجبهة بندقية، وحتى يوفر للجبهة بندقية ومقاتلا.
هذا المستوى من التفكير والأداء والمسؤولية، يقابلك أو تقابله في عشريني؛ يروي عنه رفاقه وكتبها في يومياته بالفيس: إن التاريخ لا يجب أن يسجل عنا أننا جبناء.
لاحقا استشهد رشيد، ولكن في جبهة الجوف- مأرب، في أول أيام شهر رمضان.
استشهد رشيد، بعد أسابيع من محادثة أردت منه أن يكتب شيئا أضمنه في قصة خبرية عنه فقال لن أكتب شيئا الآن وأنت ستكتب إذا أنا استشهدت.
الشاهد، الشهيد والمشهود، هو: أن جيلا نديا فتيا؛ يحمل كل هذا القدر من المسؤولية والولاء واليقين والإقدام والتضحية والإيمان باليمن وبالجمهورية، يساوي النصر تماما. ثمة نصر شاب يعتمل ويأخذ مكانه ولسوف يقول كلمته غدا، وكل غد قريب.
ليس أن اليمن الجمهوري سوف ينتصر غدا، بل إنه قد انتصر بالفعل؛ غدا.