نشوان الحميري ليس تراثا بل حاضر يمني مستمر
أمين الوائلي يكتب: نشوان الحميري ليس تراثا بل حاضر يمني مستمر
نحن الجيل الذي يستذكر نشوان بن سعيد الحميري في ظروف مرحلة تاريخية تتقاطع في أهم معطياتها مع تلك التي طبعت عصر نشوان نفسه وبرز فيها اسمه وسطع نجمه قبل ثمانية قرون. لماذا يستعاد نشوان بكثرة الآن؟ ولماذا يجب أن يستعاد ويعاد تمثله وإشهاره واستدعاء مثاله؟
من زاوية تاريخية يمكن رؤية تقاطع المراحل والتشابه بينهما لجهة المعطيات السياسية والتلبس بمزاعم وادعاءات الأحقية (القبلية) والحصرية العنصرية ترافقا مع وقائع الصراع على السلطة واغتصاب الحكم.
يستعاد نشوان الحميري عن ضرورة وحاجة مضمونية وموضوعية، زمانا ومكانا، وليس ذلك إلا في تمحور الأحداث (الواقع والوقائع) في جزء لا بأس به من اليمن حول جدلية الحكم/ الإمامة؛ بما يخرج اليمنيين من دائرة الأحقية في حكم أنفسهم وبلادهم، ويحصر النقاشات والخلافات حولها (على مستوى الغاصبين) في دائرة سلالية وعنصرية وافدة وطارئة على مسرح التاريخ في بلاد هي التاريخ أو هو أحد موضوعاتها وموادها.
إن جدل الإمامة والولاية وادعاءات الحصر والاستئثار؛ وقد صار ملازماً للعودة غير الميمونة التي تختطها خطيئة الإمامة، على حين غفلة من الزمن واليمن، يستدعي بالضرورة نشوان بن سعيد الحميري؛ العلم الأهم في مضمار مقارعة خرافة الإمامة والسلالية والكهانة، والرقم الأكبر في رصيد الهوية اليمانية.
يُستدعى نشوان أو أنه هو من يحضر بالأصالة لا النيابة عنا؛ سواء بصفته الشخصية والخاصة، أو بالصفة الموضوعية والعامة والقيمة الرمزية والفكرية والتاريخية وحتى الدينية.
لم يَصِرْ بعد نشوان الحميري تراثا أو مجرد إرث في رفوف الذاكرة اليمنية. استدعاء نشوان؛ ليس تخليدا رمزيا أو تقليدا ثقافيا تجاه رمز في متحف التاريخ، ولا يكتسب قيمة الاحتفاء والإحياء بالمعنى التوثيقي والأدبي.
يحضر ولا يُستدعى نشوان الحميري؛ بحضور الشروط والعوامل التاريخية والوطنية والموضوعية التي استدعته وأوجبت حضوره أول مرة، وفي أول الأمر. مهمته نافذة والصيرورة فاعلة قدما.
يحضر أو يستحضر نشوان الحميري الآن؛ بصفة الضرورة، وبوصفه الفاعلية الحية، وباعتباره صوت الحضور والحاضر المستمر المتجدد، خلال فصول ومراحل المشوار الطويل والشاق من تقلبات ومخاضات الذات الوطنية والهوية اليمنية عبر دروب لم تكن سالكة يوما.