تجنيد الحوثيين للنساء بين المهام والآثار المأساوية
تجنيد الحوثيين للنساء بين المهام المتعددة والآثار المأساوية
يعمل الحوثيون بكلِّ الوسائل لتغيير جذري شامل في مناطق سيطرتهم، عنوانه الدينونة بالولاية لمن يسمونه بالسيد ومَلَئه ممن يسمونهم ب (آل البيت)، وتستخدم كل الوسائل لإحداث هذا التغيير، ولايوجد لدى الحوثيين شيء اسمه مشروع، أو غير مشروع، ذلك أنهم -كما يعتقدون- أهل التحليل والتحريم، ومفوّضون من الله تع إلى بشؤون الناس؛ ولذلك ليس مستغربًا أن تغدو بعض المحرمات حلالًا عندهم.
ووفقاً لتقرير نشرته مجلة "المنبر اليمني"، صار من المألوف الحديث عن الزينبيات -الجناح النسوي لجماعة الحوثيين- وتعدُّ هذه الحالة مستحدثة من الحوثيين، وهي النسخة الحديثة من الزيدية؛ أي لم تكن في عهد الإمامة البائدة، وتبدو مستوردة من إيران.
ويتابع أن الزينبيات ميليشيا نسائية مسلحة، مهمتها القيام بعمليات متنوعة، أمنية وعسكرية، واستخبارية، وأي مهام تخدمهم، وقبل أيام تسرَّبت معلومات عن إنشاء مجموعة الفاطميات، وذلك للقيام بأعمال التعبئة، وعقد الدورات الطائفية التي تعمل على غسل العقول، وإحلال الولاء المطلق لزعيم الميليشيا محلّ الولاء للدين والوطن.
الجانب الثقافي والأمني
يركّز الحوثيون على الجانب الثقافي، وتغيير الأفكار والمعتقدات، والجانب الأمني؛ ويشمل الاستخبارات، وجمع المعلومات، وتجنيد أشخاص ذوي أهمية. وتمثل المرأة وسيلة فعّالة على المستويين الثقافي والأمني.
منطلقات
هنا إشارة إلى بعض منطلقات الحوثيين التي يدينون بها، ومنها:
1- الفوقية على القرآن والسنة والوصاية عليهما: (إن السنّة لا تفارق القرآن، والقرآن لا يفارق العِتْرة).
2- التحليل والتحريم: (ونحن أهل التحليل والتحريم)، كما يقررون، ويقصدون ب(نحن) من يسمّون أنفسهم بآل البيت.
3- ولايتهم أهم الفرائض: أهم أركان الدين ولاية (آل البيت)، ماعداها ثانويات. وقد تحدثوا في الوثيقة التي صدرت عنهم عام 2012م عن الوصاية على الكتاب والسنة والفقه وأصوله والاجتهاد، والوصاية على الأمة؛ إمامةً وجهادًا وهداية، يعتقدون أن الأمة ضالة بدون ولايتهم، وهم أعلام الهداية لها.
أهداف
1- التعبئة في أوساط وتغيير معتقداتهن: وقد أثمرت لدى بعضهن إعلان الفرح بمقتل أبنائهن بدعوى أن السيد منحهم الشهادة، ولاتترد بعض النساء الأمهات بدفع أبنائهن إلى الجبهات، وإن كانوا صغارًا، ذلك ناتج عن جهود الزينبيات في تغيير معتقدات وأفكار ومشاعر النساء.
2- قمع أي احتجاجات نسوية: لما غدت الاحتجاجات غير ممكنة بالنظر إلى استخدام القوة في القمع والخطف والإخفاء والتغييب، وأن من الممكن أن تقع حركة احتجاجات نسوية ضد الحوثيين، فإن إحدى مهام الميليشيا النسوية قمع الاحتجاجات، وهناك مشاهد لما يسمَّى بالزينبيات يحملن الهراوات والسياط، جرى ذلك في ميدان السبعين عقب مقتل صالح، ويجري في جامعة صنعاء كلما شعروا بتجمعات لطالبات.
3- اقتحام المنازل والعبث بمحتوياتها: واستجواب الساكنين، وإن كان الرجل غائبًا، ومحاولة الحصول على معلومات عنه.
4- التجسس (جهاد الإغواء): من منطلق أنهم يحللون، ويحرمون، فإنهم يصنعون فتاوى لأتباعهم، من بينها جهاد الإغواء، جاء في وثيقة مسرَّبة ومشتركة بين يحيى الشامي وعبد الملك الحوثي ومفتي الحوثيين شمس الدين، وهي عبارة عن خطاب لمن أسموهن بالمجاهدات تحت عنوان: (إلى الأخوات المجاهدات في المنظمات الدولية).
ومما جاء فيها:
(أيتها المجاهدات، إن التردد الذي بلغنا من بعض قاصرات الفهم في القيام بأعمال معينة لا يليق بجندي المهمة ذي الرؤية الواضحة والهدف الجلي، إن للجهاد صورًا متعددة، وغاية الجهاد تحقيق النصر، وكل وسيلة تؤدي إلى النصر فهي نوع من أنواع الجهاد، وفهوم آل البيت لشرائع الدين تختلف عن فهوم العامة، (يقصد بالعامة أهل السنة)، فالخطوط الحمراء تخضر في سبيل الغاية الجهادية لآل البيت، ومفاهيم الحلال والحرام السائدة بين العوام لها ميزان آخر عند علمائنا الأجلاء، وشريعة الله التي تعتبر الولاية الركن الأعظم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقف عائقًا أمام وسيلة تفضي إلى تحقيق الولاية، وإذا حدث تعارضٌ فإنما هو تعارض موهوم بسبب سوء فهم القارئ لمقاصد الشريعة أمام وسيلة تفضي إلى تحقيق الولاية، كمن يفهم أن الزواج مُحرَّم؛ كونه يتيح لغريب أن يطّلع على مفاتن فتاة غريبة، وليس كذلك فمقصد الزواج الشرعي يتيح ذلك، ومقصد الجهاد الشرعي أجدر بأن يتاح له ما يشبه ذلك .
أيتها المجاهدات، إن خدمة مشروع آل البيت بقيامكن بالإغواء بمن يصنع القرار، ويؤثّر فيه، لايقل أهمية عن عرض أرواح المجاهدين للتلف في الجبهات، فالغاية واحدة، وقد تتعدد الوسائل.
تحليل مضمون هذا الخطاب يشير إلى صحة نسبته إليهم من منطلقاتهم التي يؤمنون بها، ومنها أن الولاية هي الركن الأعظم، وأن القرآن والسنة والفقه وأصوله والاجتهاد كلها تابعة لهم، وهم فوقها، بل ويقولون بكلِّ وضوح إنهم أهل التحليل والتحريم. من كل ذلك يتبين ترجيح صحة نسبتها إليهم.
انعكاسات تدميرية
الحوثية في منطلقاتها وسلوكها هدامة للإسلام، لإحلال الولاية دينًا، ومدمرة للإنسان، حيث تجعله شخصية غير سويّة مدمّرًا لذاته، مدمّرًا لغيره.
مسخ المرأة
إخراج المرأة عن فطرتها وطبيعتها، وأدوارها الفاعلة، والإسهام في بناء المجتمع ونهضته، وتولي المهام وتقلد المناصب في السلك الوظيفي، وتحويلها إلى أداة غير فاعلة، بل ومدمرة، وإظهارها بصورة بشعة تتنافى مع مكانتها الدينية والاجتماعية.
تمزيق الأُسرة
لا يعرف كيف يمكن أن تكون ما تسمّى بالزينبية زوجة أو أُمَّا، وقد انتزعت منها خصائص الزوجية والأمومة، أي إنها لم تعد أمًّا ولا زوجةً صالحة، وتغدو وبالًا على أهلها.
تمزيق المجتمع
تعدُّ عمليات ملشنة النساء عدوانًا على المجتمع اليمني وتقاليده الحميدة الراسخة في احترام المرأة، والحرص عليها ورعايتها، كما تعمل على إفساد المجتمع وتمزيق العلاقات الاجتماعية القائمة على الاحترام المتبادل والثقة بين الأسر والقرابات والجيران، وعلاقات النساء بعضهن ببعض، والتي هي أقوى وأرسخ.
قطع الأرحام
تجنيد النساء في وظائف ميليشاوية وتجسسية تعزز لدى الأقرباء مبدأ الريبة والشك، وتسيطر إشاعة الريب وانعدام الثقة على العلاقات الاجتماعية، حيث يغدو الخوف من التجسس هو السائد، وما ينعكس عنه من إشاعة العداوة والبغضاء بين الناس، وهذا الأمر يفضي إلى قطيعة الرحم وتفكك الروابط المجتمعية.
تدمير العرض والشرف
من تقوم بعمليات الإغواء تغدو رهينة مستخدمة، ولا ريب أنها تصير مدَمَّرة في ذاتها مدمِّرة لغيرها، حيث إنها تستخدم لاستدراج نساء أُخريات، كما أنها تُستخدم لإهانة أهلها؛ أي لإذلالهم، وقهرهم، وتشويه سمعة أُسر كاملة، وهو ما يؤدي إلى عواقب وخيمة.