يمنية وهاشمية وأخدود غضب
فكرية شحرة تكتب حول: يمنية وهاشمية وأخدود غضب
افترشنا العشب وجلسنا متجاورات نسند ظهورنا لذات الجدار.
رائحة العشب المجزوز حديثا تحملنا إلى ريف البلاد حين كانت النساء تصطف في طابور طويل لجز العشب الطويل (الحشيش) بالمناجل المعقوفة وهن يرددن أهازيج الصراب والعلان.
نتجاذب الحديث حول حيواتنا وأبنائنا وغربتنا؛ وكعادة اليمنيين في غربتهم يحتل وضع البلاد أعلى قائمة الحديث..
قالت في معرض الحديث عن الوضع في صنعاء: لا نستطيع أن ننكر أننا في ظل دولة لها ميزاتها وعيوبها.
قلت لها: أي دولة هذه!! هذه عصابة انقلبت على الدولة.
فأصرت قائلة: هي دولة الواقع ولها مميزات كثيرة.
فقلت لها : هاتي لي ميزة واحدة كي أقتنع.
فقالت أخرى بنظرة ضاحكة: إنها منهم؛ هاشمية.
فالتفتت هي قائلة في وجهها: نعم أنا من طبقة السادة؛ شريفة وأفتخر؛ والتفتت لي تسألني: هل أنت قبيلية؟
رميت اللطف جانبا فهو حمق في مواجهة هذه العقليات وقلت لها:
-أنا يمنية. من القبائل التي استضافتكم وأكرمتكم حين وصلت لاجئين لها فكان أن اخترعتم لنا هذه الطبقات التي تجعلكم سادة؛ من الذي جعلكم سادة نريد أن نعرف؟ وكيف تكونين الشريفة وهل يعني هذا أن نساء اليمن لسن شريفات!!
قالت بفخر: نحن هكذا أراد الله لنا أن نكون سادة وأشرافا؛ وأنتم هكذا قبايل طبقة أقل مننا. وانفلق بيننا أخدود مشتعل من الغضب.
بل جدكم حين جاء اليمن اخترع هذه الطبقية التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي تناقض روح الإسلام فقط لتظل سلالتكم على رأس الهرم الاجتماعي تمتص دماء البقية.
أنتم قسمتم عباد الله إلى قبائل وجزارين ومزاينة؛ هذا التقسيم الذي يهين خلق الله ويشعرهم بالنقص والدونية.
وكأنها وجدت سر غضبي فالتفتُّ للباقيات وسألتهن وهي تقلب شفتيها بضيق: لعلها من الجزارين أو المزاينة؟!!
فصاحت النساء من حولنا بنفي مستنكر: لا لا ليست منهم!!
لم أتمالك نفسي من شدة الغضب والإحباط وأنا أصرخ فيهن جميعا: أنا منهم يا أغبى الشعوب. اللعنة عليكم أيها الشعب العنصري الحقير. أنتم ارتضيتم لأنفسكم هذه الطبقية العنصرية وعجزتهم عن تحطيم هذه التابوهات خلال 1200عام تقبلتموها فيما بينكم كمسلّمات كل طبقة فرحة بمنزلتها.
تحتقرون من دونكم من جزارين ومزاينة فكان احتقار الهاشميين لائقا بكم.
شعب عنصري يستأسد على نفسه بنفسه؛ لا عجب أن هذه التقسيمات تصب في مصلحة هذه السلالة، فكل دائرة رسمت حول فئة من الناس ستظل تدور حول نفسها في شتات وفرقة ومتى التحم الشعب سيواجه عنصرية السلالة؛ أما ونحن نحتقر غيرنا ونعيّرهم ونظن أننا أكرم منهم فلا فرق بين عنصرية وأخرى.
- من صفحة الكاتبة