رئيسية

اليدومي في خطاب الذكرى الـ30 لتأسيس الإصلاح: تحالفات الحزب كانت دليل جدية

اليدومي في خطاب الذكرى الـ30 لتأسيس الإصلاح: تحالفات الحزب كانت دليل جدية


حملت كلمة رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد عبدالله اليدومي في الذكرى الـ30 لتأسيس الحزب، العديد من الرسائل كما تضمن جرداً لأبرز التحولات والتحالفات خلال العقود الثلاثة الماضية.
وقال اليدومي إن أبرز التجارب التي مر بها الإصلاح كانت تجربة الائتلاف الثلاثي بين التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، وتجربة التحالف بين التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام، ثم تجربة اللقاء المشترك.
وأضاف "لقد كانت تجربة التحالف بين التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام دليل جدية الإصلاح في الشراكة من أجل المصالح الكبرى وحماية الثوابت الوطنية".

وتابع "كان تحالفنا مع رفاقنا في المؤتمر أثناء الائتلاف الحاكم استمر هذا التحالف حتى1997م، حتى اتجه الإخوة في المؤتمر وفقاً لتقديراتهم السياسية حينها إلى التفرد في القرار العام، وهو ما دفع الإصلاح كموقف طبيعي وتلقائي إلى الانتقال بكامل ثقله السياسي والاجتماعي إلى جبهة المعارضة بهدف خلق توازن سياسي يحمي الهامش السياسي والديمقراطية الوليدة في البلد، فالتحالفات في نظر الإصلاح ليست سوى وسيلة لتوسيع ساحة المشاركة السياسية وتقوية مركز المجتمع أمام تغول السلطة، وهي المعايير التي حكمت التجربة الإصلاحية وتحالفاتها المتعددة".
وأضاف رئيس الإصلاح "كانت تجربة اللقاء المشترك التي تأسست بين التجمع اليمني للإصلاح وأحزاب مجلس تنسيق المعارضة تجربة رائدة أخرى تضاف لرصيد الإصلاح ورفاقه حيث انحاز لها الإصلاح ومدَّ جسور العلاقة مع أحزاب المعارضة رغم موقعه كشريك في الحكم عام 1996م بما يحمي الحريات والتعددية الحزبية ونزاهة الانتخابات النيابية ويعالج نتائج الأزمات، واستمر هذا التكتل يتطور أكثر من عقد ونصف".

وفيما يلي نشوان نيوز يعيد نشر نص كلمة اليدومي في الذكرى الـ30 لتأسيس الإصلاح:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد:
تمر علينا اليوم الذكرى الثلاثون لتأسيس التجمع اليمني للإصلاح في الـ13 من شهر سبتمبر المجيد 1990، وهي ذكرى ذات رمزية خاصة، يبلغ فيها الحزب تمام عقده الثالث، أنجز فيها الإصلاح تجربة ثرية ومليئة بالعطاء والتضحية والنضال والنشاط المجتمعي والسياسي على كافة الأصعدة. وإنها لمناسبة جليلة تذكِّر بلحظات الانطلاقة الأولى وتضخ في دماء الإصلاحيين حماسة البدايات ليولد بهم ومعهم الإصلاح مجددًا مع كل ذكرى نستعيد فيها ألق تلك اللحظة التي رسمت ثوابت الحزب ومبادئه التي اختارها لنفسه منذ بواكير نشأته.
ثلاثون عاماً منذ ميلاد اليمن الموحد والحديث، يمن التعددية السياسية والحزبية، ووفقاً لهذا التحول السياسي الكبير نشأ الإصلاح، حزبًا يؤمن بطريق السياسة وخاض كل جولاتها منذ اللحظة الأولى لميلاده، حيث صندوق الانتخابات هو الفيصل في تحديد نتائج الحضور، والإرادة الشعبية هي المرجعية الحاكمة لميدان التنافس الحضاري بين مختلف القوى والتوجهات.
إننا في هذا اليوم وبعد ثلاثين عاماً من مهرجان الإشهار لهذا التيار اليماني المبارك في ملعب الثورة بصنعاء، نستحضر ذكريات لحظات التأسيس ومراحل البدايات الأولى والنقاشات والجهود الكبيرة التي عبرت عن طموحها في وجود كيانٍ يمانيٍّ وطنيٍّ وإنسانيٍّ يجمع بين الأصالة والمعاصرة ليكون قادراً على حمل وترجمة مشروع الأمة اليمنية وأحلامها بعد رحلة العودة من الشتات والتمزق الشطري وإقرار التعددية السياسية في الدولة الجديدة فكان إنشاء التجمع اليمني للإصلاح.
وإذ تعود بنا الذكريات لتلك المرحلة وما تلاها من أحداث وتحولات كان التجمع اليمني للإصلاح فيها فاعلاً جسوراً وحارساً أميناً لقيم شعبِنا وثوابتِه وجمهوريته ومبادئه الوطنية باذلًا لأجل ذلك من جهوده وأرواحِ رجالاتِه دون منٍّ أو كللٍ أو تردد.
نتذكر في هذا اليوم وهذه الذكرى، إخوة ورفاق درب كرام كانت لهم البصمات والجهود الكبيرة في تأسيس التجمع اليمني للإصلاح وقيادة سفينته طيلة العقود الثلاثة الماضية، رحلوا عن دنيانا بعد رحلة نضال وعطاء، وفي مقدمتهم رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله، وكذلك إخوانه الأبرار الراحلين من أعضاء الهيئة العليا القاضي يحيى بن لطف الفسيّل، والعلامة عبدالرحمن بكير، والقاضي محمد بن يحيى المطهر، والشيخ حسين عثمان عشال، والأستاذ محمد عبدالوهاب جباري، والقاضي إسماعيل بن علي الأكوع، والشيخ محفوظ شماخ، والأستاذ حمود هاشم الذارحي، والشيخ محمد حسن دماج، والدكتور عبدالرحمن بأفضل، ورئيس الهيئة القضائية الشيخ سليمان بن محمد الأهدل، والأستاذ مشرَّف المحرابي، وغيرهم من القيادات الوطنية والسياسية والاجتماعية سائلين الله لهم جميعاً الرحمة والمغفرة وأن يجمعنا بهم في دار رحمته.
ولا يفوتنا أن نتذكر بإجلال واعتزازٍ من رحلوا من القادة والأنجمِ الفذةِ التي سطعت في سماء اليمن بكل محافظاتها، الذين كانوا مشاعل النور وحَمَلة التنوير والحرية والخير على امتداد خارطة اليمن وفوق كامل تراب وطننا اليمني الغالي؛ من رؤساء وأعضاء قيادات المحافظات والمديريات وقادة العمل الإصلاحي في المكاتب والفروع والوحدات التنظيمية المختلفة، سائلين الله لهم الرحمة والأجر ولأعمالهم دوام الاستمرار؛ فلقد وجدنا جهدهم يتجلى أمام أعيننا في حركة نضال وطني متشبثة بالجمهورية رافضة للاستبداد وحكم الفرد ومستندة لوعي ثقافي مستمد من قيمنا الإسلامية العظيمة التي تحث على العدالة والمساواة، هذا الوعي الثقافي المتحرر ما كنا لننعم به لولا توفيق الله و جهود المؤسِّسِين.
وهاهم أبناء الإصلاح اليوم على عهدهم وعلى أثر من سبقوهم، يتسابقون إلى نصرة اليمن والتضحية لأجلها وحراسة جمهورية الشعب ودولة المواطن، وقد أثبتت العقود الثلاثة الماضية أن الإصلاح كان بحق وعن جدارة هو الرائد الذي لا يكذب أهله ولا يخذلهم حين يتعرضون للمحن.
في هذه المناسبة والذكرى تطغي لغة المشاعر والحب لأخاطب بها إخواني وأخواتي من رجالات ونساء الإصلاح الأبرار، أمل اليمن وخيرة فرسانها ونخبة خلاصها وخيوط شمسها التي أضحت لحظة إشراقتها الخالدة قريبة بإذن الله.
أيها الإخوة والأخوات أعضاء التجمع اليمني للإصلاح ومحبيه وجماهيره والمراهنين عليه:
ثقوا أن حزبكم الكبير سيظل كبيراً بحجم أحلامكم وبحجم اليمن الكبير، تضحيةً وقبولاً بالشركاء ووفاءً للمبادئ والقيم الكريمة التي ورثناها من حضارتنا اليمنية الشامخة وتعلمناها من ديننا الإسلامي الحنيف واكتسبناها من تجارب الأمم والشعوب التي من حولنا.
ورسالة خالصة من القلب لإخواني ولكل المواطنين في المناطق الواقعة تحت قبضة فلول الإمامة:
نحيي صمودكم وتضحياتكم، ونعيش معاناتكم وصبركم وصمودكم في الحفاظ على هويتكم وهوية البلاد وحمايتها من الذوبان أمام هذا الصلف الحوثي المتغطرس والمتشبع بالتخلف والعنصرية والتعصب الأعمى.
وبقدر ما تواجهونه من ممارسات الميليشيا العنصرية من إقصاء وتضييق وتهديدات واعتقالات وتعذيب وحشي غير مسبوق، فإن كل حر ومنصف لا يسعه إلا الوقوف احتراما وإجلالا؛ وقفة إعزاز وتقدير أمام ما تسطرونه لسنوات من صمود وثبات دون انحناء أو تنازل أو تلاشي، نحيّي المختطفين الذي غيبهم الكهنوت الإمامي وعلى رأسهم عضو الهيئة العليا للإصلاح الأستاذ محمد قحطان، واللواء محمود الصبيحي، واللواء ناصر منصور هادي، واللواء فيصل رجب، والعشرات من الصحفيين وفي مقدمتهم من قررت الميليشيا إعدامهم، والمئات من السياسيين، وكل الذين غيبتهم زنازين ميلشيا الحوثي من الإصلاحيين ومن كافة القوى الوطنية ، والذي اختطفوا بعد أحداث ديسمبر٢٠١٧ م .
تحل علينا ذكرى التأسيس الثلاثون، وحزبكم بكوادره وجهوده وإمكاناته منحازٌ إلى خيار شعبه الذي تعرض لأخطر تهديد في مسيرته الجمهورية، فما منكم من أحد إلا ويقوم بدور نضالي كلٌّ في موقعه، يقوم بواجبه على أكمل وجه، وستظلون كذلك مناضلون، فأنتم شمس البلاد ونورها وبجهودكم مع كل الشرفاء ستعود لليمن إشراقته وتولد جمهوريته من جديد بإذن الله.
نخاطبكم اليوم في شهر سبتمبر الذي كانت فيه ثورة اليمنيين الأم ومنجزهم الأبرز حيث خرجوا فيه قبل 58 عاماً إلى النور والعالم وغادروا الهامش وأعلنوها جمهورية الإنسان وسلطة العدالة والحياة الكريمة، وهاهم اليوم مجدداً يناضلون ضد الإمامة الكهنوتية ذاتها في نسختها الحوثية الجديدة ويخوضون معها المعركة التي ستكون الظافرة والأخيرة بإذن الله.

الإخوة والأخوات أعضاء حزبنا الأبي وجماهير الشعب اليمني الصامد والمقاوم وكافة الفرقاء السياسيين، أحب أن أذكركم في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا بحاجتنا لتجاوز عقد ومخلفات الصراعات السياسية الماضوية بكل صورها المناطقية والحزبية والمذهبية وحاجتنا للتقارب بين كل أبناء وطننا، فنحن على سفينة واحدة إما أن ننجو سويا أو نغرق معاً.

وإن منطق اللحظة التاريخية يتطلب أن نضع كل أهدافنا الصغيرة جانبًا، ونصب جهودنا نحو هدف واحد هو استعادة الدولة المفقودة، إذ لا قيمة لأي تنافس الآن في ظل غياب المداميك الأساسية للدولة، فكلُّ مكسبٍ فاقدٌ للقيمة ما دام بيتُنا الكبير منهوباً ومهدوماً من قبل العصابات الخارجة عن القانون، إننا بحاجة لتأمين سور الوطن بسياج جمهوري وإقامة قواعد دولته الاتحادية، ثم لكل طرف بعدها أن يسعى لتحقيق أهدافه المشروعة تحت سقف الوطن الكبير وفقاً للدستور والقوانين المنظمة.

أيها الإخوة والأخوات:
في هذه الذكرى والمناسبة يتقدم التجمع اليمني للإصلاح مخاطباً جماهير شعبنا اليمني الكريم وفي المقدمة قواه ومكوناته السياسية، مؤكداً على ضرورة الشراكة والتعاون بين كل الجهود الشريفة والصادقة فيما يحقق خير البلاد..
إن التجمع اليمني للإصلاح إذْ يجدد تأكيدَه على الشراكة الوطنية لينطلق من موقف ثابت تعززه وقائعُ التاريخِ وحقائقُ التجربة السياسية، حيث نفخر في الإصلاح بكوننا لم نتفرد يوماً بسلطة الدولة ولا باحتكار المعارضة، فلقد قلنا ومازلنا نقول وسوف نبقى نكرر أن لا أحدَ بإمكانه الاستفراد بقرار البلاد ولا التعبير منفرداً عن خيارها، وهو ما ترجمته مواقف الإصلاح طيلة العقود الثلاثة الماضية من حرص على الشراكة وصدق التحالفات، وأبرزها تجربة الائتلاف الثلاثي بين التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، وتجربة التحالف بين التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام، ثم تجربة اللقاء المشترك.
لقد كانت تجربة التحالف بين التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام دليل جدية الإصلاح في الشراكة من أجل المصالح الكبرى وحماية الثوابت الوطنية وكان تحالفنا مع رفاقنا في المؤتمر أثناء الائتلاف الحاكم واستمر هذا التحالف حتى1997م، حتى اتجه الإخوة في المؤتمر وفقاً لتقديراتهم السياسية حينها إلى التفرد في القرار العام، وهو ما دفع الإصلاح كموقف طبيعي وتلقائي إلى الانتقال بكامل ثقله السياسي والاجتماعي إلى جبهة المعارضة بهدف خلق توازن سياسي يحمي الهامش السياسي والديمقراطية الوليدة في البلد، فالتحالفات في نظر الإصلاح ليست سوى وسيلة لتوسيع ساحة المشاركة السياسية وتقوية مركز المجتمع أمام تغول السلطة، وهي المعايير التي حكمت التجربة الإصلاحية وتحالفاتها المتعددة.
كما كانت تجربة اللقاء المشترك التي تأسست بين التجمع اليمني للإصلاح وأحزاب مجلس تنسيق المعارضة تجربة رائدة أخرى تضاف لرصيد الإصلاح ورفاقه حيث انحاز لها الإصلاح ومدَّ جسور العلاقة مع أحزاب المعارضة رغم موقعه كشريك في الحكم عام 1996م بما يحمي الحريات والتعددية الحزبية ونزاهة الانتخابات النيابية ويعالج نتائج الأزمات، واستمر هذا التكتل يتطور أكثر من عقد ونصف؛ كان الإصلاح فيه ومن خلاله الأكثر حرصاً ووفاءً وانحيازاً لخيار الشراكة والمصلحة العامة، ومن خلال موقعه في هذه التجربة المشرقة أنجز الإصلاح مصالحة تاريخية بين مكونات المعارضة الرئيسية ليس فقط من أجل مواجهة تغول السلطة وخلق توازن في حده المقبول حينها داخل النظام السياسي وإنما لأجل حماية المجتمع من الانقسامات الناتجة عن تجربة الصراع التاريخي التي شهدتها البلاد بين القوى السياسية المعارضة في العقود التي تلت الثورتين.
وها هو الإصلاح اليوم مع إخوانه من قيادات القوى الوطنية ينخرط في إطار التحالف الوطني الواسع الذي تم إشهاره وتوقيعه بحضور ورعاية فخامة الأخ رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي في مدينة سيئون، ونأمل أن يكون تحالفاً فاعلاً حقيقياً يحمي البلاد مما تتعرض له من مخاطر ويترفع عن الصغائر إذْ لا مكاسب ولا امتيازات دون وجود وطن كريم ومستقر، ولن يتحقق لنا وطن إلا بتظافر جهود كل الشرفاء لدحر وإسقاط الإمامة واستعادة الدولة وبناء النظام الجمهوري الاتحادي الذي يتسع للجميع ويحمي مصالح الكل.
وطالما كان الإصلاح ينظر للشراكة كقاعدة لتأسيس حياة سياسية صحية، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تقبّلَ التضحيةَ بالمكاسب الآنية لصالح الهدف الأكبر المتمثل في تمتين جسور الثقة بين شركاء العمل السياسي وتعزيز لغة التواصل بين الجميع، وبالرغم مما يتعرض له الإصلاح من حملات ظالمة ممنهجة إلا أن حزبنا ظل متمسكاً بسياسة الجسور الممدودة مؤمنًا أنها الطريقة الأنجح لتأسيس حياة سياسية مستقرة، وتجاوز التوترات وإرث القطيعة بين مختلف القوى، وبما يمهد لمستقبل متخفف من الحمولات منطلقاً صوب الغد المأمول والوطن المتّسِع للجميع. وهكذا ظل الإصلاح مقدِّمًا المبدأ على المكسب، مهما كان حجم التضحية التي عليه دفعها صونًا للسياسة ومبادئها الراسخة لديه.

إن ما تشهده البلاد من عدوان مليشيا الحوثي الإرهابية يستهدف قتل أبنائها وتدمير بُناها التحتية، وتمزيق نسيجها الاجتماعي، وتجريف هويتها العربية الإسلامية، وتغيير مناهج التعليم واستبدالها بهوية دخيلة على الشعب اليمني، وهذا يستوجب استنفار كل الجهود لحسم معركة استعادة سلطة الدولة ومنطق السياسة، إذْ لا يجوز إبقاء مجتمعنا اليمني تحت سيطرة عصابة تصادر حريته وتمنع عنه أبسط حقوقه السياسية والإنسانية، وإمداد هذه المعركة الوطنية بما تحتاجه من الموارد والخبرات والأدوات النوعية، وتوفر إرادة صادقة وعزيمة قصوى من كل مؤسسات الدولة وقطاعاتها والتيارات والمكونات الوطنية، وبانحياز الجميع إلى صف الأبطال في الميادين، والترفع عن الكيد والدس الذي دمَّر البلاد وأنهكها، و مع شكرنا وتقديرنا لجهود التحالف العربي بقيادة الأشقاء في المملكة العربية السعودية وما قدموه من أجل استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب؛ فإننا نتطلع إلى المزيد من الجهود والخبرات النوعية، وسيكون شعبُنا اليمني الكريم وفياً وشهماً في رد الجميل لمن ساندوه في محنته التي سينهض منها شامخاً وقوياً عن قريب بحول الله.
وفي ذات السياق، ندعو المجتمع الدولي للقيام بدوره في كبح مليشيا الحوثي الإرهابية المتمردة على الدولة وفقاً للقرارات الأممية وبالأخص 2216 الذي لا يزال يمثّل خارطة طريق لإحلال السلام وإنهاء الحرب، وإن التساهل في تنفيذ هذا القرار من قِبَل المجتمع الدولي أسهم في مد فترة الحرب وإبقاء الشعب اليمني ضحية هذا الوضع المأساوي وكدليل على ذلك؛ سياسة الكيل بمكيالين في عدم التعامل الحازم مع مليشيا الحوثي في استهدافها المدنيين في مأرب بالأسلحة المحرمة دولياً بعكس سلوك المجتمع الدولي أثناء توجه الجيش نحو الحديدة. كل هذه السلوكيات المستمرة من جماعة الحوثي تؤكد أننا أمام عصابة أدمنت الحرب وتتغذى عليها وليس لديها أي استعداد للتخلي عن السلاح والتراجع عن قرارها الكارثي بالتمرد على الدولة ومواصلة حربها ضد اليمنيين ونقضها لاتفاق ستوكهولم، واستخدامها خزان صافر المعرض للتلف والذي سيتسبب بكارثة بيئية معروفة معلومة أضرارها الكارثية لدى الجميع وبناء على هذه الوقائع المستمرة منذ أعوام، يتأكد للجميع أن الطريقة المناسبة لكبح جماح المليشيا واستعادة المسار السياسي هو الانحياز الدولي الكامل للسلطة الشرعية بموجب القرار الدولي ٢٢١٦ وبقية القرارات الدولية وتمكينها من القيام بدورها في حماية المدنيين وإنهاء الانقلاب واستئناف العملية السياسية، فقد ثبت طوال سنوات أن الحلول الترقيعية لن تمنح اليمن السلام الحقيقي الذي تستحقه.

إن ما تجسده مليشيا الحوثي الانقلابية اليوم هو نموذج صارخ للعنصرية المقيتة في تعاليها على الشعب اليمني ومحاولة إخضاعه بالقوة والرغبة بالتسيُّد عليه ومصادرة حريته السياسية وحقوقه الاقتصادية، وهي عنصرية تشبه العنصريات التي واجهها العالم بصرامة وتلتقي معها في تمجيد العرق ومنحه كامل الامتيازات السياسية والاقتصادية، وشرعنة صنوف القهر والإذلال لأي صوت يرفض منطقها وما تقرره من تقسيم للمجتمع والتمييز بين أفراده تبعاً للجذور الجينية، فالجماعة الحوثية لا تكتفي بادعاء التميُّز العرقي والسلالي فحسب؛ بل تضفي على ذلك مشروعية لاهوتية؛ وهو أمر أكثر فداحة من بين كل أشكال العنصريات التي عرفها العالم.
والحال هذا فالشعب اليمني يخوض نضالاً مقدسًا يصب في نفس الهدف الذي ناضلت وتناضل البشرية اليوم من أجل الخلاص منه ومن كل أشكال الادعاءات البدائية بالتمييز وفرز المجتمعات بطريقة مهينة تخصم من كرامة الإنسان وتدمّر مبدأ المساواة في الحقوق والحريات، ما يوجب ضرورة دعم المجتمع الدولي لنضالات الشعب اليمني بالقدر الذي يجفف منابع العنصرية التي تهدد اليمن والعالم وحتى تنعم البشرية بواقع أفضل للجميع.

الإخوة والأخوات:
اننا هنا نوجه حديثنا لسلطات الدولة بضرورة القيام بمهامها في مكافحة الفساد وإصلاح الاختلالات في الجهاز الإداري للدولة، وتجفيف كل مكامن الهدر في المال العام، وتفعيل أجهزة الرقابة بما يعزز حضور الدولة ويحسِّن شروط حياة المواطن اليمني المثقل بالهموم وأعباء المعيشة وتزاحم الأوبئة وتكاثرها عليه، وضرورة الانتظام في صرف مرتبات الجهاز الإداري والعسكري للدولة، ووضع حدٍّ للتساهل الذي يحدث إزاء هذا الجانب المهم والذي ترتكز عليه حياة جزء كبير من الشعب، والاهتمام بالقوات المسلحة ووضع الخطط التي تنقلها إلى مصاف الجيوش المحترفة وفقاً لمعايير وطنية مهنية.
إننا نؤمن في الاصلاح بأن الدولة وحدها هي صاحبة الحق الحصري في حيازة واستخدام السلاح، ولا يحق لأي جهة كانت منافستها أو انتزاع جزء من صلاحيتها هذه، ووفقا لهذا الحق فإن على الدولة أن تقوم بتكريس سلطتها وبسطها على كافة الأراضي اليمنية، وعلينا جميعا العمل من أجل تحقيق هذا المبدأ، ورفض المليشيات التي تنشأ وتتكاثر خارج سياق الدولة، وهنا نعيد التأكيد على ضرورة بناء الجيش والأمن على أسس وطنية تتجاوز المشكلات السابقة والمآلات الناتجة عنها، ووفق قوانين الخدمة في المؤسستين العسكرية والأمنية ومخرجات الحوار الوطني وبما يضمن قيام هاتين المؤسستين بواجبهما الدستوري والقانوني في حماية المؤسسات والمكتسبات والدفاع عن حياض الوطن، ومنع قيام أي أجهزة أو تشكيلات عسكرية وأمنية موازية واستعادة ثقة المواطنين بهاتين المؤسستين، وفي هذا السياق يحيي الإصلاح أبطال جيشنا الوطني الميامين الذين يسطرون ملاحم بطولية في التصدي للمليشيات الانقلابية الحوثية ، ويشيد بتضحياتهم الجسيمة في معركة إنهاء الانقلاب واستعادة الدولةِ وتحرير اليمن، ونشدد على الحكومة بإيلائهم الاهتمام الذي يليق بما يقدمونه من عطاء وبذل في سبيل اليمن، ودفع مرتباتهم بانتظام، ورفد الجيش بالإمكانات والمتطلبات الضرورية في كافة الجبهات ، كما نشدد على رعاية أسر الشهداء رعاية كاملة، ورعاية الجرحى والمعاقين والاهتمام بهم، والوفاء لتضحياتهم.
من جهة أخرى ندعو إلى وضع حد لتدهور سعر صرف الريال اليمني وتفعيل دور البنك المركزي والإجراءات القانونية داخل الجهاز المصرفي للدولة والرقابة على القطاع المصرفي وبما يمنع المليشيا الانقلابية من العبث بسعر الصرف وعمل حلول للتلاعب في العملة القديمة والجديدة والفارق المستقطع من قبل المليشيا أثناء نقل العملة وتحويلها.
ونشدد في هذا السياق على ضرورة إيقاف الكارثة التي يتسبب بها بقاء التحكم المركزي للاتصالات والإنترنت لدى مليشيا الحوثي، ونؤكد على أن التحرك العاجل في هذا الإطار لا يحتمل التأجيل مهما كانت المبررات، وندعو إلى محاسبة أي جهة تختلق الأعذار أو تضع العراقيل أمام إجراءات نقل التحكم المركزي بالاتصالات والإنترنت من يد مليشيا الحوثي لتكون تحت إشراف وإدارة وتحكّم المؤسسات المعنية في الشرعية.
كما لا ننسى التذكير بدور الدولة إزاء أسر الشهداء والجرحى والمخفيين قسرًا، فهؤلاء الذين فدوا البلاد بأرواحهم يتوجب أن يظلوا على رأس قائمة أولوياتنا جميعا وبما يوفر لأسرهم شروط الحياة اللائقة بأمثالهم؛ إذ لا يجوز تعريض هؤلاء لذل الحاجة ووجع المطالبة بحقوق سكبوا لأجلها الدم وقدّموا بعض الجسد.
كما أن علينا ألا ننسى طلائع التنوير الكبرى في أي بلد، أولئك الطلاب والذين غادروا أرض الوطن ليواصلوا تعليمهم في البلدان الخارجية، إلا أن آثار الحرب طالتهم في أرض المهجر وتسببت في تعطيل مسيرتهم، وعليه ندعو الحكومة للتعامل بحرص مع قضيتهم والعمل بكل اهتمام لمواصلة دفع مستحقاتهم وبما يمكنهم من مواصلة مشوارهم دون هم أو ضائقة، فهؤلاء هم نافذة أمل لمستقبل البلاد والطليعة التي ستأخذ على عاتقها ترميم ندوب الحرب في بلادهم بعد أن تستقر الحياة كما نؤكد على ضرورة الاهتمام بالمغتربين وإيلائهم الرعاية اللازمة باعتبارهم أحد روافد الاقتصاد اليمني.

وحتى تستعيد الشرعية زمام المبادرة فإننا نطالب وبشكل ملح بضرورة تطبيق بنود اتفاق الرياض وفقاً لآلية التسريع والبرنامج الزمني المقر، فكل يوم يمضي دون أن نحرز تقدما على هذا الصعيد يعني مزيداً من الإضعاف للدولة اليمنية وتعطيلاً لدورها المفترض في مواجهة الانقلاب الحوثي الطرف المستفيد من تجميد هذا الاتفاق أو عرقلته، لقد مثل اتفاق الرياض الحل الأنسب لتقوية موقف الدولة وعودة مؤسساتها كاملة لتمكينها من القيام بخدمة مواطنيها الذين يعيشون في ظروف بالغة الخطورة أمنياً وشديدة القسوة معيشياً ويكتوون بتصاعد جنوني لأسعار الصرف وانعكاسه على قيمة المنتجات، وإننا في الإصلاح نرى أن تنفيذ اتفاق الرياض مقدمة ضرورية لإعادة الاعتبار للدولة وتحسين شروط معيشة المواطنين وهو مدخلٌ مهمٌ لتوسيع قاعدة الشراكة بين القوى الوطنية.

نجدد موقف حزبنا الرافض لكل أشكال الإرهاب الذي تمارسه كل الجماعات المتطرفة الخارجة عن القانون ونؤكد موقفنا الداعم لكل الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة هذه الآفة الخطرة على حياة المجتمعات والسلم الدولي.
وفي هذا الصدد يدعو التجمع اليمني للإصلاح إلى وضع استراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب من جذوره المغذية له والمخصبة لدورات العنف المتتالية، حلاً يستهدف القصور الموجود في الجوانب الاقتصادية والتعليمية والسياسية في البلاد بما تمثله من حالة فشل.
لقد كان الإصلاح ولايزال إحدى الجهات المتضررة من الإرهاب حيث تعرض حزبنا طوال السنوات الماضية إلى سلسلة من الاعتداءات والتصفيات والاغتيالات طالت بعض كوادره المدنية والسياسية والاجتماعية في مشهد يمثل أحط أشكال الإرهاب الغادر، ومع كل حادث اعتداء كان الإصلاح يلوذ بخياره السلمي ويستدعي منطق القانون وعدالة القضاء، ويصر على تفعيل أجهزة الدولة المَعْنية بحماية حياة المواطنين، ويحتفظ بحقه في مقاضاة كل الأطراف المتورطة بهذا النوع من الأعمال الإرهابية موقناً بأنه مهما طال زمن الإفلات من يد العدالة فإن يوماً لا نشك بقدومه سوف ينصف الضحايا ويقتص لهم من المجرمين.

وبالرغم من الاستهداف المتكرر لنا إلا أن حزبنا وبموقف وطني واعٍ وتعاملٍ مسؤولٍ لم يُقْدِم على استثمار ما تعرض له من اغتيالات في الصراع السياسي، رافضاً الانحدار نحو سلوك رخيص بهدف الاستثمار في الدم، أو تحويل الإرهاب الذي يتعرض له إلى وسيلة للابتزاز فالإصلاح يدرك خطورة التلاعب بملف الاغتيالات لأغراض سياسية أو استخدامه خارج فكرة العدالة وبمعزل عن مطلب الإنصاف.

أيها الأحبة أعضاء وعضوات التجمع اليمني للإصلاح؛ أيها الأوفياء من أنصاره ومحبيه..
يا أبناء شعبنا اليمني في كل قرية ومدينة ومحافظة:
ثقوا بالله ربكم ثم بعدالة قضيتكم ونُبْلِ مطالبكم وشرف النضال الذي تنجزونه وتقومون به وأن اليمن القادم سياتي كبيراً وواسعاً بعظمة غاياتكم وضخامة التضحيات وسعة الأفق الذي يمتد أمامكم ورحابة تطلعاتكم وعظمة أهدافكم التي تحرككم؛ فاليمن الجمهوري الاتحادي تصنعه النفوس الكبيرة التي وضعت نصب أعينها الوطن كله، وترَفَّعت عن الأغراض الشخصية والمصالح اللَّحْظِية، ومهما قست ظروف النضال فإن التاريخ سوف يوثّق لكم ولكل الوطنيين الأحرار من مناضلي شعبنا دورهم بإنصاف، فكل محنة تزول ولكل ليلٍ شمسٌ تطارده على رؤوس الجبال، وبعد كل مرض عافية. (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
أكرر لكم التهاني بذكرى ميلاد حزبكم وتجمعكم المبارك، وبأعياد الثورة اليمنية العظيمة المتمثلة في ثورتي ٢٦ سبتمبر، و١٤ أكتوبر المجيدتين، وذكرى الجلاء ٣٠ نوفمبر ولنا بإذن الله يوم عيد قريب نحتفل فيه جميعاً..

(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)
صدق الله العظيم

محمد بن عبدالله اليدومي
رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح
12-9-2020

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى