آراء

صلاة مأربية

عبدالله شروح يكتب حول: صلاة مأربية


الثالثة فجراً، مدينة مأرب تغطّ في نومٍ ملؤه السكينة، سكينة نبيٍّ يعوّل على لطف الله وقد تدثّر بإيمانه وثقته، وعلى أتباعٍ مخلصين ما انفكّوا مذ آمنوا به يرددون: نحورنا دونك.

لا شيء سوى الأنفاس الرتيبة لنائمٍ خلي البال، وذلك الصّعود والهبوط البطيئين لصدرٍ لم يمتلئ يوماً سوى بالقيمة ونقاء الضّمير.

في الأعالي سماء مثقّبة بالقليل من النّجوم المتباعدة، نجوم تنبض بضوء مرح كالطّفولة.

وهناك، في الأفق البعيد، يستوي خيط هلالٍ دقيقٍ، مشوب بحُمرةٍ تبديه مثل وجنةٍ خفرة. تتمعّن فيه فتشعر بالمدينة قُبّةً عملاقةً لمسجدٍ في الأعماق، قُبّةً متوّجةً بهذا الهلال، يستند إليها بدعامةٍ من قماشة اللّيل.

تتمعّنه مرّةً ثانيةً فيبدو مثل قاربٍ سماويٍّ يمخر عباب السّماء ببطءٍ بعد أن جرّدته الملائكة من الأشرعة واتّخذت منها أغطيةً لنوم صغارها.

تتمعّنه مرّة ثالثة فيبدو مثل وعاءٍ تمخّضته أسطورة، وعاء مترع بماء الخلود وحشودٌ من الملائكة تتزاحم حوله، تتوضّأ لابتداء الصّلاة.

تبتسم، تهرس عقب سيجارتك وتنزل من سطح منزلك بروحٍ مسكونة بالسّماء، بالخالد والجليل. ولعلك حينها تُصَلّي!

زر الذهاب إلى الأعلى