مرحباً وزير الثقافة في مأرب
عمار التام يكتب: مرحباً وزير الثقافة في مأرب
الثقافة هي حياة المجتمع التي بدونها يصبح مجتمعا ميتاً، كما أن الثقافة نظريةٌ في السلوك، لا نظريةٌ في المعرفة، و هي بصفة عامة: قوة في الأساس، وتوافق بالسير، ووحدة في الهدف.
نرحب بك معالي وزير الثقافة و نرى في حضورك كشخص مقدمة لغرفة عمليات فكرية ثقافية هنا بمأرب لا تقل أهمية عن غرفة العمليات العسكرية إن لم تفوقها اهتماماً، لأن المعركة اليوم مع عدو اليمن التاريخي( الإمامة) طابعها فكري ثقافي أكثر من كونها عسكرية، بل إن التحرك العسكري ليس إلا تعبيراً واضحاً لفرض مشروع مغاير لهويتنا الوطنية وعاداتنا وتقاليدنا اليمنية.
يولي العدو الإمامي الثقافة و الفكر أهمية كبيرة، وينفق عليها أضعاف ماينفقه في المجال العسكري، ويجعل من أنشطتها و فعالياتها أهم رافد للكيان المليشاوي العسكري له، كل ذلك ليواجه الهوية الوطنية والمشروع الجمهوري من جانب، وسعيا حثيثا لترسيخ هويته الدخيلة و مشروعه الكهنوتي الذي ما كنا نظن أن يحقق نتائج في المجتمع لولا الفراغ الثقافي و الفكري في الساحة الوطنية خصوصا بعد الإنقلاب .
معالي الوزير لا أبالغ حين أقول أن حضوركم كشخص فقط أفرحنا جداً، بل إنه يعدل في نظرنا كل من زار مأرب من رجالات الدولة جميعاً بمن فيهم رئيس الجمهورية ونائبه، لا لشيء سوى إيماننا بالدور التحويلي للعمل الثقافي الوطني بهذه المرحلة الفارقة من تاريخ شعبنا المجيد، إذ لا خطر يواجه أي شعبٍ أو أمة مثل الجمود الفكري و الأزمة الثقافية التي تتسبب في ذبول مشروعه و خفوت وهج نضاله، و كبح جماحه، و في المقابل لا شيء يعدل الحراك الثقافي والانتاج الفكري المواكب لنضال شعبٍ تواقٍ للحرية والكرامة.
لأن الثقافة الوطنية المتجددة يجد المناضلون من خلالها إلهاما جوهرياً للمواجهة،إذ ليست نزعة معادية للإمامة تختفي باختفاء سببها الظاهر المتمثل بالإنقلاب، بل تتعدى ذلك لتصبح معركة مصير وقضية وجود: يستمر فيها المناضلون كفاحهم بعزائم قوية ورؤى واضحة للمستقبل حتى آخر نفسٍ من الحياة، وآخر شبرٍ من الجغرافيا.
الثقافة فكر متجدد ،وشعر وأدب متقد، وفن مجسد لقيم المجد والنبل معاً: إذا كان بكثافة و ديمومة وانطلاق من بؤرة أو مركز أو غرفة عمليات مسيطرة ليصل مداه في التأثير، ويتجاوز الحدود الجغرافية لينور العقول ويحيي المشاعر ويستعيد حضوره فيها، ومن ثم يستعيد ما أخذ منه بعد ذلك من نطاق الجغرافيا.
معالي الوزير قضيتنا عادلة،ومعركتنا مقدسة، وحقنا في الكرامة و حق شعبنا في الحرية جلي كالشمس في رابعة النهار ، والحراك الثقافي المتواصل المنطلق من بؤرة ومركز إشعاع واحد هو المؤهل الأبرز بمعية سلاح الجيش والمقاومة لنيل كرامتنا، و الإنتصار لقضيتنا، وتحرير شعبنا من كهنوت الإمامة بإذن الله تعالى.
ثم إننا في هذه الفترة و بمأرب بالذات أمام ظاهرة نخبوية هي الأولى في تاريخنا الوطني، هذا المجمتع الحر الكريم الذي تخلى عن الحزبية و المناطقية والمذهبية ،وفي الوقت الذي يمثل فيه جل مناطق الوطن الغالي، هذا المجتمع يمتلك من الدوافع والفاعلية ما يؤهله لحمل الفكرة الوطنية ويجعل منها واقعاً حياً إذا ما أعطي الاهتمام الكافي فكريا و ثقافيا، إنه مجتمعٌ مليءٌ بالمواهب والقدرات العقلية، وعلى نواصي بنيه يُعقد أملُ اليمنِ حاضراً ومستقبلاً.
أخيراً لن نعاتبكم على سنواتٍ خلت فيها الساحة الوطنية عموماً ومأرب خصوصاً من الإهتمام الثقافي ونقول:إن ما بيننا وبين صنعاء اليوم واستعادة الدولة وانهاء الإنقلاب هو مسافة ما بيننا وبين استنهاض الذات الوطنية وثقافة الدولة وفكر النهضة فقط.
ستطوى الجغرافيا تحت أقدامنا حين تتفتح عقولنا وتستنهض ذاتنا الوطنية وتشحذ عزائمنا برؤية حاشدة نرى فيها المستقبل واضحاً؛ وهذه مهمة وطنية مقدسة لايجوز التهاون فيها أبداً، مهما كانت الإمكانات قليلة والظروف في نظر البعض غير مواتية.
فبالصدق وتحمل المسؤلية سيبارك الله فيها، ويجعل من القليل كثيراً، ولاعذر لمن يترك الساحة الوطنية في فراغٍ ثقافيٍ وهو على رأس وزارةٍ أو مؤسسةٍ ثقافيةٍ إلا بالعمل أو العمل أو العمل أو تقديم الاستقالة.
- رئيس منتدى جذور للفكر والثقافة