[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

الناس وأسباب الضعف الكبير

عبدالرحيم الحميري يكتب: الناس وأسباب الضعف الكبير


غالبية الناس كما ترى يا فيس أصبحوا مستضعفين ولا حول لهم ولا قوة بل تكاد تجزم بأنهم لم يعد بإمكانهم دفع ضرر أو جلب نفع لأنفسهم أو إيقاف عبث عليهم.
القاتل يقتلهم والسارق يسرقهم والكاذب يكذب عليهم والمخادع يخدعهم هم مستعدين فقط بأعمارهم لدفع الثمن ويوفون بدفع كل ما يراد منهم دفعه لمن استقوى عليهم بلا أدنى رحمة لهم أو شفقة بهم.
أما المشكلة الكبرى فهي أنه لم يعد هؤلاء الملايين من المستضعفين مستعدين ولو مجرد استعداد لمعرفة أي سبب أوصلهم إلى هذا الضعف.
لم يعودوا يفكروا مجرد تفكير أن الله كرمهم وخلقهم أحرارا ليواصلوا حياتهم أحرارا كما يجب أن يكونوا والسبب
أنهم لم يقرأوا ما عليهم وما تنزل عليهم من ربهم الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم.
فلم يتأقلموا على الحرية ولم يقوموا بتكوين حياتهم تدريجيا على أساسها لذلك لم يصبحوا قريبين من العقلانية فصاروا كما تراهم اليوم بهذه الهشاشة والضعف والأنكى من ذلك أنهم لم ينافسوا ضعفهم بتفعيل قوتهم الكامنة والممكنة.
فتم إلغاء عقولهم على أيديهم وبما كسبوه من ضعف متراكم وتفكير هزيل رغم أن الله خلقهم وأكرمهم بالسمع والبصر والفؤاد لعلهم يشكرونه ويستأثرون من خلال هذه المنح العظيمة بالقوة اللازمة لحياتهم والتي ستمكنهم من تحقيق سعادتهم وحريتهم.
فلم يجتهدوا من خلال تلك العطايا ولم يتطلعوا لصفوف الحرية الأولى ولم يسابقوا من أجل التخلص من الهوان المطبق عليهم والجاثم على صدورهم ولم يبدأوا برحلة العقل ولم يتجاوزوا اللاوعي ولم يصلوا إلى وعيهم الموجود في عقولهم لذلك تراهم مستضعفين منكسرين مهضومين معدمين يائسين متهافتين على الضياع تائهين في مواطنهم التي يعرفونها ويعيشون فيها.
يمشون في الأرض هياكل وأجساد لا برامج وعقول وأهداف وأخلاق وقيم ومبادئ.
لا يختلفون كثيرا عن بعضهم البعض إلا بالأشكال والأحجام
يشتركون في الخنوع والرضوخ والاستسلام والانقياد والانهيار
يتقابلون بالصراع والولاء والاقتتال والهلاك.
ويتجاورون بالجدال والظلال والحرام ويبتعدون متحدين عن الهدى والرشاد.
لا علاقة لهم بالعلم ولا بالحق ولا بالعدل ولا بالوعي
ولا شأن لهم بالمصير والأرض والعرض والصالح العام والكرامة.
لا يستوعبون الدروس ولا يتعلمون من المواقف فقط ستجدهم يستحون من الحق ويتبعون العادة دون خوف من العقاب ولا يهتدون سبيلا ولا يؤمنون سوى بالكفر بعقولهم وتعطيلها فكيف يعقلون إن كانوا على هذه الشاكلة سائرون؟

فلا عدالة في ثروة
ولا فقير بذمة
ولا غني برضأ
ولا مسئول بضمير
ولا عالم بعمل
ولا صغير بأدب
ولا كبير بحلم
ولا مسموع ينصح
ولا منبوذ لنفسه أصلح.
يتعصبون بعمى وينتمون بانقياد ويتقابلون بعنف وفساد وينتشرون في أجساد الضعفاء بالأمراض والأوبئة.
لا يدركون مقاصد الأقدار ولا يجيدون الابتسام ولا يحاولون التغير فكيف بهم أن يصنعوا تغييرآ وهم بهذه المواصفات.
يسيرون في دروب المخاطر معتقدين أنهم يبحثون عن الأمان.
لا يتجنبون خطرا ولا يبتعدون عن كارثة ولا يضعون للتغيير أي اعتبار.
لا يتركون أحمقا
ولا يكرمون كريما
ولا يوبخون مسيئا
ولا يزجرون مخطئا.
يتصرفون بغموض ويخفون السوء ويجيدون اللف والدوران ويتعلمون فنون النفاق.
لا يحبون الحياة في سبيل الله ولا يدركون أنها أعظم بكثير من استباق التعلم والتفكير في الموت في سبيل الله فيملأون الأرض دما واشلاء.
لا يفعلون اللازم وينتظرون نيل التقدير وبلا شفقة يعيشون الاستغلال والإحراج مع غيرهم ما استطاعوا إليه سبيلا.
لا يتعلمون ما يمنحهم القدرة على التعامل مع الحوادث والظواهر والمتاعب والمصاعب ولا يتوافقون على أمور معينة ولو بعض الأمور المسلم بها وكأنهم لا حاجة لهم بالحق ولاهم لهم أن يسيروا عليه ولا هم يحزنون.
بل إن البعض صار يفعل كل ما يجعله محط بغض ونفور لدى الناس من خلال مايفعله بهم ويلحقه من أضرار وأوجاع وأذى كثيرا يا فيس.
أغلب المؤثرين صاروا في الأوساط هم اليوم من يمتلكون الأقنعة ويمتلئون بالرذائل ويفعلون بالناس الأفاعيل.
مسلمون ولا ذنب للإسلام بما يفعلونه باسمه
وإن حاولت أن تسلط الضوء وتهتم بهم سيظلموك ويسيئون الظن بك فأي ضعف أكبر من هذا
ولن يكون أمامك في خضم هكذا مجتمع شديد التعقيد سوى ترك الأمر لله بالنسبة للتغيير الشامل واللازم والذي لن يتحقق إلا بالناس جميعا وحين يتخلصون من ضعفهم أولا وهنا يلزم القول بأن الله وحده المبدع هو القادر بعلمه وحكمته على تصفية الحسابات وليس عليك يا فيس أن تعتبر ذلك فشلا فالنهايات التي تريدها مهما فعلت لن تكون وفق توقعاتك تماما وكما ترجوها .
ويبقى الضعف ليس سوى عدم تمسكك بما أوتيت من قوة وسيتلاشى الإرهاق بمجرد الوصول ذات يوم سيأتي لامحالة.
فإن تعلمت العلوم قدر استطاعتك فلن تعجز عن إنتاج المعرفة التي تهديك طريقك وحين تدرك أن أهم ما ينبغي عليك الانتباه له هو عدم خروجك من مسار الخير وأن وجودك فيه هو فضل كبير من الله عليك ونعمة عظيمة وأن التخلي عنه لن يضر أحدا سواك فلتعمل به لتحصده وتراه خصوصا في يمن الذل والظلم والفساد والهوان (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) وهذا يحتاج منك استشعار الخسران المبين قبل التمسك بالخير وفعل الخيرات وحين تخرج من ذلك المسار تحت أي عباءة أو ثوب أو زينة تزينها لك نفسك أو يحاول الشيطان أن يواكب بها عصرك موسوسا لك بذلك فلن يكون الحصاد سوى الظلال المبين فلا تدعهم يخدعوك ولا ترضى ولا تنجر خلفهم وهنالك عليك ألا تخفق في عبورك نحو الإنسانية ولا تخيب ظنها ولتعش في مجتمعك اليمني تحديدا محاولا التمركز مع الحقيقة وأخذها من أفواه المواقف ولتأخذ من منطلقاتك الصادقة والوسطية انتصارات من وسط نيران الغلو ومن رحم التطرف الفكري وتشدد العقول التي تؤله أفكارها تأليها وتستبد بآرائها استبدادا وتحكم بالخطأ والصواب والفشل على الآخرين أو تنصب نفسها ربيبة الحق وحاميته (فاصدع بما تؤمر).
فإن استطعت أن تجعل الأفعال تقدسك وتقدس فعلك وانسانيتك فأنت قد وعيت وعرفت وفقهت وتعلمت خيرا وعملت خيرا كما أنك إن استطعت أن تؤمن بأن ما تعطيه لغيرك ستستوفيه أنت كاملا غير منقوص إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر فذلك خير.
وستتغير يا فيس لامحالة وسوف يحدث بك ومن خلالك وعلى يديك تغييرا كبيرا وستتخلى قبل كل شيء إن التزمت بمسار الخير في القول والفعل والنية على الكثير من الطبائع والممارسات والسلوكيات التي كنت قد ألفتها وأدمنت عليها كثيرا.

عناوين قد تهمك:

زر الذهاب إلى الأعلى