آراء
الحوثية.. ارتهان للخارج وهدم للداخل
د. لمياء الكندي تكتب: الحوثية.. ارتهان للخارج وهدم للداخل
من اللحظة الأولى التي ظهر وبرز فيها التشيع كفكرة عقائدية لدى أتباعه من المتشيعين، ظهر بين أبناء الدين الواحد سلسلة من التقسيمات القائمة على العصبيات السلالية، التي سعت إلى تسخير الدين لخدمتها وتطلعاتها السياسية في احتكار الحكم.
من هنا وكنتيجة لذلك انقسم أبناء الدين الواحد بين مذهبين، أو مؤسستين دينيتين سنية وشيعية، ووفقا للواقع الذي مثله أو فرضه أصحاب المؤسسة الشيعية التي أثبتت عبر التاريخ أنها مؤسسة منظمة فكريا وعقائديا تدير عبر ما تدعيه من موروث ديني وسلالي، سلسلة صراعات وحروب مستمرة ضد الآخر السني الذي تماهى أمامها في فترات تاريخية عديدة.
فالتشيع يمثل فكراً وصولياً غايته احتكار الحكم دون النظر في أي اعتبارات دينية أو اجتماعية أو فكرية ودون النظر بحقوق الآخرين الذين يخالفونها، لذا كانت الحروب وإثارة الصراعات والازمات، وتفكيك الدولة ونهب خيراتها وتشتيت قدراتها الذاتية على التطور والنماء، وتدمير السلم الأهلي هو أحد أهم مرتكزاتها.
ومثلما كانت الحروب نهجا مستمرا في الفكر الشيعي، كانت مسألة تضليل المتشيعين وتجهليهم، وإعادة بناء وتركيب شخصيتهم النفسية والاجتماعية بما يتوافق مع زعماء وأدعياء التشيع، الذين وضعوا لأنفسهم مكانة ومقاما عاليا بين أتباعهم يصل لحد التقديس، مهمة تكميلية وهدفا جوهريا في تنفيذ مشروعها.
انهم يدركون أن لا قداسة ولا مكانة لهم بدون جحافل المتشيعين، فتحت رايات المظلومية، والنصرة التي يتم التسويغ لها بأفكار ومبادئ دينية محرفة واستغلال نواحي الضعف التي تمر فيها المجتمعات والدول المستهدفة، تعتلي شعاراتهم السياسية والدينية الخادعة التي توظف الأزمات الداخلية لهذه المجتمعات والدول لصالحها.
من هنا كانت الأوضاع في اليمن مناسبة تماما لعودة مخلفات التيار الشيعي الإمامي، ممثلا بالحركة الحوثية، التي أكدت ارتباطها الوثيق بالمؤسسة الشيعية العالمية التي تدار مباشرة من طهران، والتي مارست ولا تزال تمارس نفس الدور للمؤسسة الشيعية العتيقة عبر التاريخ.
وهو دور تجاوز الاشتباه إلى ذلك الدور المفضوح لها دينيا وسياسيا، في تدمير الهوية الدينية والوطنية لهذه الشعوب، التي تم تدميرها وتقسيمها كمهمة ثأرية دائمة كان اخر ضحاياها شعبي العراق واليمن.
إن أي مهادنة مجتمعية أو فكرية أو سياسية أو عسكرية تجاه هذه المخططات، تعني استمراراً لامتناهياً من الحروب الطويلة، والانهيارت السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتجربتنا كيمنيين مع أدعياء الإمامة والتشيع تضعنا امام حقيقة هذه العصابات وأهدافها ودورها في نهب وقتل واستبعاد كل من وقع في مكائدهم.
ولنا أن نفكر جيدا بهذه التساؤلات المهمة التي أجعلها خاتمة لمقالي هذا:
كم هي عدد الحروب التي خاضها أدعياء التشيع والإمامة في اليمن من أول ظهور لهم عبر الغازي الرسي وحتى اليوم؟
كم هي الفترة التاريخية إن وجدت في تاريخ اليمن التي تمتع فيها اليمنيون بالأمن والاستقرار في ظل حكم الإمامة ومدعيها حتى اليوم؟
ما هو الإنجاز الفكري والأثر الاجتماعي أو العمراني والاقتصادي الذي خلفته لنا الإمامة؟
في أي فترة تاريخية لحكم الإمامة تم التعامل فيها على أن اليمن في ظل حكمهم دولة مستقرة لها كيانها الخاص كدولة تحظى بعلاقات دولية طبيعية؟
ما مدى القبول الشعبي بتصنيفاته الدينية والقبلية تجاه من يحكمهم من الأئمة؟
ما مدى استقلال اليمن من التدخلات الخارجية في ظل فترات حكمهم المتقطعة على أجزاء من اليمن طيلة ما يزيد عن ألف عام؟
هل يمكن لأي مصالحة مع العناصر الأمامية الحوثية أن تنهي حربهم معنا وما هي مقومات السلم الشراكة التي يمكن أن تكون قاعدة هذه المصالحة؟
وأخيرا: ما هو الفرق الذي عاشه ولمسه اليمنيون عقب ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وما هي الآثار الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية والفكرية التي خلفتها لنا الثورة مقارنة بما قبلها وما بعدها اليوم في ظل حكم الحوثيين؟!
الإجابة واضحة، وخلاصتها أن الإمامة ظلت على مدى التاريخ سرطاناً يفتك بأعصاب الأمة اليمنية، ويغتال هويتها واستقرارها وأحلامها ويمزق نسيجها ويجلب لها الويلات.
عناوين قد تهمك: