آراء

أطفال اليمن تحت تصرف العصابة الحوثية - تلغيم المستقبل

د. لمياء الكندي تكتب بالتزامن مع يوم الطفل العالمي حول: أطفال اليمن تحت تصرف العصابة الحوثية - تلغيم المستقبل


ﯾﺪﻓﻊ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺮاﻫﻦ اﻟﺬي ﯾﻤﺮ ﻓﯿﻪ أﻃﻔﺎل اﻟﯿﻤﻦ العديد من اﻟﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﻤﺮﯾﺮة حول واقع الأطفال اليوم ومستقبلهم في الغد، حيث إن ﺳﯿﺎﺳﺔ اﺳﺘﻬﺪاف الأطفال من قبل عصابات الحوثي ، ﺗﺘﻌﺪى ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻃﺎرﺋﺔ ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﺗﺪاﻋﯿﺎت اﻟﺤﺮب وﻣﺂﻻﺗﻬﺎ، لتمثل اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ واضحة ﺗﻤﺎرﺳﻬﺎ اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت اﻟﺤﻮﺛﯿﺔ، ﻟﺘﺤﺼﺪ ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ وﻟﯿﺲ ﺑﺒﻌﯿﺪ إذا ﻟﻢ ﻧﺘﻨﺒﻪ ﻟﻠﺨﻄﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ﻋﻠﻰ أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ اﻟﯿﻮم، وﺗﺄﺛﯿﺮها اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺜﺮوة اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻓﻲ المستقبل، واﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﻘﺪ إلى أﺑﺴﻂ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺒﻨﺎء واﻟﺘﺤﺮﯾﺮ.

إنهم أي اﻠﺤﻮﺛﯿﯿﻦ ﻛﺎﻟﻌﺎدة، ﯾﻤﻀﻮن ﻓﻲ ﻣﺸﺎرﯾﻊ ﺗﺪﻣﯿﺮ اﻟﯿﻤﻦ وﺗﻠﻐﯿﻢ ﻃﺮﯾﻘﻪ ﻟﻤﺪى ﺑﻌﯿﺪ، ﻋﺒﺮ ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻮﻧﻪ ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻄﻮﯾﻞ، وﻟﻢ ﯾﺨﺮج أﻃﻔﺎل اﻟﯿﻮم ﻣﻦ اﻟﻼﺋﺤﺔ اﻟﺘﺪﻣﯿﺮﯾﺔ ﻫﺬه، حيث لم ﺗﻘﻒ ﺧﻄﻮرة اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺤﻮﺛﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻬﺪاف اﻷﻃﻔﺎل ﺑﻤﺴﺎﻋﻲ ﺗﺠﻨﯿﺪﻫﻢ وإلحاﻗﻬﻢ ﺑﻤﺤﺎرق اﻟﻤﻮت الموثقة ﻋﻠﻰ الجماعة.

ويتخذ ﻫﺬا اﻻﺳﺘﻬﺪاف ﻣﻨﺎﺣﻲ أﺧﺮى أكثر خطورة، تكمن ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻋﻲ اﻟﺤﻮﺛﯿﯿﻦ اﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﺟﯿﻞ ﻛﺎﻣﻞ ﯾﻤﺎرس وﯾﻌﺘﻨﻖ ﻋﻘﯿﺪة اﻟﺠﻬﻞ واﻟﻔﻮﺿﻰ، بحيث ﯾﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺠﯿﻞ أﻃﻔﺎل اﻟﯿﻮم وقود استمرار حكمهم، فهم يريدون أن يكونوا عدة الغد وعتاده الضامنة لاستمرارهم.

وﻟﻨﺎ أن ﻧﻘﯿﻢ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺨﺼﻮص وﻣﺪى ﺗﺎﺛﯿﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، فالحرب الحقيقية التي يخوضها الحوثيون ضد الشعب هي حربهم ضد العلم والمتعلمين، ولأنهم يدركون خطورة خلق جيل متعلم ومتنور على حاضرهم ومستقبلهم، تعمدوا في استهداف المؤسسة التعليمية في مختلف مراحلها إما عبر إغلاق العديد من المدارس وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، أو من خلال إهمالها للدرجة التي أصبح فيها الحصول على الكتاب المدرسي معضلة اقتصادية تواجهها العديد من الأسر.

لقد أصبحت السوق السوداء لطباعة المناهج الدراسية وبيعها مصدر تربح للعديد منهم، خاصة وقد أوقفت الوزارة طباعة الكتاب المدرسي وألغت بشكل غير معلن، نظام مجانية التعليم، وألزمت المعلمين الدوام اليومي في مدارسهم بدون أن يتقاضوا أي أجر على تدريسهم، فأصبح الإهمال والتسيب وعدم الفاعلية من قبل العديد من المعلمين والإدارات المدرسية، أهم نتائج التدمير المتعمد للتعليم والذي استهدف التلميذ والمعلم على حد سواء.

قيمة التحصيل العلمي منعدمة

في ظل سلطة الميليشيا العنصرية أصبحت القيمة الفعلية للتحصيل العلمي للتلاميذ منعدمة، بل إنها تشجع الطلاب على الإهمال والتسرب من المدارس، وتكوين انطباع سلبي لديهم ولدى أسرهم، حول القيمة الفعلية للدراسة، مقابل ما قد يرجع بالنفع المادي على هؤلاء الاطفال وأسرهم لقاء الالتحاق بجبهات الموت أو بعض الأعمال التي لا تتفق مع سنهم ولا حقوقهم، فيجدون من الشوارع والأسواق والأرصفة بديلا أفضل من قضائهم ساعات طويلة في الدراسة التي لا تتوفر لهم فيها أي مقومات للاستمرار، خاصة وقد فرضت عليهم الظروف الاقتصادية الراهنة التحول من التعليم إلى سوق العمل لإعالة أنفسهم وأسرهم بالفتات الذي يجنونه منها.

تساؤلات مهمة؟

وﻟﻨﺎ أن ﻧﺜﯿﺮ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﻬﺎمة، ﺣﻮل واﻗﻊ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت الحوثية اﻹﺟﺮاﻣﯿﺔ ﻓﻲ حق أطفال اليمن والبحث في آثارها وتداعياتها ومن المستفيد منها:
ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﯾﺘﻢ ﺗﺠﻨﯿﺪ اﻟﺤﻮﺛﯿﯿﻦ ﻟﻸﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﺣﺮﺑﻬﻢ، و ﻣﺎﻫﻲ اﻟﺠﺪوى ﻣﻦ ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﺘﺠﻨﯿﺪ ﺗﻠﻚ؟
ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻣﺎ ﻫﻲ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة ﻟﻠﺪﻓﻊ ﺑﺎﻷﻃﻔﺎل اﻟﻰ ﺟﺒﻬﺎت اﻟﺤﺮب رﻏﻢ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺎﻧﻌﺪام اﻹﻣﻜﺎﻧﯿﺎت اﻟﻘﺘﺎﻟﯿﺔ ﻟﺪﯾﻬﻢ؟
ﻣﺎ ﻫﻮ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ اﻟﺤﻮﺛﯿﺔ ﻋﻠﻰ واﻗﻊ وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﯿﻤﻦ (ﻫﺬا ﯾﺨﺺ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻨﺘﻈﻤﻮن ﻓﻲ دراﺳﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺪارس اﻟﺤﻜﻮﻣﯿﺔ)، ﺧﺎﺻﺔ وأن ﻫﺬه اﻟﻤﺪارس ﺗﻤﺮ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ اﺧﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺪﻣﯿﺮ اﻟﻤﻤﻨﻬﺞ ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ وﻣﺨﺮﺟﺎﺗﻪ؟
ﻛﯿﻒ اﻧﻌﻜﺴﺖ اﻟﻈﺮوف اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ﻋﻠﻰ الأﺳﺮة واﻟﻄﻔﻞ وﻣﺎ ﺗﺄﺛﯿﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻦ واﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻨﻔﺴﻲ والتربوي ﻋﻠﻰ الأﻃﻔﺎل؟
ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ وواﻗﻊ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﺬﯾﻦ اﻧﻘﻄﻌﻮا ﻋﻦ ﺗﻌﻠﯿﻤﻬﻢ وﺗﺤﻮﻟﻮا إﻟﻰ باعة ﻣﺘﺠﻮﻟﯿﻦ وﻣﺸﺮدﯾﻦ وﻣﺘﺴﻮﻟﯿﻦ ﻓﻲ اﻻﺳﻮاق ومدى تاثير ذلك على مستقبلهم؟
ﻛﻢ ﻫﻲ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺠﺮﯾﻤﺔ اﻟﻤﺴﺠﻠﺔ رﺳﻤﯿﺎ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ اﻷﻃﻔﺎل ﻣﻦ ﻗﺘﻞ وﺗﻌﺬﯾﺐ واﺧﺘﻄﺎف واﺳﺘﻐﻼل واﻏﺘﺼﺎب، وﻣﺎﻫو دور الحوثيين ﻓﻲ انتشار هذه الظواهر؟
ﻣﺎ ﻫﻮ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺬي ﯾﻮاﺟﻪ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﯿﻤﻦ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﻮﺟﻪ اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت اﻟﺤﻮﺛﯿﺔ ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﻤﻔﺎﻫﯿﻢ واﻟﻘﯿﻢ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ واﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﻲ ذﻫﻦ (النشء) ﻋﺒﺮ غرس اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎﻫﯿﻢ اﻟﻤﻐﺎﯾﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻟﯿﻢ واﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ واﻟﻤﻀﻠﻠﺔ؟
ﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﺆﺛﺮ واﻗﻊ اﻟﺤﺮب واﻟﻌﻨﻒ اﻟﺬي ﯾﺘﻌﺮض ﻟﻪ اﻷﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﯿﻄﺮة اﻟﺤﻮﺛﯿﯿﻦ ﻓﻲ أﻋﺪادﻫﻢ ﻛﺠﯿﻞ ﻗﺎدم ﯾﻔﺘﺮض أن ﯾﻜﻮن ﻟﻪ اﺳﻬﺎﻣﻪ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﻓﻲ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة واﻟﺒﻨﺎء واﻻﺳﺘﻘﺮار اﻵﻣﻦ؟
وﻣﺎ زاﻟﺖ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﻬﺎمة ﺗﺘﻮارد ﻓﻲ اﻷذﻫﺎن ﻋﻦ الواقع واﻟﺨﻄﺮ اﻟﺬي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻪ اﻷﻃﻔﺎل اﻟﯿﻮم، ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬه اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت اﻹﺟﺮاﻣﯿﺔ وﻣﺎ زاﻟﺖ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﺣﻮﻟﻬﺎ واضحة وﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺨﯿﺦ واﻟﺘﻠﻐﯿﻢ اﻟﻤﻤﻨﻬﺞ ﻟﯿﻤﻦ اﻟﻐﺪ.
كل ما سبق ﯾﻔﺮض ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻟﺘﻨﺒﻪ ﻟﺨﻄﻮرﺗﻪ وﺗﺪاﻋﯿﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ آﺛﺎراً ﻛﺎرﺛﯿﺔ ﻓﻲ اﺳﺘﻤﺮار سلطة المليشيا ومعها اﻟﺠﻬﻞ واﻟﻔﻮﺿﻰ ﻛﺨﯿﺎر كارثي ﯾﻮاﺟﻬﻨﺎ إذا ﻟﻢ تستنفر ﻛﻞ اﻟﻘﻮى اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟﻤﺤﺎرﺑﺘهم.

عناوين ذات صلة:

 

زر الذهاب إلى الأعلى