آراء

خِضاب الدّم

د. سعاد الحدابي يكتب: خِضاب الدّم


جثت على ركبتيها.. ملأت كفيها بالدّم، وغسلت به وجهها. امرأة يمنية تغسل يديها ووجهها بالدّم في صورة من أكثر صور الحرب وجعاً، المرأة التي وجدت نفسها تتشبث بما بقي لها من زوجها المقتول بيد مسؤول حوثي في مدينة حجة اليمنية.
إحدى صور الوجع اليمني التي التقطتها كاميرات المصورين من زمن الحرب في مدينة حجة، المدينة البعيدة عن الأضواء، المدينة التي عاث فيها الحوثي فسادا.
الصورة لا تدع مجالاً للكلمات ولا للتفاصيل، فثمة صورة تختزل المشهد.
كل ذلك في زمن الحوثي وفي مدينة تحت سيطرة المليشيا، فهل ظل للعيب الأسود وجود في قائمة مصطلحات القبائل المؤتمرة بأمر الحوثي؟
هل رأى رجال اليمن تلك المرأة الجاثية قهراً ورعباً ووجعا؟
تُرى ماذا كانت تقول، وأي قلب ظل معها وهي تغتسل بدماء زوجها؟ أي قلب وهي تتمسح بما بقي منه!!
من أين جاء هؤلاء؟ من أي كهوف الخزي والعار ينحدرون؟ عن أي قيم يصدرون أعمالهم؟
هل ماتت الضمائر أم توحش المتنفذون واستعلوا على البسطاء من الناس؟
أولئك الذين جعلوا من سطوتهم مجالاً للبطش بالناس، فلم يعد يردعهم عرف ولا دين، لم يعد يهتز لهم قلب ولا يطرف لهم رمش.
لقد أرخصوا الدم اليمني فصار يسكب على قارعة الشوارع. لقد ألِفوا القتل واعتادوه حتى نسوا بأن القتل كبيرة محرمة في كل الشرائع السماوية. إنه البطش الذي وباله وخيم. إنه الغرور وسطوة القوة التي لم تكن في بشر إلا قصمه الله، واسألوا جبابرة أهلكهم الله وصاروا عِبَراً تُروى للتأريخ.
فحتام يستبد الظلمة وإلامَ يستمر مسلسل التنكيل بالبسطاء من الناس؟
الشرعية الغائبة متى تعود؟ والساسة المبجلون متى يتحدون ويتنازلون عن أطماعهم ومشارعهم الضيقة ويرون مصلحة الوطن؟
متى ترجع الدولة؟ متى تعود شرعية الشعب الذي صمت كثيراً عن شرعية في المنافي، وصمت عن حوثي يرتكب كل يوم جرائم، وصمت عن ساسة مشغولين بمشاريعهم الضيقة، وسكت عن برلمانيين لم يؤدوا أماناتهم، وسكت عن تجار سوق سوداء، وسكت عن نشطاء يتخيرون مواضيعم وفق أحزابهم ومكاسب المواقع التي تدفع لهم!!
لقد صمت الشعب اليمني كثيراً لكنه لن يصمت أكثر، إن نقمة الشعب تغلي وستستمر في غليانها حتى تندفع براكين غضبه وتصْلي كل من خذل الشعب، سيكتسح البركان ما في طريقه. لن يفرق بين حوثي وشرعية وأحزاب وسياسيين ونشطاء ومسترزقين، عندها لن يعصم الحوثي ولا الشرعية ولا المتخاذلين أي عاصم.

- ملاحظة: كتب المنشور فور انتشار الصورة التي ليتبين بعدها أن المرأة تتشفى بدم قاتل أحد أقاربها وفي كل الأحوال هي دليل على الفوضى وانعدام الأمن وفقدان ثقة الناس بسلطة المليشيا.

زوجة قتيل حجة الشيخ حميد طفيان
زوجة قتيل حجة الشيخ حميد طفيان (شبكات تواصل)

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى