[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
اهتمامات

جمهوريون لا يعرفون معنى الجمهورية!

حفظ الله العميري يكتب: جمهوريون لا يعرفون معنى الجمهورية!


أشاطر الكاتب الجمهوري الكبير عادل الأحمدي الرأي بأن التعددية السياسية والحزبية كانت سببا لتمزق اليمنيين ونسيان الصراع الجمهوري الإمامي، حيث أدى هذا التمزق في ذروته لعودة الإمامة الهاشمية، لكنني أضيف أيضاً بأن صعود علي صالح والصحوة الإسلامية وقيام الوحدة أيضاً ضمن أسباب هذا التشظي.

خفت الصوت الجمهوري في الثمانينات مع بروز الصراعات الداخلية التي غذاها نظام صالح.. كثير من الموروث الجمهوري من مؤلفات وأغانٍ وطنية وغيره كانت قبل ذلك.. سلب صالح السلطة من الثوار وسلمها للمشايخ والفيد والقتلة، في عملية أشبه ما توصف بتزويج فتاة من الريف البولندي لقاطع طريق يسكن أحد كهوف حرف سفيان، بدأت جذوة موروث سبتمبر الوطني بالانحدار مع بروز أصوات السلاح والنفوذ القبلي، حتى عاد في بداية التسعينات وحماس الوحدة، لكنه ما لبث أن أختفى من جديد مع حرب 94 وما تلاها، وحل بعده موروث فني وثقافي يمجد الزعيم المنتصر.
بالعودة لموضوع الوحدة، فأنا هنا لا أحملها السبب كاتفاقية وحدت شطري البلد، لكن ما لحقها من سوء إدارة وغدر وصراع طاحن، أضاع تماماً الصراع الجمهوري الإمامي الذي كان هو الهاجس لكل حكام الشمال قبل علي صالح.
أنتجت الأنظمة والحكومات المتعاقبة بعد الوحدة وإدارة صالح رجالاً من ورق، لا يعرفون معنى الجمهورية ولا يدركون خطر الإمامة، لم يتذوقوا الظلم الذي عاشه الناس في شمال اليمن على يد هذه السلالة، بالإضافة إلى غرقهم في الأحقاد الشخصية والمناطقية التي تسببت بها حرب 94 وما قبلها، وصراع النفوذ، والحسابات الضيقة، والبعض منهم إمامي لبس ثوب الجمهورية.
لقد أدى هذا الأداء السيئ وهذه الخلطة العجيبة لنسيان الإمامة كخطر وجودي وثعبان ينتظر الفرصة السانحة للانقضاض. نتج عن هذه الحكومات وسياساتها أجيال مجهلة، أو متعلمون تطبيقياً بخواء فكري، وقرار سياسي عطل ووقف كل ما له علاقة بالإمامة والثورة من كتب وفن وثقافة وهوية، إلا ما تم إخراجه بشق الأنفس أو بجهود خاصة وذاتية.
كما أن التعددية الحزبية في صيغتها المشوهة والمتسرعة تلك أنشأت أيديولوجيات وعصابات وليس أحزابا مدنية حقيقية، عملت منذ اليوم الأول على استيعاب اللوبي الهاشمي الإمامي في أدق مفاصلها، ولم تحتوِ برامجها ومناهجها منهجا فكريا سبتمبريا واحدا، وهو ما غذى الصراع بينها إلى أن وصل في ذروته في العام 2011، وما تلاه من انهيار للدولة وقضم الميليشيات لها، وفتحت التعددية والديموقراطية غير المنضبطة بقوانين صارمة وأسس مدنية وقانونية ووطنية سليمة، فتحت الباب للوبي الهاشمي للعودة عبر كانتونات حزبية، كان هدفها الرئيس تعبيد الطريق لعودة الإمامة الهاشمية وهو ما حصل بالفعل.
وأسهمت الصحوة الإسلامية التي انتعشت منذ نهاية السبعينات، أيضا، في تضييع تراث الجمهورية، وطمس معالم التمدن التي ظهرت في سبعينيات القرن المنصرم، وتدجين المجتمع بأفكار دينية متشددة وإدخاله في صراع عقيم، وتكريس الولاء الديني بدلاً عن الولاء الوطني، وغرس ثقافة مغلوطة عن الولاء والبراء، والحريات الشخصية، والكثير من التشوهات التي أصابت الفكر الجمهوري في مقتل، وأذكر هنا مقولة جميلة لأحد الأصدقاء حيث قال "الإسلاميون جهزوا مجاهدين والحوثي أخذهم جاهزين وطلعهم الطقم".
ما نعيشه اليوم هو حصاد لماضٍ وتراكم أليم، ويبدو أننا لم نستوعب الدروس بعد.

زر الذهاب إلى الأعلى