[esi views ttl="1"][esi views ttl="1"]
آراء

أمريكا بعد ترامب

علي البكالي يكتب حول: أمريكا بعد ترامب


جنون ترامب وتهوره يؤسس لمرحلة انقسام وتراجع لسيدة العالم.

يتجه خطاب ترامب الانتقامي إلى اتهام مؤسسات الدولة العميقة في أمريكا بالفساد والتزوير ( البرلمان الكونجرس الجيش الأمن القضاء رؤساء الولايات ومجالسها)، سيكلف أمريكا هيبتها الخارجية ووحدتها الداخلية، ويضعها على طريق التراجع والانكسار.

الظاهرة الترمبية تجاوزت الدولة العميقة ومؤسسات الدولة الحاكمة والأحزاب بما فيها الحزب الجمهوري الذي رشح ترامب وحكم بإسمه، تجاوزت الظاهرة الترمبية كل هذه التحصينات العملاقة إلى الشعبوية لتخلق فجوة من عدم الثقة بين الشعب والدولة ستظل تتسع حتى تتحول الظاهرة الشعبوية إلى كراهية متبادلة.

ترامب يحاول بجنونه اسقاط مكانة الديمقراطيين لكنه يسقط الدولة ومؤسساتها أمام الشعب ويبذر بذور الثورة الشعبية ضد الدولة، إنه يتحدث عن فساد الدولة ومؤسساتها وعدم أهليتها لثقة الشعب.

وهي المرة الأولى في تاريخ أمريكا منذ القرن الثامن عشر يتجرأ مسؤول على هذا الإتهام الذي يسقط هيبة المؤسسات وثقة الشعب بها.

المتابع للتعليقات على صفحة ترامب التي تصل إلى الملايين من المتابعين يجد أن تصريحات ترامب وجنونه تصنع كل يوم هيجان جماهيري وحالة من السقوط المريع، وفقدان الثقة بالدولة، بل إن بعضهم يدعوا للثورة والخروج إلى الشوارع لإسقاط المؤسسات.

ترامب يختطف الحزب الجمهوري تدريجيا باندفاعاته وتهوره، ويدفع بجماهيره للفوضى والجنون، وسيجد القادة الجمهوريون أنفسهم مجبرين لمسايرة جنون ترامب مكرهين، أو يلفظهم اليهجان خارج الصف الجمهوري.

وستجد الإدارة الأمريكية الجديدة نفسها أمام جملة من التحديات الداخلية قبل الخارجية على رأسها حالة الانقسام التي تتوسع كل يوم بفعل ترامب وجنونه.

أما الديمقراطيون فسيكون عليهم حماية مؤسسات الدولة من تسرب الظاهرة الترمبية إليها، وانقاذ الحزب الجمهوري من الأسر بعد أن اختطفه ترامب، فضلا عن استعادة مكانة أمريكا الخارجية، وهذه الأخيرة ستكون صعبة إن لم تكن مستحيلة، لأن الانقسامات الداخلية سوف تكره الإدارة الأمريكية على ترك المساحات الخارجية لقوى دولية أخرى صاعدة.

ستغذي الظاهرة الترمبية اشكال عدة من الصراعات والانقسامات الداخلية، وستفجر نزوعات أقوامية متعددة، تؤثر في سياسات أمريكا داخليا وخارجيا، ومع الأيام ستبدأ أمريكا في التراجع عن سيادة العالم الأحادية، وتتوازن الاقطاب العالمية لتفرض نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب.

زر الذهاب إلى الأعلى