قميص عثمان وفيديو صالح
مصطفى محمود يكتب: قميص عثمان وفيديو صالح
اثنان لا ينتهيان، الأولى مقاومة اليمنيين للحوثي، والثانية علي عبدالله صالح. مقولة رددها بعض المثقفين بعد استشهاد الزعيم صالح في 4 ديسمبر عام 2017م، فبعض اليمنيين لم يصدقوا أن عهد صالح قد انتهى، لدرجة أن البعض لا زال يعتقد أنه لم يُستشهد ومن قُتل هو شبيهه.
ورغم مرور ثلاثة اعوام على استشهاد صالح، فإنه لا زال يثير حالة من الجدل والحيرة ويتساءل اليمنيين..! أين يرقد الزعيم صالح الآن! تتضارب الانباء بخصوص هذا الامر. فالبعض يؤكد ان جثمانه ما يزال في ثلاجه الموتى بالمستشفى العسكري بصنعاء واخرون يقولون تم تسليمها لأقاربه مشائخ سنحان فتم الصلاة عليه ودفنه في مسقط راسه بقريه الاحمر في سنحان..
واخرون يقولون ان الحوثيون دفنوا جثمانه في المكان الذي دفن فيه حسين الحوثي نوعاً من الانتقام مع ان علي بن أبي طالب رضى الله عنه لم يبايع الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه الا بعد ستة أشهر من مبايعة غالبية المهاجرين، والأنصار له، لكن لم يمنع هذا الأمر علياً وابنه الحسن كانا من بين الرجال الّذين حملوا نعش عثمان بصمت ودفنوه في وادي البقيع وفي منطقةٍ تسمى (حشا كوكب) عليٌ المعارض وعثمان الشهيد، مقطع الأوصال يتآخيان حينئذ لوأد ودحر الفتنة فحمل عليٌ رفيق دربه في مسيرة الوحدانية القاسية وصحبتهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على خشبةٍ كي يدفن بهدوء بقيَ في دار عثمان قميصه الذي قتل به والذي كان من المفترض أن يدفن معه كونه قتل شهيداً!
أمران اذن لم يحسب لهما الهاشميون أي حساب، القميص الممزق بالسيوف والملطخ بدم عثمان والمصحف المدمى!
لا يعلم أحد من استلهما من الدار ثم أوصلهما إلى الشام (هكذا).. القميص يصل إلى الشام كي تبدأ رحلة للفتنة لم ولن تنتهي.. بدأ معاوية وبنو أمية بحشد تأييد الناس واستمالة قلوبهم واستفزاز مشاعرهم بعرض القميص على منابر الخطباء في الجوامع، بين جامع وجامع ومسجدٍ ومسجد وحيٍ وحي في الشام، والناس تبكي وتنظر بحزنٍ واستياء واستهجان على قميص خليفة رسول الله وقد تقطع وتشقق وامتلأ بدمه،
وبعد أن تولي علياً الخلافة وبدء الاضطرابات والجمل وصفين وظهور الخوارج وقتل علي ثم قتل الحسين.. ثم.. ثم.. ثم تقطيع الأمة وتمزيقها إلى طوائف ومذاهب سياسية وعرقية نكتوي بجمرها لحد الآن.
التاريخ يعيد نفسه، وبعيداً عن التشبيهات طبعاً، علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية السابق الذي تنحى عن الحكم ابان ثورات الربيع العربي.
اختار الهاشميون المعاصرون بعد سلسله من الاعتداءات ضد الزعيم صالح وضد قيادات حزبه أن يحاصروا منزله ومنازل اقربائه واغلب فيادات حزبه ثم يشنوا عليه حرب بكافه انواع الأسلحة والدبابات واجه صالح الموت بشهامة يوسف العظمة (وزير دفاع سوري) الذي أصرّ في موقعة ميسلون على مواجهة الجنرال الفرنسي غورو وأرتال دباباته ودروعه، بصدره العاري، كي لا يسحقه عار التاريخ !!
القميص الذي أحدث فتنةً لا تزال وسنبقى نعاني منها إلى الأبد، والفيديو الذي نشره الحوثيون كما شاهده العالم تظهر جثمانه مسجياً داخل بطانيه في صندوق سيارة يحيط به مجموعة من المقنعين يصرخون، مثل الّذين استلوا قميص عثمان، لم يصبروا بل دفعهم الحقد وأنساهم الثأر التمييز بين أبسط شروط الإنسانية، هاتفين منشدين مستبشرين متشفين متلذذين بقتلهم للرجل، وصرخ احدهم مخاطبا الزعيم صالح المسجى امامهم "يا عفاش دم سيدي حسين ما بايروح هدر".
مقطع الفيديو الواضح الموثق هو قميص عثمان الثاني، بمعنى أوضح أن الّذين عرضوه هم السلاليون القتلة الذين اسقطوا الدولة وسيطروا ع المجتمع بصورة احتلاليه يمارسون القتل والإقصاء ضد الأطراف اليمنية المتحالفة معهم والمناهضة والمعارضة سياسياً وعقائدياً وغلقوا أبواب أي إمكانية صادقة لاي حلول سلميه .ومن نافلة القول أن الفيديو حمل دلالات وابعاد كثيره. اهمها ما شحنه هذا الفيديو من فرز عرقي بين يمني قحطاني من جهة، وسلالي هاشمي وأثار رمزية في الذاكرة الجمعيه (باعتبار التاريخ البشري في صيرورته العميقة تراكم لرساميل رمزية ومادية)..
في المستقبل القريب وفي الوقت المناسب ستظهر صور وفيديوهات أخرى من داخل حجرة استشهاد الزعيم صالح في منزله بالثنية .. وقميص ملطخ بالعار طالباً للثأر.