رجل يشتاقه اليمن
فتحي بن لزرق يكتب عن رجل يشتاقه اليمن
لا تدرك قيمة الشيء الا بفقدانه، والشعب اليمني لم يدرك قيمة الرئيس الزعيم علي عبدالله صالح الا حينما فقده .
ذات يوم حينما كانت لنا دولة وراتب ومؤسسات وأسعار زهيدة..
ما اصعب فقدان الدولة والنظام والقانون ، وما اصعب ان يُرمى شعب بأكمله على قارعة الطريق.
يخرج الناس إلى الشوارع فلا يجدون من الدولة الا ذكريات عابرة .
شعب ينام وعملته بسعر ويصحو وهي بلا قيمة!
كانت لنا دولة .. حكاية يحكيها الناس كل مساء على قارعة الطرقات .
رواية يقصها الأباء للأطفال عن الوطن الذي كان يسير فيه الناس من صعدة إلى المهرة لايخشون على انفسهم احدا.
يسأل الأطفال وجندًّ وامن؟
يهز الكبار رؤوسهم ويضيفون : ورواتب وسيادة وضوء.
-و ضوء؟
- نعم وضوء
وفي عتمة الليل غاب الضوء منذ سنين طويلة .
في مدينة المكلا خرج الناس هذا المساء رافعين صور الزعيم علي عبدالله صالح .
فشل الناس في الحصول على وجبة طعام واحدة ، أغلقت المطاعم أبوابها فالعملة في مهب الريح..!
ولا رجال..
ولا رجال فالرجال ماتوا،حكاية عدنية اخرى تحكيها ليالي المدينة الحالكة.
قلّبوا في الحلول فلما يفلحوا وفتشوا في الرجال فلم يجدوا.
المدينة التي خرج الناس فيها ذات يوم الالاف من الناس ضد الرجل .
الجنوب الذي كره صالح وظن انه ظالمه يشتاق اليه اليوم .
وكيف لايشتاق الناس وهم يقلبون اعينهم مابين ظالم واخر .
وكيف لايشتاقون لزمن الرجل وهم لايجدون مايأكلونه..!
ومابين صعاليك صنعاء وعدن تقسمت البلدا شيعا وتناهشت الاكلة قصعتها.
يخرج الناس اليوم ولسان حالهم يقول :" وجئت بما لم تجئ به الأوائل.
ولازلت اسأل نفسي منذ 6 سنوات مضت واكثر لماذا؟
لماذا ثار بعض الغوغاء ضد الرئيس صالح ..؟
فكرت وفكرت وفكرت وعجزت ان اجد إجابة واضحة لمثل هكذا سؤال ؟
ما الذي كان ينقص الشعب اليمني يومها؟
احتاج إجابة لمثل هكذا سؤال ..
تعالوا نستعرض الحقائق والحقائق لاتكذب ، الحقائق شواهد والتاريخ الذي عشناه لن يزوره احد..
اخبرني يامن صرخت في شارع الجامعة ما الذي كان ينقصك..؟
طرقات ووصلت إلى كل قرية وعزلة ومديرية ومحافظة .
مدارس وجامعات وكليات ووصلت إلى كل مديرية وكل قرية وكل منطقة .
رواتب وكانت تُصرف تاريخ 23 من كل شهر .
اعانات شهرية ويأخذ نصف الشعب اليمني إعانة.
جيش وكان لديكم جيش من كل قرية وبيت .
امن: وكان لديكم امن واحد .
عملة ومستقرة 30 عاما لم تهتز شعرة.
هل كنتم تعرفون أبوفلان أو أبو علان؟.
كلا والله .
الدارسون في الخارج : يوم واحد من شهر واحد لم تكن تتخلف رسومهم الدراسية ابدا.
المستشفيات : وكان في كل قرية مستوصف وفي كل مديرية مستشفى مجهز من كل شيء وفي كل مدينة (كبرى) هيئة طبية وكانت القلة القليلة من اليمنيين هي من تسافر للعلاج.
رئيس دولة وحكومة ووزراء ومسئولين امامكم وفي ارضكم كل يوم لم نسمع ان أحدا منهم غادر ولو ليومين خارج البلد.
30 عاماً وربما اكثر لم يتحكم في هذه الأرض (أجنبي) واحد كنا سادة ارضنا.
نريد ان نفهم
نريد ان نعي علام ثار بعض الغوغاء؟.
ما الذي كان ينقص هذه البلاد ؟
انتخابات وكانت تجرى وشهد لها العالم من أقصاه بالنزاهة في محيط ديكتاتوري -مجلس نواب - مجالس محلية - محافظين .
والناس لايبحثون عن صالح ولكنهم يبحثون عن دولة فقدوها.
الدولة التي تقاسمها صعاليك الشمال والجنوب.
الدولة التي نثرتها الشعارات الفارغة من كل معنى ..
الدولة التي نشتاق لها كل يوم .
الدولة التي سنحكي لأطفالنا عنها ..
حكاية اليمن .. حينما كانت لنا دولة.
عن رغيف الخبز الذي لم يتغير عقودا عدة .
عن الوطن الذي اضاعه "الانذال" حكاية تروى مخضبة بالدم والدموع.
- صفحة الكاتب
عناوين ذات صلة: