عن التكاثر اللامعقول للسلالة الطالبية (2)
أحمد الحميري يكتب: عن التكاثر اللامعقول للسلالة الطالبية (2)
نواصل هنا تفنيد الزعم الذي يعزو التكاثر اللامعقول للسلالة الفاطمية إلى أسباب سماوية والذي يعتمد تأويل متعسف للنص القرآني (إنا أعطيناك الكوثر). ومن بين الشواهد الدالة على أن ظاهرة الانتساب للسلالة (وليس التناسل) هي السبب وراء هذا العدد الكبير الذي يبدو عليه المنتسبون اليوم، ما يلي:
- ظاهرة الاضطهاد والقتل التي طالت العلويين في كثير من فترات العهدين الأموي والعباسي تقلل من فرص الزيادات الطبيعية، فضلاً عن الزيادات غير الطبيعية، بزيادتها معدل الوفيات، وضياع فرص الإنجاب كما في حالة يحيى بن زيد على سبيل المثال.
- الحسابات الرياضية بأي نسب تكاثر مقبولة علمياً، حتى في معدلاتها الأعلى، مع استبعاد ظاهرة القتل والاضطهاد التي طالت المنتسبين، حقيقة أو ادعاء، إلى علي وفاطمة خلال الكثير من فترات الحكمين الأموي والعباسي، تكشف أن الأعداد الحقيقية الممكنة عشرات الآلاف فقط، وبالتجاوز والمبالغة، مئات الآلاف، لا ملايين، ناهيك عن عشرات الملايين المزعومة.
كأمثلة على ذلك ما يقال عن أن عدد من حجوا مع النبي في حجة الوداع 100 ألف فلو بلغت ذرية كل واحد منهم إلى اليوم مئة ألف فقط لبلغ عدد ذرياتهم إلى اليوم 10 مليارات إنسان، وهو عدد يفوق عدد سكان العالم في الوقت الراهن، هذا إذا افترضنا أنه لم يكن على وجه الأرض حينها إلا هؤلاء الحجاج.
وبحسب سجلات التاريخ الصيني كان عدد سكان الصين في القرن الثالث قبل الميلاد 14 مليون نسمة ووصل عددهم راهنا إلى ما يفوق المليار إنسان، بمعنى تضاعفهم خلال ألفين ومئتي عام أقل من مئة مرة.
مثل أخير يتعلق بمن يعرفون ببني شيبة (بني الشيبي)، سدنة الكعبة المشرفة وهم الأسرة التي أعطى النبي جدهم مفتاح الكعبة ودعا على من يأخذه منهم فظلوا موثقين نسبهم للحفاظ على هذه الفضيلة النبوية. ويقول كبير السدنة في هذه الأسرة قبل نحو 12 سنوات من الآن عبدالعزيز الشيبي في مقابلة صحفية ، إن عدد أفراد الأسرة 370 شخصا، بمعنى أن هذه الأسرة تضاعفت خلال 1400 سنة أقل من 400 مرة، وهو رقم تضاعف مقبول.
ولو أسقطنا هذا التضاعف على المئة ألف المشاركين في حجة الوداع لكان عدد أحفادهم اليوم 40 مليونا، أي بنسبة تعادل نحو نصف الواحد بالمئة من عدد سكان العالم وهي نسبة مقبولة، فيما قدر أحد المنتمين لهذه الأسرة ويدعى زياد الشيبي عدد أفرادها بثلاثة آلاف.
ولو أسقطنا رقم التضاعف هذا مرة أخرى على المشاركين في حجة الوداع لكان أحفادهم اليوم حوالي 300 مليون، بنسبة تقدر بأقل من خمسة بالمئة من عدد سكان العالم في الوقت الراهن، ورغم أن النسبة كبيرة إلا أنها تظل في حدود المقبول وفي الوقت ذاته أقرب إلى المستحيل وفي حافته لأننا لو أعدنا تنزيل النسبة إلى فترة حجة الوداع لكان عدد سكان العالم حينها مليوني إنسان فقط وهو عدد يتنافى مع الحقائق التاريخية والرياضية، وبإسقاط أي رقم تضاعف على النسل العلوي الفاطمي فالعدد سيقدر بالآلاف ومع التجاوز بعشرات الآلاف فقط، أما الملايين وعشرات الملايين فهي أرقام فلكية لا صلة لها بالواقع البشري.
- يُعد اليهود من أكثر شعوب العالم حرصاً على النقاء السلالي إلا أن الدراسات الجينية أثبتت اختلاف أصولهم. إلى جانب أن عدد اليهود بمن فيهم الكثير ممن تهوّدوا عبر التاريخ من غير بني إسرائيل لم يتجاوزوا بعد أربعة آلاف سنة العشرين مليوناً، وإن أخذنا بالرقم الوارد في العهد القديم الذي ذكر أن من خرج مع موسى في الفرار من فرعون 600 ألف فتكون الأمة اليهودية تضاعفت خلال ثلاثة آلاف وثلاثمائة عام بنحو ثلاثين مرة فقط، لكن هذا العدد مبالغ فيه وتعرض لانتقادات تناولته من مختلف الزوايا حتى أن البعض قدره بـ600 وآخرين بستة آلاف، وهناك من قدر عدد من خرج مع موسى بـ40 ألفا، وإذا أخذنا الرقم الأخير تكون الأمة اليهودية تضاعفت خلال الـ33 قرنا حوالي 500 مرة.
ولو أسقطنا رقم التضاعف هذا على النسل العلوي متغافلين عن مدة التضاعف التي تقل في الأخيرين عن الخمسة عشر قرنا، واعتبرنا أن عدد أولاد الإمام علي وأحفاده حينها 50 شخصا تظل الأرقام أقل من 25 ألفا اليوم.
- من كتاب خرافة السلالة والولاية
عناوين ذات صلة: