عقيل الصريمي.. عصاميٌ حتى الموت
خليل القاهري يكتب: عقيل الصريمي.. عصاميٌ حتى الموت
عندما أحاط الخطر بقلبه كان لزاماً إجراء عملية قلب مفتوح، وتداعى الخيّرون لتسفيره وحل عقيل أرض مصر نابضاً قلبه المتعب بحبها..
العملية تمت في أكتوبر الماضي ولكنها لم تدم سوى شهرين، الطبيب الجراح الذي تساق اليه كثير من حالات عمليات القلب"خاصة تلك التي يتكفل بتكاليفها فاعلو الخير "، لم يكن مخلصاً ولايعرف أن ملايين القلوب في اليمن أطربها وأسعدها صوت عقيل في برامجه الشهيرة"أوراق ملونة "، "واحة اليوم"، وغيرها في إذاعة صنعاء، وبعدها "خميلة الأثير "في إذاعة تعز، وغيرها عشرات البرامج.
بعد شهرين من عملية الطبيب المصري الذي يشكو من سوء تعامله وسخريته جميع المرضى اليمنيين، تبين أن جميع الشرايين مسدودة مرة أخرى، (التقارير اللاحقة بموجب قسطرة تشخيصية جديدة قبل أسبوعين أجراها طبيب القلب الشهير في تعز عبدالله اسماعيل، وكذا مكالمة الأستاذ عقيل معي صوتياً على الواتس الإثنين الماضي)، وهو يبكي من هذا المصير، ويدعو الله ويحتسب على الطبيب والمشفى الذي سيق اليه في القاهرة، ربما عبر سماسرة يسترزقون.
توقف قلب عقيل توقفاً أبدياً، بينما لن يتوقف عبث هذا الطبيب الذي يصفه اليمنيون بالمجنون.
رحم الله عقيل، ورحم الزمن الجميل الذي كانت فيه معايير المذيع صارمة، فكانت تفرز مذيعاً شاعراً أديباً، مثقفا عالماً، متفرد الصوت والخامة كما كان عقيل، الذي له دواوين شعرية لم تجد طريقها للطباعة، والتبني، كما أن له أكثر من عشرين أوبريتاً غنائياً ووطنياً، ملحنة ومغناة صوتياً بجهود متواضعة في تعز، كان يطمح لتلفزتها.
خمسة وأربعون عاماً بين إذاعات الحديدة وصنعاء ثم تعز مؤخراً..
مذيعٌ يطلبه الأثير حثيثاً، وتستهوي صوته الأسماع طروبةً بلا ملل، أكسب المذياع والأثير مهابةً وقيمة، وأكسباه حب الملايين.
خمسة وأربعون عاماً أفناها منذ دراسته الابتدائية مذيعاً مبكرا، ولم تشفع له بامتلاك مسكن يقيه وأسرته سوءات الزمن، ولا حتى بالحصول على علاج وطبيب محترم..
منعته عصاميته طوال حياته ومسيرة مهنته من التزلف لمسؤول أو التودد إلى ذي منصب، أو التردد على أبواب ساسة وحكام، كما فعل ويفعل كثيرون، من المذيعين والإعلاميين من مبتغيي الهبات والعطايا وما أكثرهم، وأقبح مسلكهم.
كان الصريمي رحمه الله ذَا شخصية صوتية ليست إلا له، ولاتتكرر أو حتى يسهل تقليدها، إن أطل على أسماعنا قارئا للأخبار، تملّكها وزادها تشنيفاً.
من دار قديمة متهالكة تعود لأبيه في القريشة بالشمايتين تعز، جاء نبأ رحيله السبت 2-1-2021 إلى دار الخلود الأبدي، ليترك بين تاريخ وفاته ومولده في 1958 سيرة مهنية وشخصية لاتتكرر.
عناوين ذات صلة: