حمّى في الجلود.. بردٌ في العظام (شعر)
قصيدة الشاعر اليمني يحيى الحمادي تحت عنوان: حمّى في الجلود.. بردٌ في العظام
جاع شعبُ الصُّمُودِ..
ضاع شعبُ الصُّمُودِ..
مات شعبُ الصُّمُودِ..
و"المسِيرةُ" مرفوعةُ الرأسِ
والبأسِ..
لا شيء يشغلُها
غيرُ حفرِ القبورِ
وهدمِ البيوتِ
وقطعِ السّبيلِ
ولعنِ الي هُودِ..
المسيرةُ لم تألُ جُهدًا
ولا قصّرت بالجُهُودِ..
فإذا اشتدّ جُوعُ العِيالِ
أو انهار صرفُ الرّيالِ
أو انهار سقفُ الوُجودِ..
فالمسيرةُ صامدةٌ كالجبالِ، ويا شعبها
ألفُ عُودٍ بعينِ الحسُودِ..
المسيرةُ صامدةً ما تزالُ
وما زال في كفِّها ألفُ عُودِ
*
المسيرةُ لا صوت يغلِبُها في النِّقاشِ
ولا في المعاشِ
ولا في اقتِحامِ الفِراشِ
ولا في احتِلابِ الحُشودِ..
المسيرةُ _يا شعبها_ سيّرُوها
وقالُوا لها: لا تعُودِي
فابكِ عُمرك في عهدِها خانعًا
واعتذِر لِلجُدُودِ
*
أيُّها الشّعبُ..
يا حائِمًا في الرّصيفِ
ويا حالِمًا بالرّغيفِ
ويا راسِفًا بِالقيودِ..
دع مسيرة ربِّك تمضِ..
ولا تُؤذِها..
وارمِ بارُودها بالوُرُودِ
لا تقُل (لا) إِذا جاع طِفلُك
أو جُعت في عهدِها
مُت بجُوعِك مُستسلِمًا صامِتًا
أو فمُت في "الحُدُودِ"
ليست الحربُ مِن مالِ أُمِّك كي تُشترى..
أو تعُود إِذا شِئتها القهقرى
أو ترى.. كي ترى
أنّ جيش السماواتِ والأرضِ في صفِّها
وهي أُمُّ اللُّحُودِ..
إِنّما الحربُ ما بين لِصِّ النُّقُودِ، ولِصِّ الوُقُودِ
ليس في ساحِها جملٌ لِلشّوافِعِ
أو ناقةٌ لِلزّيُودِ
*
أيُّها الشّعبُ..
واصِل خُنُوعك مُنتظرًا
ما يجيءُ مِن الشّرقِ والغربِ
مِن مِحنٍ
وانسها بالرُّقُودِ..
راقِبِ الموت يقتاتُ أجساد أهلِك
في دربِها لِلصعودِ
وازرعِ الخوف في صحوِ أطفالِك
ازرعهُ
ما بين بردِ العِظامِ
وحُمِّى الجُلُودِ
لا تُفكِّر برفضِ الأسى
أو بكسرِ الجُمُودِ
أنت إِن قُلت (لا) طائِفِيٌّ..
ومُرتزقٌ..
خائِنٌ لِلترابِ، ولِلرِّيحِ، والمِلحِ..
مُتّهمٌ بِالجُحُودِ..
أنت إِن قُلتها مارِقٌ أو عمِيلٌ لِ "خلفان"
أو "لِلعدُوِّ السُّعُودِي"
مُت بجُوعِك مُستسلِمًا راضِيًا..
أنت شعبُ الصُّمُودِ
*
قُل لهُم: حاصِرُونا جميعًا هُنا..
واقتُلُونا كما شِئتُمُو
بالمجاعةِ..
أو بالصّواريخِ..
أو بالشعاراتِ..
أو بالمُسُودِ
نحنُ لا شيء نرفُضُهُ
أو نُحاوِلُ تفسِيرهُ
أو تذوُّقهُ..
مُنذُ "عامِ الوُفُودِ"
نحنُ فِئرانُ حقلِ التّجارِبِ
لا تأبهُوا لِلشّوارِبِ
أو لِادِّعاءِ المضارِبِ
أو لِارتِجالِ الرُّدُودِ..
نحنُ فِئرانُكُم..
ليس لِلفأرِ حقُّ اختِيارِ العقاقِيرِ في حقلِهِ..
ليس لِلفأرِ حُريّةُ الرّأي في نقلِهِ..
ذاك أكبرُ مِن عقلِهِ
يا عِيال الودُودِ
إِنّ هذي صنادِيقُكُم..
ولكُم حقُّ تخفِيفِنا بالمجاعاتِ
أو بالصِّراعاتِ
أو بالسّلامِ اللّدُودِ..
فاربِطُوا كُلّ فأرٍ بأمعائِهِ..
اربطوا الرّاس مِن رِجلِهِ
حرِّضوهُ على أهلِهِ..
ليس لِلفأر أن لا يرى قتلهُ جائزًا
أو كثيرًا على مِثلِهِ
وهو مِن أجلِهِ..
إِنّما نحنُ فِئرانُكُم..
لا تغُرّنّكُم طائراتُ التّحالُفِ مِن فوقِنا
أو صدى النّصرِ في شوقِنا
لِاقتِرابُ الجُنُودِ..
كُلُّ هذا الذي يزعُمُون ادِّعاءٌ
ومحضُ افتِراءِ..
كُلُّهُ قابِلٌ لِلتّناقُضِ
أو قابلٌ لِلشِّراءِ..
فافعلُوا ما يطِيبُ لكُم واسلمُوا..
ثُمّ فلتعلمُوا:
أنّ فأرًا جريحًا بإِمكانِهِ
نسفُ عرشٍ دعِيٍّ وسُكّانِهِ
.
أنّ فأرًا محا السّدّ جدٌّ لهُ
لن يرى العجز سقفًا لِأركانِهِ
.
خاسِرٌ دُون وعيٍ ولا حِيلةٍ
كُلُّ من جاع فأرٌ بدُكّانِهِ
للشاعر ايضاً: