عن تصنيف الحوثي وموقف المنظمات وطريق السلام الوحيد
رياض الأحمدي يكتب عن تصنيف الحوثي وموقف المنظمات وطريق السلام الوحيد في اليمن
من يخوفون المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين، بأنهم سوف يتضررون من الحصار نتيجة أي تصنيف أمريكي لجماعة الحوثي.. لماذا لا يكون العكس هو الصحيح؟ ذلك أن أي ضغوط، من شأنها أن تحد من التوحش في مناطق سيطرته وتدفعه باتجاه حل سياسي.
إن وقوع عاصمة الدولة اليمنية والعديد من مدنها في قبضة جماعة مسلحة، لا تؤمن ولا تنطلق من أي القيم التي توصلت إليها البشرية، بل على الضد منها، وما تقوم به من ممارسات وحروب وتدمير ونهب وسطو، لهو أكبر نازلة نزلت على اليمنيين، وكل ما من شأنه الحد من توحش الحوثي ودفعه نحو تنازلات لازمة للسلام، يصب في خدمتهم، وحتى في خدمة الحوثيين أنفسهم، وبما يحقن دمائهم التي تزهق في معركة خاسرة لا محالة.
المنظمات الدولية هي الأخرى، والتي بات اليمنيون ينظرون إليها أو إلى جزء كبير منها، بوصفها جزءاً من إطالة أمد الحرب وتستثمر معاناتهم، وتسعى لإدامة الأزمة التي تمكنها من التغول والتغلغل واستجلاب مئات الملايين من الدولارات، لكنها وهي ترفع أصواتها ضد قرار الإدارة الأمريكية بتصنيف الحوثي في قائمة الجماعات الإرهابية، فإنها في الوقت نفسه، ستعمل على إعداد الخطط التي تجعلها تستثمر هذا التصنيف، بالضغط على الحوثي، وبأن تمن عليه بأنها ما تزال تتعامل معه، رغم هذا التصنيف.
ومبدأياً، تكاد تجمع جميع التحفظات الدولية، في المواقف الصادرة، بما في ذلك، عن المبعوث الأممي البريطاني مارتن غريفيث، أو عن الاتحاد الأوروبي، على أن مصدر التحفظ لا يأتي لكون الحوثي ليس إرهاباً، بل لمبررات وحجج تتخوف من الجانب الإنساني. الأمر بحد ذاته، يمثل إدانة بصيغة أخرى على الحوثي أن يفهمها جيداً.
وفي هذه النقطة على وجه التحديد، ومنذ اليوم الأول، كتبنا أن التصنيف الأمريكي، ما هو إلا فرصة للحوثي، ليتأكد بأن الطريق لا يسير حسب أوهامه بالحكم وب"الولاية" و"الحق الإلهي"، المفتريين، بل إنه حتى بالنسبة للدول التي تواطأت معه، وقدمت لها خدمات أثناء التوسع نحو صنعاء، وخلال الحرب الدائرة، إنما ترى في ذلك، مصالح آنية، لكنها حتماً مؤقتة، ولن تدفعها للاعتراف به.
وعلى ضوء ذلك، فإن طريق السلام الوحيد، هو دولة لكل اليمنيين، ولن تتحقق حالياً إلا بمعادلة ميدانية مختلفة، لأن الحوثي لن يتنازل ما دام ينظر لنفسه بموقع قوة وسيطرة.
إن ما يسوقه المبعوث الأممي مارتن غريفيث، ومعه العديد من المواقف الدولية، ليس صناعة السلام، بل خارطة إدامة الأزمات، وجميع اليمنيين بما في ذلك، الحوثيون، متضررون، ذلك، أن هذه الأهداف تقتضي أن يظلوا أداة عنف وابتزاز تضحي بالمغرر بهم من أتباعها، في سبيل هذه الأهداف، فيما العالم اليوم، يقول إنها مجرد جماعة إرهابية، سواء أيدوا التصنيف أو تحفظوا عليه لمبررات مؤقتة، قد تنتفي في أية لحظة.
طريق السلام في المنطق والواقع، هو تغير المعادلة السياسية والميدانية على النحو الكاف لإعادة الحوثي إلى النقطة التي تجبره على القبول بما يقتضيه السلام بالضرورة. حتى لمن يريد خدمة الحوثي، عليه الدفع بهذا الاتجاه. ذلك أن التعامي عن الحقائق والمسلمات، يمكن أن يخدع الناس، بعض الوقت، لكنه لن يغير من المآلات الحتمية. وكل المؤشرات والمعطيات، تقول إن الحوثي حارب وسطا على مدن واسعة في اليمن، لكنه لم يكسب أحداً، في الواقع.
هاتوا حزباً يمنياً، من الأحزاب المعتبرة رفضت هذا التصنيف. فقط المنظمات التي يعلم الحوثيون أنفسهم أنها تقتسم معهم ملفات فساد، وستبدأ بالتبرؤ، بمجرد مزيد من الانكشاف، كما حصل العام الماضي، عندما خرج برنامج الأغذية العالمي، ببيانات تتهم الحوثي ب"بسرقة الطعام من أفواه الجوعى".
عناوين ذات صلة: