أطفال اليمن وتحمل المسؤوليات الأسرية: حينما تغرق أحلامهم
تقرير منيرة أحمد الطيار حول أطفال اليمن وتحمل المسؤوليات الأسرية: حينما تغرق أحلامهم
البحث عن المياه، مهمة تتجدد كل صباح بالنسبة لعلي ذو العشرة أعوام وإخوته، إذ يصحو واخوته عند السادسة صباحا، ووسط الطقس البارد في خريف صنعاء يحملون الدبب الملونة ويتوجهون للالتحاق بذلك الطابور الطويل مع اقرانهم للحصول على لترات مياه صالحة للشرب من خزانات الطوارئ في الشارع المجاور.
بين البئر والمدرسة
يكمل على جلب الماء ثم يصطحب ادواته مسرعًا للحاق بطابور المدرسة
يسكن علي وأسرته في منطقة بطرف العاصمة صنعاء حيث لا توجد مياه سوى من خزانات الماء (الوايت) التي تباع للسكان بقيمة 8000 ريال للخزان الواحد أو من تلك التي تتكفل منظمات بوضعها على الشارع العام وملئها بشكل دوري.
وفي حين يصرح السكان هناك أن الكمية لا تدوم طويلا حيث تحتاج الاسرة المتوسطة ملء الخزان مرتين إلى ثلاث في كل شه، يتمنى علي لو أن لديهم المال الكافي لشراء خزان (وايت) يقول: "ريت والله وإحنا نقدر نشتري لنا وايت ماء بدل ما أكون اسايب ماء أنا وأخوتي من الصبح وأقدر اسير المدرسة بس أبي ما بش معه زلط".
الجهد الذي يبذله الأطفال جراء جلبهم المياه في وقت مبكر من كل يوم يفقدهم التركيز في المدرسة ما يؤثر على مستقبلهم تقول احدى المعلمات.
"يأتي علي وهو متعب ولا يستطيع التركيز مع الدرس بسبب التعب وأحيانا أخرى ينام في الحصة وعندما سألته لماذا لا تنام في المنزل يخبرني أنه يكون منشغلا ليلا بكتابة واجباته والصباح الباكر يصحوا لجلب الماء لأسرته ويأتي للمدرسة وهو يشعر بالنعاس من التعب".
ضغط وإجهاد
كمية المياه التي تحتاجها أسرة علي ضاعفت ما يتعرض له من ضغط وإجهاد.
نسي علي أو تناست أسرته في ظل أجواء الحرب حق هذا الطفل وإخوته في الرعاية والتعليم، تقول شقيقة علي " بنسير أنا وعلي ندي لنا الماء كل يوم وهو يحمل دبات أبو 20 لتر وأنا 10 لتر لأن إحنا بنحتاج يوميه أنا وأخوتي في البيت أربع أو خمس دبب" (80 – 100 لتر) .
يعاني علي من انزلاق في عموده الفقري بسبب حمولاته اليومية من المياه وتسوء حالته كل يوم بفعل استمراره في ذات الجهد والضغط ما بين تعجل إيصال المياه ومحاولات اللحاق بطابور المدرسة.
تحمل علي مسئولية الأسرة منذ تعرض والده لإعاقة تحمل على إثرها مسؤولية العائلة هو وبقيه أخوته.
مسؤولية الكبار
يتعرض الأطفال لمشاكل صحية ونفسية بسبب تحملهم مسؤوليات الكبار ومنها جلب الماء من أماكن بعيدة
تقول الدكتورة منيرة النمر وهي أخصائية نفسية " تعرض الأطفال للضغوط ومقارنة أنفسهم بأقرانهم الآخرين في المدرسة قد تنتج عنه مشاكل نفسية تجعلهم أكثر حقدًا وعدوانية على المجتمع نتيجة الشعور بأنهم مظلومون".
لا تختلف معاناة علي عن شقيقته الصغرى سارة (اسم مستعار) فكلاهما يعيشان ذات الظروف بعد تعرض والدهما لشظية قذيفة جراء الحرب أفقدته رجله اليمنى وتسببت في فقدانه عمله في إحدى الشركات الخاصة ليعمل بعدها بائعا للبطاط أمام بوابات المدارس بمساعدة طفلته سارة ذات الثمانية أعوام بعد رجوعها من جلب الماء مع أخيها علي وأخيها أحمد من خزانات السبيل.
تعمل سارة في مساعدة أبيها وهو العمل الذي حال دون دخولها المدرسة رغم كونها تعمل في بوابتها طوال ساعات الدوام.
تقول سارة والدموع تملأ عينيها " كل يوم بين أبسر صاحباتي داخلات المدرسة وأتمنى لو أنا معاهن "
يصنف استخدام الأطفال لجلب الماء ضمن عمالة الأطفال وقد كفل القانون اليمني للطفل حقه في الرعاية الصحية وحقه في التعليم وغيرها من الحقوق
وبحسب المحامي والاستشاري القانوني حميد الحجيلي لـ"نشوان نيوز"، فإن القانون اليمني رقم 45 لسنة 2002م مادة (69) ينص على أن "للطفل على الدولة حق اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الفعالة لإلغاء الممارسات الضارة بصحته وجرم مرتكبي ذلك".
تكفل القوانين الوطنية والوثائق الدولية حقوق الطفل غير أن السؤال العالق هنا متى سوف تصل تلك الحقوق إلى هؤلاء الأطفال؟
" تم إنتاج هذه المادة من قبل شبكة إعلاميون من أجل طفولة آمنة التي يديرها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وبتمويل من اليونيسف (منظمة الطفولة)".
عناوين ذات صلة: