إلى حميري تزنبل (شعر)
قصيدة المثنى الهمداني بعنوان: إلى حميري تزنبل (شعر)
تُرى ما الذي سوف يحكيهِ عنكَ المدى حينَ يُسألْ؟
وماذا ستروي الحكاياتُ عنك سوى ما أتيتَ؟
وماذا سيقرأ عنكَ التلاميذُ فيما سيأتي من الدهرِ
إلا خُلاصة ما خطّهُ الدهرُ عنكَ وسجَّلْ
وماذا سيعرفُ عنكَ الذين ستُنجِبهم هذه الأرض
غير الذي جاءها منكَ
إذ أنهُ ليس سِراً ليُخفى
وليسَ قليلاً ليُهملْ
وليسَ قليلاً بأن يذكر الدهرُ أن الفتى الحميريَّ اليمانيَّ فعلاً (تزنبل)!!
هو العارُ
إن كنتَ لا تخجلُ اليوم منهُ
ففي أي يومٍ سيأتي
ومن أي فعلٍ مَعِيبٍ ستخجل؟!
تصاغرتَ
هنتَ
استطبتَ الهوانَ
فكان هوانُكَ سهلاً عليكَ
وكنتَ عليه من السهل أسهل
تمكَّن منكَ السُلاليُّ عقلاً
فصدّقتَ منه الذي ليس يُعقل
وصدقت كذبة أن الدخيل السُلالي أطهر منكَ دماءً
وأرفع منكَ سماءً
وأشرف منك انتماءً وأنبل!!
تجاهلتَ كونكَ من قومٍ مجدٍ
تناسيتَ أنكِ من نسلِ معدٍ
غفلتَ
فلم تدرِ أن السُلالةَ تنظيمُ سطوٍ
وأنَّ السُلاليَّ مُحتل
جهلتَ كثيراً
كثيراً جهلتَ
ولازلتَ تجهل
ولازلت -كي يستريح السلاليُّ- تشقى
ولا زلت -حتى يعيش السلاليُّ- تُقتَل
على الوهمِ تجري وراء الخرافاتِ
تطوي بكف الهوان المسافاتِ
تجري ومجراكَ غيُّ وذلٌّ
وتمضي وممضاكَ عن وجهِةِ الحقِ مُقفل
لماذا؟
وهل كان أجدادك الغر يرضون هذا الخنوع لترضاهُ أنتَ
وهل كان أن قبلوا الذُّل يوماً لتقبل!!
(تُرى ما الذي سوف يحكيهِ عنكَ المدى؟)
ويُعادُ مِراراً عليك السؤالْ
يلحُ على أن ينال الإجابة منك فيصعب جداً عليه المنالْ
وتعجزُ أنت عن الردِّ
تعجزُ حتى عن الاحتمالْ
تُرى ما الذي سوف يحكيهِ عنكَ الزمان الذي سوف يأتي؟!
وتخجل حتى الإجابات من أن تُقال
وتأملُ حتى الحقيقة لو كان في وسعها أن تُبدّل
ولكن وجه الحقيقة لا يتوارى طويلاً بما يحتوي
إنما قد يؤجَّل
ويوماً سيفرغ في مسمع الناس منك الثمالةْ
ستعلق في كل ذهنًَ كرمزٍ لمعنى السقوط ومعنى النذالةْ
ويعرف كل الذين سيأتون كيف ارتديت لباس الخنى ونزعت الجلالةْ
وكيف تركت الهدى عامداً واتبعت الضلالةْ
وكيف تنكّرتَ للأرضِ،
للأهلِ
للأخوةِ الأوفياءِ
وكيف أسلت دماهم لتروي عروق السُلالة