اهتمامات

الحوثي عدو السلام

سعاد الحدابي تكتب من يوميات مدينة تحت الحصار 104: الحوثي عدو السلام


" على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فإن الحرب ستضع حدا للإنسانية" جون كنيدي

هل رأيتم مستثمرا يرفض الربح؟ أو تاجرا يفرح بكساد تجارته؟
هل تعتقدون للحظة واحدة أن أولئك الذين قفزوا إلى أعلا هرم الثروة في ست سنوات يمكنهم التراجع عن مشروعهم الذي أوصلهم إلى جزيرة الكنز وأدخلهم مغارة علي بابا؟
إن الحوثيين يرفضون السلام ليس لأن شروط المباردة السعودية لم تفصل على مقاس كروشهم المنتفخة من عائدات الحرب، وليس لأنهم يقاومون العدوان الذي أهدر كرامة اليمنيين – كما يدعون- فما فعلته مسيرتهم باليمنيين تجاوز إهدار الكرامة إلى إهدار الأرواح، وما يعانيه اليمنيون من مسيرة الموت الحوثية لن تحصيه مقالات ولن تلم به ملفات..
فالمتتبع لمسيرة الحوثيين منذ دماج والجوف ومرورا بأرحب وصنعاء ويريم وعدن والضالع وتعز ثم الحديدة وحجة يشبه ما فعله النازيون في حروبهم، فلم يتركوا عرفا إلا وانتهكوه، ولا قيما إلا وداستها مسيرتهم.

تلك المسيرة التي انطلقت من كهوف مران ابتلعت في طريقها خيرات الوطن؛ لتحدث طفرة ثرائية غير مسبوقة للمتنفذين من المكتب السياسي والمشرفين بصنعاء. المسيرة التي جعلت من اليمن سوقا سوداء وتاجرت بمعاناة الناس وأقواتهم، بل و صيّرت بائع القات في سوق الطلح تاجرا يمتلك العقارات، وجعلت من الجاهل الأمي مفوها يحرك جموع المبردقين نحو الموت ليصل بمشروعه السلالي إلى منابع النفط، هذه المسيرة لا تريد السلام،

ولن تقبل بما يقوض نفوذها، فهي تحشد حشودها نحو الشرق لأن جبايات صنعاء وصعدة وإب وذمار وسفن الإغاثة التي ترسو على ميناء الحديدة، والتلاعب بأسعار العملة لم يعد يكفي شركاء السطو السلالي على أملاك اليمنيين.
فالحوثي لا ينوي إيقاف الحرب؛ لأن الحرب هي التي أوصلتهم لمقاليد السلطة وتقاسم مؤسسات الدولة، وهي ذاتها التي ستبقي لهم نفوذهم وسطوتهم، فهل يتخلون عن أطماعهم لمجرد مبادرة؟
وبتوصيف أكثر قبول الحوثيون بالسلام يعني قطع الوريد لكل ما يمدهم بالاستمرارية، يعني تجفيف منابع الثراء، وهو مالم يقبله تجار السوق السوداء الذين أوصلوا اليمن إلى حافة الانهيار، والحوثيون ليسوا على عجلة من أمرهم فلا زال المخزون البشري" صنعاء، صعدة، ذمار، إب، عمران، المحويت" تحت سيطرتهم، ولا زالت منافذ وصول السلاح وخبراء التدريب يحركون بوصلة الحرب، يؤكد ذلك حملتهم المتواصلة للهجوم على مأرب، مأرب التي تعني نهر الذهب الأسود، الذي يحلم الحوثيون بالوصول إلى منابعه، وفي سبيل الوصول إليه يدفعون بأبناء القبائل إلى الموت. فهل أدركتم لمَ يرفض الحوثيون أي مبادرة سلام.

لأن الحرب هي السبيل الوحيد لبقائهم، وتوقف هذه الحرب -التي جاءت بهم من مزارع القات في صعدة إلى دار الرئاسة في صنعاء- يعني الانتحار لمسيرة تقوم على امتصاص دماء أبناء اليمن وتتاجر بمعاناتهم وأقواتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى