اهتمامات

يوسف محمد عبدالله في ذمة الله!

مصطفى بهران يكتب: يوسف محمد عبدالله في ذمة الله!


لم يكن عالم الآثار والتاريخ اليمني القديم الاستاذ الدكتور يوسف محمد عبدالله باحثاً واكاديمياً ومؤرخاً عادياً، بل استطيع القول، وليسمح لي زملائه وأقرانه وتلاميذه بذلك، استطيع القول بأنه كان صرحاً بذاته بعلمه ومعرفته وشخصيته وخلقة، بالنسبة لي التصق اسمه من خلال ابحاثه بكل من أبو محمد الحسن بن أحمد الهمداني والنقوش اليمنية القديمة في نفس الوقت، وهذا الالتصاق ذو معنى فريد ليس فقط لان موضوع النقوش اليمنية القديمة ذو مكانة خاصة في علم التاريخ اليمني القديم بل أيضاً لأن الهمداني صاحب الاكليل والجوهرتان العتيقتان (الأقرب إلى قلبي شخصياً) هو الشخصية الأكثر أهمية في ذهني كأول عالم تجريبي ومكتشف للأكسجين قبل بريستلي ولافوازيه بمئات السنين!

أتذكر حينما عاد من المانيا حاملاً الدكتوراه في أواخر السبعينات مع دخولي إلى جامعة صنعاء كتلميذ، أتذكر كيف كان يلمع في عيناي وكيف كنا ننظر إليه بإعجاب وإكبار كطلاب بالرغم من كوننا في العلوم وهو في التاريخ والآثار، وكيف نشأت معرفة وصداقة جميلة معه منذ ذلك الحين، وقد كانت أخر مرة التقينا فيها في منزل الحبيب المشترك الراحل الدكتور عبدالكريم الأرياني، وتجدر الإشاره هنا أن للفقيد اعمال عظيمة مشتركة مع حبيب مشترك آخر (وهو شقيق حبيبنا الأول) وهو الراحل الاستاذ مطهر الإرياني طيب الله ثراهم أجمعين.

هذا زمن الموت، بسبب كورونا في العالم ولأسباب متعددة في بلادنا من ضمنها ربما ألم وقهر القلوب الحرة النظيفة مما آلت إليه اليمن وأضحى عليه اليمنيين في الداخل وفي الشتات، نعم، أقول الشتات وهو المصطلح الذي يستخدمه إخوتنا الفلسطينيون لوصف الشتات بسبب الاحتلال!

يموت اليمنيون في الداخل ويموتون في الخارج ونودع من الناس من ننظر إليهم بفخر أمثال استاذنا الدكتور يوسف محمد عبدالله، ونودع بحزن كل يمني أو يمنية في هذا الزمن الصعب، ونألم ونتألم ولكن الزمن لا يكترث، الزمن لا يكترث مثله مثل المجرمين الذين أوصلوا العباد والبلاد إلى ما نحن فيه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

رحم الله استاذي وصديقي الدكتور يوسف محمد عبدالله وطيب ثراه ورحمنا بذكره وذكراه، فمن الناس حين يذكرون تهب نسمة طيبة عطرة ويحضر الرضى فيخال لنا بأنهم حولنا أحياء يرزقون!

أوتاوا - كندا
٤ أبريل ٢٠٢١
صفحة الكاتب

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى