الحرب والسلام وعيال طالب
د. أروى الخطابي تكتب: الحرب والسلام وعيال طالب
وأنا أشاهد وأتابع دعوات السلام ومؤتمرات السلام وندوات السلام وحوارات السلام ومقالات السلام في الصحافة والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعية أضع يدي على قلبي وأقول "سلام ايه اللي جاي تقول عليه" أولا، ثم اضرب كفاً بكف.
نعم يا أعزائي.. لا يوجد مجنون يريد الحرب فما بالكم بعاقل. من قال إن أي إنسان في العالم لا يريد العيش بسلام وهدوء يربي أولاده ويحقق سعادته وينجز طموحاته.
طبعا الجميع بدون استثناء يريد سلاما ولكن لأن الحياة لا تمنح السلام مجانا ولا تعطيه مكرمة، لذلك فإن طبول الحروب تقرع عبر العصور والأزمان، بالأمس واليوم وغدا وبعد مائة عام. لذلك الإنسان الذي ترك فيروس كورونا يجتاح العالم منذ أكثر من عام دون أن يستبق توقع انتشاره، قد صنع أسلحة تدمر الأرض والمجموعة الشمسية بل ومجرة درب التبانة عشرات المرات. وما يزال الانسان يطور أسلحته المرعبة المدمرة باستمرار.
نحن في اليمن لم نعرف مرحلة استقرار مطلقا منذ سلمنا زمام أمورنا وناصية قدرنا للأجنبي فجاءتنا شعوب لا تحصى لاحتلال أرضنا من اليونان والرومان والأحباش والفرس والقرشيين الأمويين والعباسيين، العثمانيين والبرتغاليين والمماليك والإنجليز والروس وصولا إلى يومنا هذا تكون اليمن قد أصبحت اكثر بقاع الأرض احتلالا. فكل من له ثأر عند أحد جاء ليصفيه في اليمن.
احترب بنو أمية وبنو هاشم وجاءوا يصفون حروبهم في اليمن. احترب الأمويون والعباسيون وجاءوا يصفون حروبهم في اليمن. احترب العباسيون والعثمانيون وجاءوا يصفون حروبهم في اليمن. احتربت أمريكا وروسيا وجاءوا يصفون حروبهم في اليمن.
اليوم يحترب السعوديون والإيرانيون ويأتون ليصفوا حروبهم في اليمن. ليس هناك جديد على الأرض.
حروب.. حروب.. حروب.
السلام المتقطع ليس إلا استعدادا لحروب أشمل وأعنف وهذا هو ما يحصل حاليا.
يظن دعاة السلام أن الحرب ممكن تتوقف بتصريح جون بايدن وإرسال مبعوثه الخاص لعصر آذان "الأطراف المتنازعة" كما يحلو للوبيات المنظمات العابرة للقارات أن تسميهم.
يظن أصحاب حمائم السلام وأغصان الزيتون بأن السلام سوف يتحقق بمجرد الضغط على زر السلام في البيت الأبيض فتظهر الألوان الخضراء في المراقد المقدسة في طهران وعلى برج فندق الكونتاننتل في مكة.
يظن دعاة السلام بأن ست سنوات حرب كفاية، ويطلقوا زامل "قبح الله وجهك يا الذليل.. عاد بعد الحرايب عافية".
اسمحوا لي أن أخيب آمالكم وأن أعطل رجاءكم وأن أقول لكم لن يكون هناك سلام مطلقا. ليس لأني لا أريد سلاما ولا لأني مسعرة حرب، ولا لأني أعلم الغيب، ولكن لأني أستقرئ الواقع على الأرض. أستقرئ إحداثيات الحرب وحوادثها واتجاهاتها، أستقرئ طموحات قادتها وأستنطق مجمل تفاصيل أهدافها.
يكفي أن يكون الشعار هو تحرير فلسطين لتستمر الحرب إلى يوم القيامة.
السلام سوف يجبر عيال طالب أن يسلموا مرتبات لذلك سوف تستمر الحرب. السلام سوف يلزم عيال طالب أن يؤسسوا مشاريع ويقدموا خدمات للناس لذلك ستستمر الحرب. السلام سوف يطالب عيال هاشم بالاعتراف بالمساواة مع الناس لذلك ستستمر الحرب.
الحرب منهج حياة بالنسبة لعيال طالب.. يتحول الإنسان اليمني إلى مجرد مخلوق مثله مثل أي ثور أو ماعز أو كبش في حظائر آل طالب يحرث به في السلم ويحمله عبء الأحمال الثقيلة، ويحارب به في وقت الحرب ويلقمه للموت بلا أدنى خجل.
لذلك أقول لكم لا سلام إلا بعد القضاء على النازية والداعشية لعيال طالب وتدفيعهم الثمن غاليا عن كل الجرائم التي اقترفوها منذ أكثر من 1300 سنة في أرض حميَر.
عناوين ذات صلة: