آراء

مرة أخرى عن قرار جامعة صنعاء.. كارثية لا يجب تجاوزها

د. لمياء الكندي تكتب: مرة أخرى عن قرار جامعة صنعاء.. كارثية لا يجب تجاوزها


كنا فيما سبق قد تحدثنا عن قرار جامعة صنعاء بتعيين المليشيات الحوثية مشرفا ثقافيا تعرض عليه جميع عناوين الرسائل والأطروحات الخاصة بالماجستير والدكتوراه في الجامعة.

ولعل هذا الجانب من مهمة المشرف الثقافي هو الذي تصدر المشهد الكارثي للقرار بحكم ارتباطه المباشر مع طلبة الدراسات العليا وأساتذة الكليات والأقسام العلمية فيها، فيما تغافلنا عن باقي الإجراءات والصلاحيات التي منحتها رئاسة جامعة صنعاء لهذا المشرف، وهي في خطورتها لا تقل عن قرار الموافقة المسبقة من قبله على الرسائل العلمية.

حيث ان من مهام المشرف الموكلة إليه أيضا:

1- مسؤولية "الحفاظ على الهوية الإيمانية في الجامعة"، وتحت هذا البند يبرز التكليف الجامعي للمشرف للعمل برؤية المليشيات وتنفيذ أجندتها السياسية والمذهبية والإعلامية بين الطلاب المنتسبين للجامعة، واتخاذ جميع الأنشطة لخدمة هذا التوجه بما يفرض استغلال جميع موارد الجامعة المادية والبشرية في هذا السياق، وفرض رقابة صارمة على أنشطة الطلاب الفردية تنتهي بجاسوسية شاملة لكل تحركاتهم بل وابتزازهم بحجج المخالفات لمشروع الهوية الإيمانية الحوثية.

2- "الإشراف الثقافي على تحديث وتطوير المقررات الدراسية للبكالوريوس والدراسات العليا"، ويحمل هذا التوجه الكارثي الذي يلامس الواقع التعليمي المباشر لطلاب الجامعة، كارثة فعلية على مستقبل التعليم في الجامعة، ومناهجها التي لن تخلو من تكريس رؤية الجماعة الجاهلة، ورؤيتها وتوجهاتها في عقول المنتسبين للجامعة، فبحجة التحديث والتطوير سيتم تأطير المناهج الجامعية بما يتوافق مع توجهات الحركة الحوثية فكريا وعقائديا وسياسيا، بما يعد انتهاكا صريحا للعلوم بكل مجالاتها وتخصصاتها.

3- إعداد البرامج والخطط الثقافية، إضافة إلى البرامج الإعلامية في الجامعة، وهذا سيكون مرتبطا بمشروع "الحفاظ على الهوية الإيمانية"، أي انه سينطلق من خطب وتوجهات وتوصيات عبدالملك الحوثي مباشرة، وسيتم من خلاله مواصلة حملة التجريف للهوية الوطنية والوعي الوطني لصالح الحركة، ويرتبط هذا القرار قرار التنسيق المخولة للمشرف مع المؤسسات والمكاتب الثقافية، ما يعني تداخل النشاط الجامعي مع غيرة من أنشطة الجماعة الثقافية خارجها، ليكتمل بذلك مشروعهم الثقافي في استغلال جميع مقدرات الجامعة مخصصاتها لصالح الشبكات المرتبطة معهم ثقافيا وامنيا وعسكريا، وجميعها ستمتثل في مشروع واحد لخدمة الغاية العامة في احتكار جميع التوجهات الفكرية والثقافية والبشرية لصالح الجماعة.

4- يأتي قرار المراجعة الثقافية لعناوين أبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه، إضافة إلى قرار الإشراف الثقافي على الأداء الاكاديمي، كقرار رقابي بامتياز يستهدف المتقدمين للدراسات العليا، إضافة إلى جميع أعضاء هيئة التدريس الذي يخول المشرف الثقافي المواجهة معهم، وإلغاء حريتهم وأنشطتهم البحثية والعلمية وحتى الشخصية، ووضعه كرقيب وكمقص مسلط على كل أداء اكاديمي يقومن به، بل لقد شمل هذا التكليف ان منح المشرف الثقافي مراقبة أي نشاط واي مهام يقوم بها رئيس الجامعة أو مجلس الجامعة، بما يعني ان يحمل المشرف حق مراقبة وتوجيه المهام والأنشطة الأكاديمية، حتى على اعلى سلطة في الجامعة ممثلة "برئاسة جامعة صنعاء"، التي منحته الموافقة على مثل هذه المهزلة.

5- ويأتي من ضمن القرارات التي كلف بها المشرف أو السلطة الإشراقية والرقابية العليا في جامعة صنعاء، قرار منحه الإشراف على مراجعة جميع العناوين وقوائم الكتب في المكتبات الجامعية، وبذلك سنكون أمام مذبحة فكرية وعلمية بالدرجة الأولى تهدد الكتب والتراث الثقافي في مكتبات الجامعة ، تمهد لإخفاء وأتلاف وأحراق الأف الكتب الثقافية والعلمية والأدبية الإبداعية، التي كتبها رموز اليمن وعلمائها ومفكريها وأدباءها وسياسيها وحكمائها، كي لا يتسنى لطلاب الجامعة والباحثين الوصول إليها.

أننا أمام ذلك التجريف والاستهداف المتعمد للهوية الوطنية الثقافية، وللسيادة العلمية، وتسليمنا طلابا ودكاترة وباحثين ومختصين بهذه الإجراءات نكون قد وضعنا أنفسنا أمام محرقة ثقافية وتنويرية تاريخية لن نتمكن تجاوز آثارها لعقود طويلة.

ومن هنا أدعو كافة العاملين والمؤثرين في الوسط التعليمي في جامعة صنعاء وفي كل الجامعات اليمنية وكل أصحاب القلم والفكر إلى مقاومة هذه القرارات الكارثية على واقع تعليم أبنائنا وبناتنا ومستقبلهم في جامعة صنعاء، وكبح لجام هذه الجماعة بكل الوسائل.

والله المستعان.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى