أبحاث

المعنى الأخلاقي للنصر والهزيمة

د. لمياء الكندي تكتب: المعنى الأخلاقي للنصر والهزيمة


من المؤكد ونحن نخوض حربنا ضد المليشيات الحوثية بروز الفارق الأخلاقي لهذه الحرب، فشتان بين من يقاتل كي يستعيد ذاته وهويته اليمنية، وبين من يقاتل لاستعادة ذاته الإمامية، التي يتم حصرها وتجييش القوى الداخلية لاستكمال مشاريع الدجل والولاية وفرض نفاذها إلى وجدان الأمة اليمنية، لتحولهم إلى قطعان بشرية هالكة لا تعرف من قيم العدالة والمواطنة والحرية إلا قيمة الولاء العبثي المطلق للجماعة الإمامية الغاصبة.

مهما بلغت درجة الترويج الحوثية لمشاريعها تحت سقف الوطنية ومقاومة العدوان كما تدعي، إلا أن سياستهم اللاأخلاقية تثبت بطلان دعواهم، فقد سئمنا حجم التظاهر والاستغلال الحوثي للقيم الدينية والسياسية والأخلاقية، ونحن نشاهد سلسلة الادعاءات الحوثية وتعلقهم بالمظلومية الشعبية التي تقع على النقيض تماما من ممارساتهم، وأخلاقياتهم في إدارة نواحي الحياة للشعب المرتهن تحت سلطتهم.

فإذا كان هناك ثمة من مظلومية لدى هؤلاء الأدعياء، فهي مظلوميتهم الخاصة بسلالتهم مظلومية آل البيت التاريخية، التي شرعت قتل اليمنيين عبر عصورها وحتى واليوم.

على الشعب اليمني وكل المقاومين والمناهضين لمشروع هذه السلالة أن يكونوا على ثقة بأن حربنا ضدها هي حرب وجود، حرب أخلاق وتاريخ وحاضر ومستقبل، هي حرب اليمنيين لأجل اليمن، حرب الحريات والمساوة ضد الحصر العرقي لأفضلية السلالة.

علينا أن لا نُخضع قانون حربنا معهم لمنطق الربح والخسارة، النصر والهزيمة، بمعايير القتال الحالية، فهناك فارق أخلاقي جوهري بين من يقاتل من أجل شعبه وكرامته وحريته، وبين من يقاتل لأجل سيده وسلالته.

حتى على المستوى العسكري والتضحيات التي يدفعها المجاهدون والمقاومون من أبناء الجيش والقبائل المدافعة معهم رغم الخسائر المؤقتة، هناك فرق بين من يستشهد اليوم ويضحي وهو يدافع عن تراب الوطن وجمهوريته وحرية شعبه، وبين من يقتل وهو يدافع عن عنصرية الحكم واستبداد السيد.

وسواء طالت الحرب أو قصرت، تقدمت الانتصارات أو تأخرت، لابد لزرعنا الغالي أن يحصد انتصارًا لجمهوريتنا، ولابد لجحافل المعتدين أن تنهزم، لابد أن يكون يوم الشهيد المدافع عن أرضه وعرضه، وجمهوريته يوما خالدا في تاريخ هذه البلاد، فهم أصحاب المجد الذي لن تغيبه الهزيمة، والشرف الذي لن يُدلسهُ انتصار البغاة.

وعليه فإن سقوط المواقع بيد الحوثيين، لا يعني سقوط القيم الأخلاقية والجمهورية لنا كشعب مقاوم، تلك القيم التي آمنّا ولا زلنا نؤمن بها هي نبراسنا في طريق النصر الكامل.

لنكن على يقين بأن النصر آت لا محالة، علينا أن نتذكر أحرار سبتمبر وهم يدافعون ويبذلون التضحيات الجسيمة، عندما كانوا يقاومون سلطان بيت حميد الدين. علينا أن نتذكر نتائج ذلك الكفاح ومرارة التضحية وتكلفة الكرامة التي بذلوها.

لم تثنهم الانكسارات أمام الإمامة ولم تجبرهم على أن يغيروا مسارات كفاحهم، كانت أخلاقهم جمهورية فقادتهم إلى النصر الجمهوري، وستظل أخلاقنا أيضا جمهورية، وستقودنا حتما إلى نصر جمهوري آخر مهما كانت العوائق والصعوبات فهذه عقيدة كفاح ومشروع حياة وأخلاق قتال وغاية شعب.

زر الذهاب إلى الأعلى