الشاعر

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - الشاعر

في الذكرى السادسة عشرة

لغياب الشهيد الشاعر زيد الموشكي

- 1 -

وبكلِّ أحزاني،

بما في العينِ منْ دمعٍ

بما في القلبِ منْ شوقٍ جريحْ

صارعْتُ أشباحَ الظلامِ

وقفْتُ مقتولاً أصيحْ..

كانَ الرِّجالُ هناكَ في المنفى

وكانتْ قريتي مذبوحةَ الأحلامِ

تنتظرُ المسيحْ،

الجوعُ يمضغُ وجهَها

واللَّيلُ يشربُ دمعَها

لا شيءَ في قلبِ الزِّحامْ

لا شيءَ غيرُ نُجَيْمَةٍ خضراءَ تلمعُ في الظلامْ

والشِّعْرِ،

والأملِ الكسيحْ.

- 2 -

ومضيتُ أزرعُ في شفاهِ الأرضِ

أزهارَ الكلامْ

ومسحْتُ عنْ شمسِ العيونِ السُّمْرِ

آثارَ الوُحُولْ

أطعمْتُ لحمي للعصافيرِ الصغيرةِ

حينَ أجدبَتِ الحقولْ

ومشيتُ بينَ الناسِ عريانَ العظامْ

فخجلْتُ منْ لونِ العظامْ

قدَّمْتُها للنارِ فاشتعلَتْ،

أضاءتْ للخرائبِ والطُّلُولْ

ودمي كتبْتُ بِهِ القصائدَ

كلُّ بيتٍ قريةٌ تشكو

مقاطعةٌ تصولْ..

هل آنَ أنْ تتمرَّدَ الصَّحْراءُ،

أنْ تأبى على الصمتِ الخيامْ

أنْ يسمعَ الشعبُ الكسولْ؟

- 3 -

وذبحتُ صمتي

وانطلقْتُ إلى حَواري قريتي

كانَ الظلامُ مخيِّماً

النجمُ كانَ دليلَ مركبيَ الحزينِ

وكانتِ الأشعارُ زيتي

والمحبَّةُ شمعتي،

صوتي غريقْ

قدمايَ مصلوبانَ في وجهِ الطريقْ

كم مَرَّةً ألقتْ بيَ الأشباحُ في قلبِ الحريقْ

فخرجْتُ (إبراهيمُ) في ثوبي

و (جبرائيلُ) يمسحُ دمعتي.

أأعودُ.. كلاّ لنْ أعودْ

أصبحْتُ أعشقُ كلَّ عاصفةٍ

تنامُ بقلبيَ الظّامي ملايينُ الرُّعُودْ.

اللَّيلُ..

أعرفُ أنّهُ ما زالَ موفورَ الجنودْ

الرُّعْبُ..

إني قد عرفْتُ بِهِ الوجودْ.

- 4 -

ومضغْتُ حزني

والتهمْتُ مخاوفي

ومضيْتُ..

كانَ (الدِّيْكُ) يحلمُ بالنهارْ

لم تُنْسِهُ السِّكِّينُ - يسمعُ صوتَها -

حبَّ النهارْ

سيجيءُ..

هذا صوتُهُ،

صوتُ القطارْ

أتراهُ؟

إني منْ بعيدٍ ألمحُ الرُّبّانَ

والعَجَلاتِ منْ خلفِ الغبارْ.

أأنامُ؟

هل ألقي شِباكي في بحارِ الصمتِ؟

لا.. فالصمتُ عارْ

ما زالَ صوتُ (الدِّيْكِ) يحفرُ في الجدارِ

إلى القرارِ

إلى القرارْ.