سبتمبر التوحيد
د. أحمد ردمان يكتب في العيد الـ59 لثورة اليمن: سبتمبر التوحيد
تتكفل الحركات البشرية العظمى بصناعة تحولات جذرية في حياة الناس بمختلف المجالات وخاصة منها المجال العقدي الذي تنبثق عنه التصورات والتشريعات والقيم في حياة الأمم.
ولعل المهمة الأولى للأديان السماوية تتمثل في تصويب مسار التوحيد عن الزيغ والانحراف المتمثلان في تأليه وتقديس وعبادة غير الله، ولقد كانت الرسالة المحمدية خاتمة الرسالات بمضامينها التوحيدية الخالصة بعيدا عن الشركيات التي كانت سائدة في الجزيرة العربية.
ومع مرور الزمن، وفي غمرة النزوات البشرية، وبفعل الغرائز المشبوبة بحب السلطة والمال انبرى الأشقياء من أمة الإسلام للقيام بتجهيل الأمة عن نهجها التوحيدي، والانحراف بها نحو الخرافات الشركية التي تجعل من بعض الأشخاص الذين كانوا يسمونهم ب"الأولياء" شركاء لله في النفع والضر وبالتالي في الابتهال والخوف والرجاء والدعاء.
ولقد تولى كبَر صناعة الشركيات في النفوس سلالة الرّسي التي جعلت منها قنطرة نحو تحقيق أهدافها السلطوية فتفننت في إيهام اليمنيين بأن نفعهم الدنيوي والأخروي لا يتحقق إلا عبر هؤلاء الأدعياء، وأن في مخالفة نهج السلالة مخالفة لشريعة الله فانتشرت الشركيات في ثقافة الأمة، وأصبحت القبور للناس ملجأً، وأضحت بيوت الكهنة ملاذا للمرضى وذوي الحاجات على أمل الشفاء والقضاء من قبل هذا السلالي الدعي أو ذاك، وحينها ذابت معاني التوحيد النقية في أنفس الكثير من اليمنيين، واستمر السبات قرونا إلى أن أتى سبتمبر فأعاد لبوصلة اليمنيين العقدية وجهتها الصحيحة نحو خالقها بعيدا عن التبرك بالأدعياء أو التقرب من قبور الأولياء.
لقد كان سبتمبر صيحة في وجه الشرك قبل أن يكون صيحة في وجه الكهنوت والاستبداد ذلك أنه قد أعاد للتوحيد نقاءه بعد أن لوّثته السلالة لمئات السنين.
إن سبتمبر لم يكن ثورة سياسية فحسب، إنما هو تصويب توحيدي، وتصحيح تشريعي، وعقد اجتماعي عادل، ورؤية سياسية واقتصادية وحياتية صائبة.. ولهذا فهو شهر عظيم ينبغي الاحتفاء به كما يليق بفضله، ولعل أعظم احتفاء يتمثل فيما يقوم به أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من حصاد لكهنة السلالة في كل الميادين.
- صحيفة ٢٦ سبتمبر